إجبارية "جواز التلقيح" بين تونس والمغرب.. الفروق الخمسة بين الإجرائين
الكاتب :
نوفل البعمري
نوفل البعمري
في إطار محاولة إضفاء المشروعية على بلاغ الحكومة المغربية بإجبارية جواز التلقيح، يورد البعض مثالَ تونس، لكن ما لا ينتبهون إليه هو أن هناك فرقا كبيرا بين ما قامت به تونس، وما قامت به حكومة المغرب، وسنورد بعض الأمثلة على ذلك:
1- تونس أصدرت إلزامية استعمال جواز التلقيح بقانون، في حين في المغرب أقرته الحكومة ببلاغ وبتصريح صحفي لوزير الصحة، وهناك فرق كبير بين الإجرائين، بين إجراء تم فرضه بواسطة القانون، وبين إجراء في حالتنا المغربية تم فرضه بتصريح لوزير الصحة، والفرق بين الأمرين شاسع جدا.
2- تونس لم تطبق الإجراء إلا بعد استكمال مسطرة إصدار القانون، وأولها نشر القانون في الجريدة الرسمية، وهذا إجراء فيه احترام تام للقانون، في حين أن حكومتنا أعلمتنا بالقرار/الإجراء عن طريق تصريح لوزير الصحة.
3- تونس بنشرها للقانون في الجريدة الرسمية أعطت إمكانية واضحة لممارسة الطعن في دستورية هذا القانون، وحسمت النقاش القانوني، وفي المغرب مازلنا نناقش الجهة المختصة للنظر في الطعن في هذا القرار، لأن طريقة صدوره خلقت ارتباكا قانونيا.
4- أهم نقطة، في هذا الصدد، أن تونس حددت، في قانونها، مدة تطبيق هذا الإجراء في القانون بستة أشهر، حسب المادة العاشرة منه المنشورة في الجريدة الرسمية، وهذا ما أضفى عليه صبغة القرار والإجراء الوقتي... وفي المغرب، أعلنت حكومتنا عن هذا القرار دون أن تحدده بزمن محدد.. بمعنى أن تونس إذا كانت قد قيّدت حرية مواطنيها، فإن هذا التقييد مؤطر بالقانون ومحدد في الزمن... الحكومة المغربية، خرج وزير الصحة، أعلمنا بالقرار واختفى، مما يُعطي انطباعا أن قرارها قد يستمر معنا إلى ما لا نهاية.
5- في تونس، المرسوم سيدخل حيز التنفيذ بعد شهرين من نشره، أي أنه أعطى مهلة كافية للحكومة وللمجتمع، ومهلة للنقاش وللطعن، وكذلك مهلة للتلقيح... ولم يكن فجائيا ومباغتا كما فعلت حكومتنا.
لذلك، الفرق بين تونس والمغرب، في هذه النقطة، كبير وشاسع، ولهذا لو كانت الحكومة المغربية قد اعتمدت نفس المنهجية لكنا جميعا مدافعين عن قرارها، لأنه كان سيكون قانونيا، ووقتيا أي ظرفيا في الزمن، لا مفتوحا على المجهول، وكان سيكون مقبولا لعلمنا أن تنازلنا عن بعض الحقوق الأساسية سيكون محددا في مدة زمنية واضحة وبالقانون، لا بهذا الشكل العشوائي والمفتوح إلى ما لا نهاية...