الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

بن يونس المرزوقي: البلاغ الحكومي حول إجبارية "جواز التلقيح" بين الشكل والمضمون

 
بن يونس المرزوقي
 
سأنشر هنا ثلاثة مقتطفات من دراسة مفصّلة بخصوص "البلاغ الحكومي حول جواز التلقيح".. الدراسة المفصّلة ستُنشر لاحقا.. ولمن يريد وجهة نظري، فهي في المقتطف الثالث...
 
المقتطف الأول: تمهيد
سأنطلق من التذكير بأن القضاء قد يحكم بالبراءة أو حفظ الدعوى... فقط لأسباب مسطرية.. وأسرة العدالة تعي هذا جيدا..
فعلى الحكومة أن تستفيد من هذه المبدأ العام.. لأنه حتى ولو كان مضمون تدابيرها صحيحا ومقبولا، فإن المسطرة المتّبعة قد تكون سببا كافيا للإلغاء..
 
المقتطف الثاني: الأساس القانوني للبلاغ الحكومي
للبلاغات والبيات مكانة خاصة.. اجتهد القضاء الإداري في توضيحها.. جوهر الموضوع هو أنها لا تحمل أي قيمة قانونية على غرار الدستور أو القانون أو المرسوم.. (وتنطبق الملاحظة على "المناشير" التي لم نُعالجها هنا لأنها بعيدة عن موضوع "البلاغات")..
وحتى من الناحية اللغوية.. واضح أن البلاغ وسيلة للإخبار أكثر منها لاتخاذ القرارات..
لكن قانون الطوارئ الصحية.. الذي يجد أصله في المرسوم بقانون المؤرخ في 23 مارس 2020.. أدخل مصطلحات ومفاهيم جديدة..
أولا.. هناك في عنوان النص إشارة إلى أن الأمر يتعلق بسن "أحكام خاصة" بحالة الطوارئ الصحية..
ثانيا.. المادة الثالثة نصّت على آليات جديدة لاتخاذ التدابير.. من بينها "المناشير والبلاغات"..
لذلك، فمبدئيا.. البلاغ الحكومي المتعلق بجواز التلقيح يستند، بشكل أو بآخر، على مقتضيات قانونية واضحة..
لكن الأمر، في اعتقادي، ليس بهذه السهولة...
 
المقنطف الثالث: تساؤلات ووجهة نظر
أولا.. سيبقى السؤال مطروحا:
ما المانع من نشر البلاغ على موقع رئاسة الحكومة؟ أو موقع الأمانة العامة للحكومة؟
ثانيا.. لماذا أنا ضد آلية "البلاغ"؟
أعتقد أن واضعي مشروع قانون الطوارئ الصحية.. كان يحكمهم هاجسان:
من ناحية أولى.. الرغبة في اتخاذ التدابير بشكل سريع نظرا لخطورة الوباء..
ومن ناحية ثانية.. احترام تسلسل آليات العمل واختيار المناسب منها..
لنُـلاحظ معا..
المادة الثالثة من ذاك القانون تنص على ما يلي:
"... تقوم الحكومة، خلال فترة إعلان حالة الطوارئ، باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم".
النص واضح..
آليات العمل الطبيعية تتمثل في المراسيم والمقررات التنظيمية والإدارية..
وآليات العمل الاستثنائية تتمثل في المناشير والبلاغات..
المجموعة الأولى.. تتطلب إجراءات نوعا ما "ثقيلة"..
والمجموعة الثانية.. تتلاءم مع حالة السرعة..
النص استعمل بين المجموعة الأولى والمجموعة الثانية "أو"..
والسرعة تكون، وفق النص نفسه، من أجل "التدخل الفوري والعاجل"..
والحال أن الحكومة.. ولو كانت قد اتخذت "القرار" يوم الاثنين 18 أكتوبر.. فإنها اعتمدت إجبارية "جواز التلقيح" انطلاقا من يوم الخميس 21 أكتوبر..
لم يكن هناك ما يتطلب اللجوء إلى البلاغ في موضوع غير عاجل..
والأدهى من كل ذلك.. أن الحكومة كانت تُدرك أن يومي الثلاثاء والأربعاء عطلة دينية.. يتحرك فيها المغاربة.. وذاك مؤشر على أنه لم يكن هناك أي استعجال..
وبالتالي الأمر كان يتطلب آلية عادية، مرسوما أو مقررا تنظيميا أو إداريا..
"مقررا" وليس "قرارا"..
 
فاعل مدني وحقوقي و‏أستاذ باحث بكلية الحقوق وجدة