جلست بدافع الحاجة في مقهى في القنيطرة، وقد بدأت الرحلة باكرا إلى هناك. طلبت من النادل قهوةً وأنا أتحسس في جيبي الحلوى المعلبة بعدما اقتنيتها من دكان مجاور.
جاءني النادل بالقهوة وورقة الأداء ومعهما قنينة ماء صغيرة لم أر مثلها من قبل. دفعني الفضول لقراءة ما كُتب على "خصرها".
استغربت أن تكون قادمة من تركيا!
سألت مستنكرا النادل، فشاركني استنكاري، بل أضاف من عنده استنكارا أقوى...
هل لم يبق لهم غير الماء لجلبه من تركيا بعدما أغرقوا السوق المغربية بمنتوجات تشبه ما يصنعه المغاربة أو ما يمكن صنعه كالأثاث المنزلي والملابس وأدوات متنوعة!؟
صوّت البرلمان بغرفتيه في قانون المالية المعدل على الرفع من قيمة الرسوم الضريبية تجاه عدد من السلع، التي تنتجها المقاولات المغربية، حتى تستطيع هذه الأخيرة الحفاظ على استمراريتها وعلى التشغيل وعلى المساهمة الضريبية...
بينما هناك انتهازيون لا يهمهم ذلك. كل ما يهمهم هي مصالحهم الضيقة وإغراق السوق المغربي بمنتوجات مستوردة، وأحيانا رديئة.
أما المستوردون من تركيا، فيمكن طرح أكثر من علامة استفهام حولهم، وكذلك الذين يصرون على جلب سلع تنافس المنتوجات المغربية من أي دولة كانت. خاصة وأنه بعد ظهور وباء كوفيد-19، التجأت عدد من الدول لغلق أسواقها، ودعوة المستهلكين لاقتناء المنتوجات المحلية، وإقرار إرجاع الشركات المهاجرة إلى داخل البلد كما شرعت في ذلك فرنسا، وقبلها أمريكا.
ولكن من جانب آخر، على المقاولة المغربية تحرّي الجودة والإتقان والبيع بأثمنة معقولة..
ويمكن استيراد ما لا نصنعه، أو ما يدخل في التصنيع مما لا نتوفر عليه. ولكن ليس إلى درجة استيراد الماء من الخارج.