حين نقول إن المجتمع المغربي، الذي هو مجتمع أمازيغي، بحكم التاريخ والأرض واللغة والثقافة، هو مجتمع أميسي، يقدّس المرأة ويضعها في المرتبة الأولى، انطلاقا من الاسم تامغارت، أي أنها مؤنث أمغار رئيس المجموعة البشرية وزعيمها السياسي. هذا قبل أن يتعرض المغاربة إلى مسح ثقافي نتيجة عدة عوامل تاريخية واجتماعية أدت إلى فقدان المرأة لمكانتها وقيمتها المثلى والفضلى في المجتمع.
وتتجلى هذه العملية الانقلابية في لحظة تاريخية فارقة، وهي لحظة تحقير الملكة والأميرة الأمازيغية تيهيا، التي قاومت ببسالة وشجاعة من أجل أرضها وشعبها ومُلكها، لكن تم الاستصغار بها والتنقيص منها ووصفها بالكاهنة والساحرة... في المقابل، تم تمجيد عقبة بن نافع الفهري، الذي قام بغزوات شنيعة في حق الأمازيغ أثناء ما يسمى بغزوات الفتح، وقامت الكتابات الفقهية والسياسية والمناقبية بأسطرة شخصية عقبة بن نافع وجعله شخصية خالدة في التاريخ صنعت المعجزات، ومنذ ذلك الوقت، بدأت الثقافة الذكورية الأبوية...
في حين تم طمس تاريخ الأميرة تيهيا التي دافعت عن أرضها ببسالة... وتم إقبار ثقافة تيهيا ولغتها وحضارتها، التي جعلت من المرأة الأمازيغية أميرة شجاعة وزعيمة سياسية وقائدة عسكرية... وهي ثقافة أميسية تقدس المرأة وتحترمها...
الآن، ما يعيشه المغرب والمغاربة هو استعادة لتلك الثقافة الأمازيغية النبيلة... إنها عودة بطيئة وعميقة إلى مرحلة تيهيا...