الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الزميلان الجميلان عماد استيتو وعمر الراضي

عماد استيتو لعمر الراضي: عام آخر يغيّبك عنا لكنك أبدا تبقى بوصلتنا وتحيي الأمل فينا

 
رسالة مؤثّرة من الصحافي المغترب قسرا الزميل عماد استيتو إلى صديقه وزميله الصحافي المغيّب تعسفيا وراء القضبان زميلنا عمر الراضي وهو يهنئه بعيد ميلاده اليوم الاثنين 18 يوليوز...
 
 
عماد استيتو
 
عزيزي ورفيقي وزميلي وأخي عمر،
 
ها أنت اليوم تستقبل سنة جديدة من عمرك بعيدا عن العين قريبا من القلب، هو العام الثاني على التوالي، الذي تقضيه بعيدا عن عالمك وفضاءاتنا المشتركة.. عام آخر افتقدنا فيه ابتسامتك الدائمة مهما كانت الظروف قاهرة، افتقدنا شغفك بالحياة رغم قسوتها، لكن أكثر ما فقدناه من هذا التغييب القسري، الذي لا يحتمل، هو بحثك المستميت والمستمر عن الحقيقة، وبراعتك في التقاط الأحداث وتفكيكها، وبعد نظرك في تحليلها، وشجاعتك في طرح القضايا الجادة دون تردد، هذه الملكة التي كانت متوفرة فيك ولم تكن متوفرة في غيرك...
 
لا نخفيك أننا نشعر اليوم بفراغ رهيب وصوتك مغيّب، نتساءل كيف كنت ستقرأ الأحداث الجارية اليوم لو لم يأخذوك منا وجزء كبير منها توقعتَه وتنبأتَ به، أي نقاشات محتدمة كنت ستثيرها معنا.. وأي خطوط حمراء جديدة ستتجاوزها لتضع الأصبع على الجرح وتشير إلى المسؤول دون وجل..
 
رسائل والديك اليومية تذكرني بوطأة الأرقام ومرارة الأيام التي تقضيها هناك في السجن نيابة عنا جميعا، ثمن مكلف للغاية تدفعه لرفضك الانحناء وإصرارك على الخوض في ما يتجنبه معظمنا خوفا من دفع ثمن كالذي تؤديه أنت اليوم...
 
ماذا أقول لك يا صديقي؟
 
لم تعد الكلمات تسعفني كما في السابق، وها أنذا أجرب التعافي بالصمت والتظاهر بالحياة.. أعرف أن الأيام تمضي ثقيلة عليك لأنك محروم من سلطتك الوحيدة التي تمسكت بها: حرية التعبير في الفضاء العام.. لا بأس.. سنرجع يوما إلى تلك الأيام، فهذه الدار لا تبقي على حالها أحدًا..
 
نشتاق إليك.. عزاؤنا الوحيد أننا نعرف أنك بخير.. أنك لا تزال واقفا، صامدا في وجه المهزلة وساخرا من جلاديك.. أعرف أنك لم تخطط لتكون بطلا، لم تكن هذه من بين أحلامك وأمانيك، لكنهم، وهم يصوغون هذه المؤامرة بهدف تحطيمك وكسرك وقتلك، حوّلوك إلى رمز لنا جميعا، مصدر إلهام.. تزودنا من هناك -حيث ظنوا أنهم انتهوا منك إلى الأبد- بطاقة رهيبة وقوة هائلة نحتاجها لمواجهة هاته الأيام التي لا تسمى.. نكاد نهزم ونستسلم لكنك تحيي فينا الأمل.. أنت بوصلتنا.
 
كن بخير صديقي
كل عام وأنت حر عزيزي عمر
الصبح قريب جدا
لابدّ من الحرية وإن طال الزمان...