وزير العدل يرهب المجتمع باسم "القانون" لحماية الفساد والفاسدين
الكاتب :
"الغد 24"
محمد الغلوسي
وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يُجبر المغاربة على الاختيار بين منع الجمعيات من تقديم شكايات ضد المنتخبين الفاسدين لصوص المال العام أو رفع عقوبة الوشاية الكاذبة إلى عشر سنوات!
تصريح خطير يحتقر المغاربة، ويشجع على التمييز بينهم، ويجعل من المواطنة درجتين، تصريح يفيد أن الكرامة المتأصلة في بني البشر هي نوعان، نوع من الكرامة يخص جزءا عريض وكبيرا من المغاربة، ونوع ثانٍ يتعلق بالسادة المنتخبين المحترمين والمبجلين!
تفكيك تصريح الوزير يفيد أن عقوبة الوشاية الكاذبة الواردة في الفصل 445 من القانون الجنائي هي عقوبة هزيلة وضعيفة ولا بأس أن تبقى كذلك مادام أن الأمر يتعلق بعامة الناس بجمهور واسع من المغاربة، ولا يرى الوزير في تلك العقوبة أي حرج لكون الشكاية التي تم حفظها أو صدر فيها حكم بالبراءة هي موجهة فقط ضد أي شخص من العموم، ليست له أية مسؤولية عمومية، ولا يتولى أية مهمة انتدابية، فالمس بشرف واعتبار وكرامة مثل هذا النوع من البشر لا يطرح أي ملحاحية في تعديل النص الجنائي المذكور، لكن مادام أن الأمر يتعلق بشكاية ضد النواب والمستشارين المحترمين بالجماعات والبرلمان وانتهت بالحفظ أو البراءة، فإن العقوبة الواردة في الفصل 445 من القانون الجنائي تعد غير كافية، ويجب تعديل هذا الفصل ورفعها إلى عشر سنوات، أي أنها، حسب منطق الوزير، ستصبح جناية خطيرة!!! لأن تلك الشكاية مست بشرف واعتبار وكرامة صفوة الناس، لأنهم جديرون بالحماية أكثر من غيرهم، وكرامتهم ثمينة جدا، لذا فإن الأمانة والمسؤولية تطوّق عنق الوزير وتفرض عليه التدخل الحازم لتعديل هذا الفصل إذا كان القانون سيحتفظ للجمعيات بحق تقديم الشكايات ضد المنتخبين الفاسدين!!!
إنه ترهيب واضح للمجتمع باسم "القانون" واستغلال فج لمواقع المسؤولية للدفاع عن الفساد وحمايته واستعمال قاموس الوعيد والتهديد ورفع العصا في وجه الناس!
إنه تصريح لا يمكن حتى أن يفكر فيه أو يخطر ببال إنسان عاقل يحترم نفسه، فما بالك أن يصدر عن مسؤول دولة يفترض فيه الحرص على تطبيق الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان!
تصريح ينظر إلينا كمغاربة بأننا "رعاع" و"خروطو" و"بوزبال"، والمغاربة أشرف الناس وأعزهم ينافحون عن كرامتهم وشرفهم ولا يرضون أن يكونوا كما ينظر إليهم الوزير باحتقار واستهجان، إنه تصريح خطير يحرض عل التمييز والكراهية واحتقار المغاربة، والأخطر أنه مرره عبر قناة عمومية!
رجاء لأولي الألباب والحكماء في هذا البلد العزيز على قلوبنا أن ينهوا عنا مهزلة هذا الوزير، الوزير الذي يتحدث لغة التقاشير وكلامه يشبه رائحة التقاشير في عز القيض والحر، رجاء تكلموا إليه ليدرك أنه وزير يمثل المغاربة جميعا ومطوق باليمين الدستورية التي أداها وملزم باحترام منصبه كوزير للعدل، المنصب الذي مرّغه في الوحل!!