الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

سوق الگريمات تنتعش فيه السمسرة والفساد والريع وغسيل الأموال

 
محمد الغلوسي
 
فضيحة 200 گريما من رخص النقل الخاصة بسيارات الأجرة في مراكش، والتي استفاد منها شخص واحد، تكشف مظهرا من مظاهر الريع في بلادنا، وكيف شكّل هذا الأخير وسيلة لمراكمة الثروة دون بذل أي مجهود...
 
وبالمناسبة، فإن أصوات ضحايا سوق الگريمات تعالت لسنوات في مراكش ضد مسؤولين بولاية جهة مراكش، دون أن تجد آذانا صاغية، منهم أرامل وأيتام ومكفوفون ومعوزون وأسر المقاومة وغيرهم، سوق انتعشت فيه السمسرة والفساد والريع وتكونت شبكة من المستفيدين من البقرة الحلوب، التي أرهقت كاهل السائقين، الذين يكابدون يوميا لجمع "الروصيطا" في ظروف لاإنسانية ومهينة، دون أن يلتفت إليهم أحد في غياب أية تغطية صحية أو حماية اجتماعية من آهات وعذابات الزمان...
 
لوبي يتلاعب في العقود النموذجية وشروط الاستفادة من الگريمات وممارسة كل أنواع الشطط لقهر ذوي الحقوق وذوي الاستحقاق لمغادرة الملعب بـ"شرف" وإخلاء الساحة للسماسرة والشنّاقة لامتصاص دماء المحتاجين والفقراء، سماسرة ومصاصي الدماء يستغلّون ضعف القانون والمراقبة وسيادة الإفلات من العقاب وربطهم لعلاقات مع بعض المسؤولين...
 
بعض المعطيات المتوفرة تفيد أن صاحب 200 گريما سبق أن أدين قضائيا من أجل الإتجار في المخدرات سنة 2008 بأربع سنوات حبسا نافذا، وبعدها تقدم بطلب لرد الاعتبار قضائيا، وتمكن من الحصول عليه، كما تفيد المعطيات ذاتها أن المعني بالأمر يتوفر على محطة للوقود ووكالات لكراء السيارات...
 
إن توفر المعني بالأمر على 200 گريما وذلك عن طريق استغلال ضعف وحاجة الناس، الذين يتوفرون على تلك الرخص ولا يستطيعون شراء سيارة الأجرة ودفعهم إلى التعاقد معه مقابل دفعه لهم مبالغ مالية ليقوم بدوره بإعادة كرائها لأشخاص آخرين، هذا فضلا عن كون الشخص ذاته قد سبق له أن أدين من أجل جريمة الاتجار في المخدرات، إن كل ذلك يمكن أن يشكل أرضية لكي يقوم السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش، صاحب الاختصاص، بفتح مسطرة الاشتباه في تبييض الأموال، ذلك أن التصرفات "القانونية"، التي يقوم بها المعني بالأمر تحت غطاء دفع مبالغ مالية لبعض المتوفرين على رخص النقل وإعادة كرائها من جديد، إنما قد يكون الهدف منها إضفاء الشرعية على السيولة المالية التي قد يشتبه في كونها من مصادر غير مشروعة، خاصة إذا استحضرنا أن قانون غسيل الأموال يعتبر الاتجار في المخدرات من الجرائم التي تشكل أساسا لفتح مسطرة تبييض أو غسيل الأموال...
 
إن تلك الوقائع، إذا تبتت صحتها، يمكن أن تشكل أساسا لبحث قضائي بخصوص جريمة غسيل الأموال مع ما يترتب عن ذلك من عقل لممتلكات المشتبه فيه.. بحث قضائي بإمكانه أن يكشف ظروف وملابسات "التعاقد"، الذي يبدو ظاهريا أنه مفرغ في قالب قانوني سليم، والحال أنه يمكن أن يراد منه توفير غطاء لجريمة كاملة الأركان.. كما أن تعميق البحث من شأنه أن يكشف الأشخاص الذين يمارسون قدرا من المسؤولية العمومية والمفترض تورطهم في التلاعب في مجال منح الگريمات...