الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
صورة أرشيفية مركبة لعبد اللطيف وهبي ومحمد الغلوسي

وزير العدل يدافع عن متهمين بالفساد ويسعى لوضع القضاء تحت سلطة وزارة الداخلية

 
محمد الغلوسي
 
كيف يسمح السيد وزير العدل لنفسه باستعمال مؤسسات الدولة للدفاع عن متهمين بالفساد ونهب المال العام؟؟؟
 
مناسبة هذا التساؤل هو تصريحات وزير العدل، في وقت سابق، التي يحاول من خلالها طمأنة بعض الأشخاص، الذين تحوم حولهم شبهات فساد، وذلك من خلال تعهده بإدراج تعديل في قانون المسطرة الجنائية يمنع جمعيات حماية المال العام والمنظمات الحقوقية من تقديم شكايات إلى القضاء بخصوص افتراض وجود شبهات فساد في بعض المرافق العمومية، التي يتولى تدبيرها أشخاص أسندت لهم مهام التدبير العمومي... واشترط أن تُحال الشكايات المقدمة، في هذا الإطار، على وزارة الداخلية لإبداء رأيها في الموضوع والتأكد من صحة المعطيات الواردة في الشكاية قبل فتح أي بحث قضائي!!!
 
إنها مرافعة تجسد انتكاسة حقوقية وتجعل السلطة القضائية تفقد أحد مقومات وجودها، وهو استقلاليتها عن باقي السلط، ليجعلها السيد الوزير المحترم تحت سلطة وزارة الداخلية، وهو أمر لم يسبق لأي مسؤول أن دافع عنه...
 
تصريحات وزير العدل كانت بلغة اليقين بكون التعديل سيدرج في المسطرة الجنائية المقبلة، وهي تصريحات تحتقر البرلمان، وتستبطن كون هذه المؤسسة التشريعية هي فقط واجهة لتمرير قرارات السلطة التنفيذية...
 
وزير العدل لم يكن يتحدث من تلقاء نفسه بل إنه يمثل رجع الصدى لبعض الأصوات، التي تخشى المحاسبة، والمتورطة في قضايا الفساد المالي، والتي يزعجها الدور الحيوي للمجتمع المدني الجاد... لذلك فإنه خضع لتلك الأصوات النشاز والمستفيدة من واقع الريع والفساد... وكان على وزير العدل، وهو رجل قانون، ألا يقبل على نفسه هذه المهمة البئيسة، لأنه يعلم جيدا أن الدستور الذي يعتبر أسمى قانون في البلد قد أعطى أدوارًا مهمة للمجتمع المدني، وجعله شريكا أساسيًا في إنتاج القرار والسياسات العمومية، كما وفر القانون حماية خاصة للمبلّغين عن جرائم الفساد والرشوة، هذا دون أن ننسى أن القانون يجبر الناس جميعا على التبليغ عن أية جريمة وإلا تعرضوا للمتابعة الجنائية بعدم التبليغ...
 
السؤال المطروح هو: هل ستسمح الدولة ومؤسساتها والفرق البرلمانية للوزير بأن يستعمل منصبه الوظيفي للتشريع لفئة متورطة في الفساد والرشوة وحمايتها من الرقابة المجتمعية التي يشكلها المجتمع المدني الجاد في انتهاك تام لمقتضيات الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد، والتي صادق عليها المغرب، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد؟
 
خرجات وزلات هذا الوزير غير المحسوبة متعددة، وأساء كثيرا لدوره كوزير للعدل، ولذلك يُطرح سؤال مشروع: ألم يحن الوقت بعد لإعفائه من مهامه؟
 
________________________
رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام