الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عندما " يُدَعْشِشُ " مستشار بيجيداوي الانتخابات المقبلة ويتنبأ بقتلى وأسرى فاقرأوا السلام على السياسة

 
حسن عين الحياة
 
 
عندما يستوي مستشار جماعي من البيجيدي على أريكته بمدينة القصر الكبير، ويحمل "تيكيتة" حزب يدعي "الطهرانية" في العمل السياسي، ثم يعبر بكل أريحية عما يجول في خاطره أمام الكاميرا، ويبسط تنبؤاته للمشهد الانتخابي المقبل بابتسامة عريضة مفعمة بالقهقهات، فيقول: إن هذه الانتخابات "ستكون فيها قتلى وجرحى ومعطوبين وأسرى"... فاقرأوا السلام من الآن على العمل السياسي والحزبي في هذه البلاد السعيدة، ولا تبحثوا عن سر عزوف السواد الأعظم من المغاربة عن السياسة، أو الدواعي التي جعلت "الحزب الصامت" في البلاد يتمدد عند كل محك انتخابي. لأن هذا "المتنبي" يرى ما لم نره نحن، ويتنبأ بما لم يستطع المستشارون في الأحزاب الأخرى توقعه من مواقعهم الحزبية.
 
إذ ما معنى أن تخلف عملية ديمقراطية شرَّعت للتدافع السياسي وللتنافس الشريف وللمقارعة بالبرامج الانتخابية، (أن تخلّف) قتلى وجرحى ومعطوبين وأسرى، اللهم إلا إذا كان هذا "الحجَّاج"، يرى المعركة الانتخابية، عملية جهادية "الطايح فيها أكثر من النايض".
للأسف يأتي هذا الشطط في التنبؤ، بعد أيام قليلة من اجتماع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في الرباط مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، والذي قال من خلاله، في حضرة القيادات الحزبية وقتها، إن سنة 2021 ستكون سنة انتخابية بامتياز، قبل أن يذكر هؤلاء بضرورة تخليق العملية الانتخابية، وجعلها أكثر ديمقرطية، درءا لكل تجاوز أو تهور من شأنه أن يفسدها.
 
ولأن حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه هذا "الحجاج المتنبي"، كان حاضرا بدوره في هذا اللقاء التشاوري بين الوزير والقيادات الحزبية، سيكون ملزما بتخليق الحياة الانتخابية، وضبط منتخبيه، وحثهم على عدم تنزيل المعارك والغزوات في الاستحقاقات المقبلة، وأيضا عدم استعمال الدين في استمالة الأصوات، وإن كان ذلك محالا، باعتباره لا يجيد من فنون جلب الأصوات ودغدغة القلوب وسلب الألباب، غير الاستعمال المفرط للدين، والترويج "للمظلومية" والتذكير بأن أعضاءه مستعدون للتضحية في سبيل الله، كما كان يروج كبيرهم بنكيران في خطاباته، وكأن الانتخابات في المغرب عبارة عن حروب عرقية أو تطهيرية، البقاء فيها "لمن يفسد فيها ويسفك الدماء" ويخلف معطوبين وجرحى بـ"العرام" وفوق ذلك أسرى، وكأننا في غزوة ضد الكفار و"العياذ بالله".
 
إن خطابا مثل هذا، "يُدَعْشِشُ" العملية الانتخابية، لا يعدو أن يكون خطابا تحريضيا محضا، يحفز خلايا الإفساد الانتخابي على القتل والعنف والضرب المفضي لعاهات مستديمة والاختطاف من أجل مصالح انتفاعية، يمكن قضاؤها وبلوغ مآربها عبر التدافع السياسي الشريف. ثم إن غض حماة القانون الطرف عن هذا السلوك، هو خطوة أولى للتطبيع مع هذا النوع من الكائنات الانتخابية، ومطب سحيق، قد ننعي فيه الديمقراطية في هذه البلاد الآمنة.. آنذاك "فكها يامن وحَّلتيها".. ودوزو بخير.