ما أقدمت عليه الباطرونا وكل من لف لفها من العبث في قانون المالية التعديلي ليصبح في صالحها هو في الواقع المعاش سرقة موصوفة وأمام أنظار القانون والقضاء والمحكمة الدستورية وأمام الشعب.
يقول الفصل 39 من الدستور: "على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور".
ويقول الفصل 40: "على الجميع أن يتحمل بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد وكذا الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد".
الأمم المتحدة تتوقع إضافة 100 مليون جديدة في العالم إلى فقرائه الموجودين حاليا من جراء آثار وباء كورونا، لذا تجتهد كل دول العالم، التي تفكر في شعوبها لسد الثغرات في تنمية اقتصاداتها وفي مساعدة مواطنيها الغارقين في أزمة اقتصادية واجتماعية، لكن في المغرب ما تزال الحكومة مشغولة بحلب الأجراء لفائدة الباطرونا وكل أصناف الرأسمال الطفيليين.
قرار مجلس المستشارين وبعده مجلس النواب المتعلق باسترجاع الباطرونا باليد اليسرى لما قدمته باليد اليمنى كمشاركة ومساهمة للتضامن، الذي ينص عليه الدستور، قرار غير دستوري وخرق سافر لمقتضياته الجوهرية في حالات الآفات، التي تتطلب ثقافة أخرى غير ثقافة السلب والنهب.
وحتى نكون منصفين، فإن الباطرونا لا تتحمل وحدها المسؤولية، بل كذلك الحكومة التي هندست هذه السرقة، وكذا الأحزاب التي تواطأت مع تعليمات الحكومة وتهديداتها، وعلى المحكمة الدستورية أن تتحمل مسؤوليتها إذا ما تم اللجوء إليها، بل ومادام الأمر سرقة واضحة، فإن القضاء نفسه يجب أن يتحمل المسؤولية ضد أي رجل أعمال استرجع أموال التضامن، وضد أي وزير مالية أمر موظفيه بخصم تلك الأموال من المستحقات الضريبية ضدا على الدستور.