الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

الدارالبيضاء.. الهدوء ليلا الذي يسبق حركة الحياة


عبد اللطيف الجعفري
 
 
مع دخول الإجراءات المتعلقة بحظر التنقل الليلي، حيز التنفيذ، على الصعيد الوطني من التاسعة ليلا إلى الخامسة صباحا، منذ الثلاثاء الماضي (3 غشت 2021)، تستكين العاصمة الاقتصادية، خلال هذه الفترة الزمنية، بشكل عام، لهدوء شبه مطبق على غير عادتها.
قبل التاسعة ليلا ترتفع وتيرة الحركة في مختلف شرايين الحياة، والفضاءات العامة، من أجل شد الرحال نحو الفضاءات الخاصة (المنازل)، ضمن التقيد بالإجراءات الخاصة بمنع التنقل الليلي، الرامية إلى كسر شوكة الفيروس التاجي، الذي عات ضررا في مختلف مناحي الحياة بالدارالبيضاء خاصة، وعلى المستوى الوطني عامة.
باستثناء الحضور الأمني البيّن والواضح، من أجل السهر على احترام هذه الإجراءات، وبعض سيارات الإسعاف، التي تمر هنا وهناك بسرعة البرق، وسيارات أخرى تعد على رؤوس الأصابع ربما دفعتها الضرورة للتنقل الليلي، فإن المدينة تمارس ليلا، حتى إشعار آخر، بما يشبه "استراحة محارب" يعمل على اقتصاد قوته، استعدادا لأشواط أخرى قوامها بذل الجهد والتحرك نحو فرص الأعمال والتجارة والحياة، في باقي فترات اليوم.
في ليلة الإعلان عن نتائج انتخابات الغرف المهنية بمقر ولاية جهة الدارالبيضاء، والتي امتدت كل ليلة الجمعة حتى وقت مبكر من صباح السبت، بدت مختلف شرايين العاصمة وفضاءاتها فارغة تماما، والحال أنها اعتادت في السابق أن تكون صاخبة في فترات الليل خاصة في فصل الصيف.
صخب وتجمعات وحركة بهذه المدينة العملاقة، كانت تغذيها المهرجانات والحفلات والأعراس والتجمعات هنا وهناك، خاصة في أوقات ما قبل حلول الفيروس التاجي، الذي عكر صفو الحياة في الدارالبيضاء، كما في مدن ومناطق أخرى.
وإذا كانت الحياة تعج في فترات النهار بمشاهد كثيرة ومتنوعة، بعضها يستحق التنويه لأنها تترجم وعيا بخطوة كورونا (ارتداء الكمامات، التباعد، وعدم المصافحة المباشرة)، وبعضها غير مقبول (اللامبالاة بأنواعها)، فإنه يبدو، بشكل عام، أن السكان المحلية مقتنعة أشد الاقتناع بأن الإجراءات المتخذة بمنع التنقل الليلي، هي في صالح الجميع.. وحتى ربما من لديه رأي آخر خارج الضوابط المعمول بها، فإن القانون يكون له بدون شك بالمرصاد.
في ظل هذه المشاهد غير المعتادة، تضيء أعمدة الإنارة سكون الليل بالدارالبيضاء، فيسود الفراغ متبجحا بوهم السيطرة على فضاءات المدينة، قبل أن يطرده نور الصباح وأشعة الشمس، حيث تتجدد دينامية الحياة نحو أرض الله الواسعة بالعاصمة الاقتصادية.
يقول حارس عمارة، توكل له مهمة الحراسة في فترات الليل، إن الحياة بالدارالبيضاء ليلا مختلفة تماما خاصة خلال فصل الصيف الحالي، موضحا أن الناس يضعون كل الترتيبات لدخول منازلهم قبل التاسعة ليلا، مشيرا إلى أنه لا داعي للبقاء خارج المنازل والمقاهي والمحلات التجارية مغلقة، علاوة على عدم وجود حفلات أو أعراس أو مهرجانات أو أمسيات غنائية.
وبالنسبة له، كما قال، فإن حظر التنقل الليلي، ساهم بشكل كبير في تيسير مهمته، حيث لا وجود لأشخاص غرباء يمكن تتبع تحركاتهم وسلوكاتهم في محيط العمارة، مشيرا إلى أن الأهم في هذه العملية برمتها هو السلامة الصحية للناس، لأنه لا يمكن التعاطي باستخفاف ولامبالاة مع خطر كورونا.
هذا إذن هو حال هذه المدينة، التي يبدو ألا مفر لها من التحلي بالصبر الجميل في انتظار الفرج القريب، الذي لا يمكن بلوغه من دون تحمل كل شخص مسؤوليته بشأن عدم التراخي، لأن فيروس كورونا لا يمزح، فهو يضرب بقوة في الدارالبيضاء، حيث تسجل أرقام كبيرة من الإصابات.. فكل شخص ملزم، فضلا عن تلقيح نفسه، بالتقيد الصارم بمختلف الإجراءات الاحترازية، وهذا هو السبيل الوحيد لبلوغ بر الأمان الصحي.
ويذكر أن الحكومة كانت قد قررت اتخاذ مجموعة من الإجراءات، تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية، بضرورة الاستمرار في تعزيز التدابير الوقائية اللازمة للحد من انتشار وباء كورونا المستجد، وحفاظا على صحة المواطنات والمواطنين، وبالنظر للارتفاع الكبير جدا في عدد الحالات المصابة بهذا الوباء وعدد الوفيات المسجلة في الفترة الأخيرة.
ومن بين هذه الإجراءات حظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني من الساعة التاسعة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا.