بيغاسوس ليس مجرد تطبيق صهيوني للتجسس على الصحافيين والسياسيين والزعماء الروحيين بترخيص ومتاجرة من قبل الجيش الإسرائيلي، بل هو أداة دبلوماسية لكسر كل تحالف مبدئي مع القضية الفلسطينية وآلية دبلوماسية أمنية سياسية لاستمالة الكثير من الأنظمة التوليتارية من مختلف القارات للتحالف داخل مختلف المؤسسات الدولية مع الكيان الإسرائيلي.
بيغاسوس فضيحة أخلاقية وسياسية بكل المقاييس إن ثبتت صحته لأنه يتجاوز في خطورته ضرب حرية الرأي والتعبير والحميمية الذاتية لأناس جعلوا من الكلمة والرأي والتحليل والفعل السياسي والتحقيق الصحفي مجالا لاهتماماتهم وانشغالاتهم المرتطبة بالدفاع عن قضايا من صلب حقوق الإنسان في علاقاتها بمراكز القرار السياسي والمالي في الدول موضوع الفعل الصحفي والسياسي...
بيغاسوس استثنى من تجسسه إسرائيل وأمريكا وروسيا لحساسية وقوة هذا الفضاء، وجعله ممكنا في باقي الدول بحسب المصلحة الحيوية الفضلى لإسرائيل، ليكون بذلك التعاطي مع هذا الغول السيبراني الفتاك والقاتل للحرية والمهدد للكلمة في مهدها والمتسبب ربما في الكثير من المآسي ليس سهلا ولا يمكن أن يكون سطحيا ولا منافقا أو مهادنا ولا وازعا للدفاع المهرول المجاني عن وطنيات في حاجة إلى الحد الأدنى من الوضوح والجرأة والتبصر للحيلولة دون شرعنة توليتارية الفكر والتوجيه وتوظيف المال العام بما قد يمس بجوهر ومصداقية المؤسسات ذات الصلة بالأمن القومي في الدولة مناط الاتهام.
صحف ومؤسسات ذات مصداقية تاريخية تتبنى فضح الفضيحة وتدق ناقوس الخطر ليس في دولة بعينها، بل تشير إلى دول بعيدة عنا جغرافيا وحضاريا وثقافيا وليست لها نفس تحدياتنا ومشاكلنا، وليس لها نفس خصومنا (الهند، الصين، التبت، الإمارات، السعودية...).
من باب المسئولية أن نرتقي في تحاليلنا وأن نجمع الحد الأقصى من المعطيات والتفاصيل ليكون دفاعنا عن الوطن دفاعا من منطلق جوهر أسس وجوده الجغرافي والمؤسساتي والرمزي بما في ذلك من دستور واتفاقات دولية وقوانين وأنظمة مؤسساتية ومكتسبات سياسية وإشكالات حقوقية ميدانية أيضا...
أكيد لن يتكلم زعماء الأحزاب السياسية وحقوقيو المنابر المصطنعة لأن لهم الشيء الكثير مما يخافون منه وعليه، لن يتكلموا قبل تحديد مجرى النقاش والتقاط مؤشرات صياغة الموقف، فكيف يمكن للفساد أن يكون قويا وواضحا وموضوعيا...
الوطن وحب الوطن والدفاع عن قضايا الوطن وقضايا الإنسان أمور لن يخوض فيها إلا من لا يرى في الوطنية مجرد درج للارتقاء السياسي الاجتماعي والاقتصادي...
بالوضوح والصدق والغيرة على القيم الإنسانية النبيلة يرتقي الوطن وتتم حمايته من فيروسات كل تجسس محتمل!