نفت الحكومة المغربية أن تكون متورطة في ما اتُّهمت به من تجسس على هواتف أشخاص في الداخل والخارج، ورفعت التحدي في وجه الشبكة الدولية، التي نشرت أن البرمجية الإسرائيلية الصنع مستعملة من طرف الأجهزة الأمنية المغربية لاختراق هواتف صحافييين وشخصيات إعلامية وسياسة مغربية وأجنبية، لإثبات ما اعتبرته مزاعم لا أساس لها، وردا على الدعاوي التي قام البعض برفعها فعليا في الخارج، من قبيل ادفيغ بنيل.
وقررت الحكومة المغربية رفع دعاوي في الداخل والخارج. ومن المفروض والحالة هذه خوض معارك قضائية ضد جرائد ذات صيت من قبيل "لوموند" و"ميديابار" و"الغارديان تليغراف" و"نيويورك تايمز" و"دير شبيغل"...، وغيرها االمنخرطة في الشبكة العالمية التي تستعد، حسب ما أُعلن، لنشر قائمة عالمية للأشخاص الذين تم اختراق هواتفهم بواسطة الجاسوس الرقمي بيغاسوس...
نفي الحكومة المغربية، التي أشارت إلى أن عملية تصنت على الهواتف تخضع لمساطر قانونية، جاء بعده تصريح الوزير الاول الفرنسي، الذي يستفاد منه أن ما نشر ينطوي على مبالغة، وهو ما ذهبت إليه الشركة الإسرائيلية المنتجة للبرمجية المعنية...
أين الحقيقة؟
إذا كانت أمنستي والمجموعة التي هزت العالم قد بالغت وأطلقت وكيليكس جديدة على اساس معطيات مغلوطة أو مخدومة، فإن الأمر سيكون بالغ الخطورة، ويدفع إلى طرح أكثر من سؤال عن الهدف؟ والمحرك؟ والمستفيد؟ لأن الأمر لن يمر دون أثر، وقد يكون الأثر عميقا إذا ثبت أن المعطيات المنشورة أو التي ستنشر مؤكدة وعليها دلائل وإثباتات...
من المؤكد أن الجاسوسية الإلكترونية، اليوم، كما بالأمس، تشكل جزءا أساسيا من أنظمة الجاسوسية، التي تستعملها الدول لحماية أمنها الداخلي والخارجي ومصالحها الوطنية المختلفة، بما فيها الدول التي تبدو محايدة، ودول ديمقراطية بامتياز، وكلها تعمل على الاستفادة من تطور الصناعة الأمنية، الذي أخذ منحى جديدا وولد تضخما منذ أحداث شتنبر 2001 الإرهابية، ومنها المغرب، الذي واجه الإرهاب ومؤامرات خصوم يستهدفون وحدته ووجوده بأخس الوسائل وبصرف ملايير الدولارات على نشاطهم المخابراتي...
لكن المشكلة التي تطرح نفسها: هلا يؤدي هذا التطور الأمني والاستخباراتي إلى إغراء الدول بالتغول وخلق أوضاع شبيهة بتلك التي تخيلها أورويل في روايته الشهيرة 1984، وبالتالي القضاء على المكاسب الديمقراطية التي تطورت إلى حدود سبعينيات القرن الماضي، لتبدأ في التراجع، تحت ضربات يمين حامل لمشعل النيوليبرالية ماتزال له الغلبة إلى اليوم، حتى وإن حدث أن تضخم تداول الحديث عن حقوق الإنسان ودولة القانون منذ تسعينيات القرن نفسه.
وليست المكاسب الديمقراطية هي المهددة وحسب، بل وأيضا الخصوصية والمعطيات الشخصية التي كانت من قبل ملكا للأفراد، ومن المؤكد أن القوى العظمى هي القادرة على فرض ما تريد والتجسس على من تريد وليس غيرها...