الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
من اليمين محمد حاجب وعلي أعراس وعبد الرزاق سوماح

من محمد حاجب إلى علي أعراس.. وأوروبا تتحول إلى حاضنة للإرهابيين ولجرائمهم الدموية

 
إعداد: جلال مدني
 
بات لافتا أن عددا من بلدان الاتحاد الأوروبي باتت حاضنة للإرهاب ولإرهابيين، بل وأضحت تفرّخ إرهابيين، وهكذا تتبعنا هذه السنة عدة عمليات إرهابية في العديد من المدن الأوروبية، في فيينا، وباريس، ونيس، ودريسدن، بل وتتبعنا عمليات ذبح وحشي وقتل بدم بارد في قلب بلدان الاتحاد الأوروبي...
 
وهذا الاتحاد الأوروبي، الذي يتباكى على تنامي الإرهاب والعمليات الإرهابية داخله، هو نفسه الذي توفّر سلطات دوله الحماية والغطاء القانوني للإرهابيين، وتمنحهم جوازات السفر واللجوء السياسي والإقامات الدائمة، وتصرف لهؤلاء القتلة المجرمين مبالغ مالية يستخدمونها في التهييج والتحريض، التهييج ضد بلدانهم الأصلية، والتجنيد للتحريض على ارتكاب "أعمال جهادية" في مواجهة "الكفار" في بلدان الأصل وبلدان الاستقبال...
 
عندما يجد الإرهابيون حضنا آمنا لدى بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، التي تحمي المجرم الإرهابي محمد حاجب، أو بلجيكا التي تحمي المجرم الإرهابي علي أعراس، من الطبيعي أن تكتوي هذه البلدان أو غيرها من الجيران بنيران الإرهاب، الذي ضرب في الفترة الأخيرة كلا من فرنسا والنمسا وبلجيكا وبريطانيا وإسبانيا، وبالتأكيد ستكون الضربات المقبلة أشد، وستسيل دماء الإرهاب، فتسارع الدول الحاضنة للإرهاب إلى إصدار بيانات التنديد مع بذل جهد جهيد لتحريف الأنظار عن مسؤوليتها المباشرة في الجرائم المرتكبة...

الخبير الفرنسي في الإسلام السياسي، أوليفييه روي، يحذر، في مقابلة مع الموقع الألماني DW، من الوضع الحالي للسلفية في أكبر ولاية ألمانية، شمال الراين وستفاليا، وقال إنه "يجب إيلاء اهتمام خاص بالإمكانيات الكبيرة للسلفيين الشباب ذوي التوجهات العنيفة"، وأن هؤلاء الشباب، هم في الغالب، شباب "مولعون بعنف الجهاد"، مشددا على أن هناك "ثورة للشباب قائمة على الفكر الإسلاموي، وهو الفكر الذي تتبناه تنظيمات مثل القاعدة وداعش"... 
 
والإشكال أن سلطات ألمانيا وبلجيكا، اللتين ينتشر فيهما التطرف، هي التي تحمي المتطرفين، وتوفر لهم كل الإمكانيات لنشر تطرفهم، وتسويق تضليلاتهم التحريضية ضد بعض البلدان، كما يفعل المجرم الإرهابي علي أعراس، الذي ينسّق مع الإرهابي محمد حاجب، في نشر الفيديوهات، المليئة بالتحريض، والتي تتخللها تضليلات ومزاعم عن تعرضهما للتعذيب، كما فعل أعراس هذه الأيام...
 
لمواجهة خرجة المجرم الإرهابي علي أعراس، أكد عبد الرزاق سوماح، أحد مؤسسي تنظيم "حركة المجاهدين بالمغرب"، أن المعتقل السابق البلجيكي-المغربي علي أعراس كان مسؤولا عن الدعم اللوجستي والمالي لهذا التنظيم الجهادي، الذي تأسس في مطلع الثمانينيات، والذي سلم من أجله أسلحة بالفعل.
 
وقال عبد الرزاق سوماح، في برنامج على قناة "Maghreb TV"، حيث استضافه الزميل محمد التيجيني "إنه اتهام لايمكن اختلاقه. إن علي أعراس كان بالفعل عضوا في الحركة منذ عام 1981 وأقام علاقات مباشرة مع قادة الجماعة".
 
 
وكشف "الأمير" السابق لحركة المجاهدين أنه التقى علي أعراس في بروكسل، حيث كان هذا الأخير يدير مكتبة إسلامية، موضحا، في هذا الصدد، أن "أميرنا في ذلك الوقت، النعماني، زوده بالمال في عام 1983 لافتتاح مكتبة إسلامية في بروكسل، بهدف تقديم دعم مالي في المقابل للحركة"، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بضمان دعم مالي للتنظيم، وكذلك القيام بدعاية جهادية في أوساط الشباب بالخصوص.
 
وذكر سوماح أنه التقى علي أعراس عام 2000 في طنجة، مضيفا أنه "في العام التالي، جاء إلى منزلي في بركان حيث أمدني بأسلحة: بندقية كلاشينكوف ومسدسين مع الذخيرة"، كما أنه التقى به مرة أخرى في عام 2004، لكنه رفض في تلك المرة "تَسلُم شحنة أسلحة جديدة لأن حركتنا كانت في حالة اندحار"...
 
من خلال شهادة "الأمير" السابق لحركة المجاهدين، نتبيّن جزءا من آليات الاستقطاب والتجنيد والتحريض على الإرهاب في قلب بلدان الاتحاد الأوروبي، وهي التي ظلت السلطات المغربية تحذر منها الدول الأوروبية المعنية، وضمنها ألمانيا وبلجيكا...
 
في عدة مقابلات مع DW، يتحدث الخبير الفرنسي في الإسلام السياسي، أوليفييه روي، عن "نيل الشهادة"، لدى أولئك الشباب المتطرف، ويقول إنهم "يتوقعون أن يُقتلوا. هذه ليست أيديولوجية بقدر ما هو طريق شخصي يختارونه ويكون لديهم هدف واحد وهو الاستشهاد والذهاب إلى الجنة". أما عالم الاجتماع في فرانكفورت، فيليكس روسمييل، فيتحدث عن "محاولة إثبات النفس"، ويوضح "يرغب الشباب والشابات في إثبات أنفسهم"، فيرتكبون ارتكاب أعمال عنف، التي تمثّل "بديلاً عن معايير إثبات النفس الشائعة، والتي ترتبط في مجتمعنا بشكل أساسي بالعمل المهني والنجاح التعليمي". وبالنسبة لتوماس موكه، وهو رئيس شبكة VPN، التي تعمل على نزع التطرف من المتطرفين، يعتقد أن "الأشخاص غير المستقرين أو الذين يعانون حاليا من أزمة يمكن تجنيدهم بسرعة كبيرة من قبل الوسط المتطرف". نشطاء هذه الشبكة عندما يشتغلون مع الأشخاص الخطرين والعائدين من داعش والمجرمين الإسلامويين العنيفين داخل السجون، يهتمون في المقام الأول بـ"تمكين هؤلاء من طرح الأسئلة وتطوير أفكارهم الخاصة مرة أخرى"، قبل أن يستدرك توماس موكه قوله إنه "داخل الجماعات المتطرفة، لا يعرف هؤلاء سوى الطاعة والخضوع، ويفقدون القدرة على طرح الأسئلة وتطوير أفكارهم الخاصة".
 
بالنسبة لعدة هيئات أوروبية تعمل في أوساط التطرف، فإن إمكانية تكرار العمليات الإرهابية داخل الاتحاد الأوروبي كبيرة جدا، إذ يبلغ عدد ما يسمى بالإسلامويين الخطرين حوالي 620.  ووفقا لبحث أجرته صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، فإن أكثر من 130 إسلاميا في السجون الألمانية، سيتم إطلاق سراح العديد منهم بعد قضاء عقوباتهم في حدود 2021.
 
صحيح هناك أعمال مكافحة التطرف والوقاية تتم داخل السجون من خلال منظمات مثل VPN، غير أن نشطاء هذه المنظمة نفسها يشددون، لـDW، على أنه رغم جميع التدابير المتخذة في السنوات الأخيرة، لا يزال هناك خطر التطرف وراء القضبان، والعمليات الإرهابية هي أكثر موضوع متداول بين المعتقلين، وكذا بين المعتقلين السابقين، حتى لو لم يُظهر هؤلاء تمجيدهم للعنف، ويعطون مثالا على ذلك أن "البعض، يحمّل المدرس الفرنسي، الذي قُطع رأسه على يد إسلامي متطرف، المسؤولية في تعرضه للقتل".
 
وما يجعل الوضع خطيرا للغاية ويضع تحديا أمام السلطات الأمنية الأوروبية هو أن الإرهاب الإسلاموي لم يعد يحتاج إلى منظمة بالمعنى التقليدي: خلايا سرية ومقرات خفية، إذ إن شبكات التواصل الاجتماعي باتت كافية، وإمكانات الأشخاص المتطرفين كافية والتي يمكن الوصول إليها من خلال الدعاية المتواصلة، التي يقومون بها بشكل منهجي، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يشدد عليه توماس موكه، رئيس شبكة VPN الألمانية، بالقول إنه "يتم تغذية الفكر عبر الشبكات"، ما دعا بريسون مؤسس مبادرة "تغيير 180 درجة" الألمانية، إلى القول إنه "يجب ضمان عدم وجود مكان للإسلاميين الذين يغررون بالشباب، وتجنيدهم سراً عبر واتساب أو تليغرام"، بعدما هُيئت لهم البيئة الحاضنة من خلال الفايسبوك واليوتوب...

واللافت أن ما يقوم به علي أعراس ومحمد حاجب، حاليا، يدخل في هذا المنحى، الذي تحميه ألمانيا وبلجيكا، اللتين سيحصدان ما يزرعان، والمأساة والمصيبة والكارثة أن يكون الزرع دماء الأبرياء، وفي هذه الحالة، ورغم عمليات التمويه، التي تقوم بها السلطات، فإن عائلات الضحايا، عاجلا أم آجلا، سيلتفتون إلى جهة متواطئة مع الإرهاب الدموي، وهي سلطات بلدانها...