مبادرة "الحزام والطريق".. استراتيجية الصين للقضاء على الفقر تفتح آفاق الأمل أمام العالم
الكاتب :
"الغد 24"
تجربة الصين في القضاء على الفقر هي قصة جديرة بأن تُروى، وتُعاد روايتها كل مرة، لما تنطوي عليه من دروس وعبر، لعل أبرزها هي توفر الإرادة السياسية، ومعها الإيمان بقيم التعاون والتضامن وتكاثف الجهود، وآنذاك يمكن للإنسان أن يحقق المعجزات، وذلك ما فعلته الصين. ففي سبتمبر الماضي (2020)، خلال المناقشة العامة للدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بتقنية الكونفرانس فيديو، كان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، يتحدث بكثير من الثقة والأمل والإيمان، وهو يزف البشرى للمشاركين حين قال إن الصين لديها كل الثقة في الوفاء بهدف القضاء على الفقر قبل 10 سنوات من الموعد المحدد له في أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، وانتشال جميع سكان الريف، ممن يعيشون تحت خط الفقر حاليا، من الفقر خلال الإطار الزمني المحدد.
لم يكن الرئيس الصيني، ومن ورائه الإرادة الصلبة والقوية للحزب الشيوعي، الذي يكتب للصين صفحات مضيئة من العطاء والإبداع، يطلق تصريحات جوفاء، لمجرد التباهي، بل كان يقدم للعالم تجربة فريدة من نوعها سيسجلها التاريخ الإنساني بمداد من ذهب، إنها تجربة غير مسبوقة في معركة القضاء على الفقر، أولا لأنها قدمت حلولا ملموسة، بناء على تخطيط دقيق وعمل جدي وتشاركي نجح في إشراك المواطنين في خوض المعركة، ويمكن للجميع أن يتثبّت من نتائج هذه المعركة على الأرض، وكيف نجح الصينيون في مواجهة الفقر، وثانيا لأن التجربة الصينية تقدم نموذجا ناجحا يحتذى للقضاء على الفقر في جميع أنحاء العالم، علما أن الصين ظلت تساعد الدول الأخرى باستمرار في مجال الحد من الفقر، من خلال العديد من المبادرات القوية، من مبادرة الحزام والطريق، إلى منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وغيرها من المبادرات الناجحة، التي ساعدت، بشكل كبير، على معالجة الفقر والأمن الغذائي في القارة الإفريقية، سنتوقف، هنا، عند نموذج منها، يتمثل في مبادرة الحزام والطريق، التي تؤكد، مثل غيرها من المبادرات، أن العالم اليوم يحتاج أكثر فأكثر إلى الصين، وأن الكثير من الدول يمكن أن تتعلم الكثير والكثير من تجربة الصين في مكافحة الفقر...
وللإشارة، فإننا اعتمدنا على تقرير لـ"arabic.cri"، بعنوان "الحزام الطريق: مبادرةٌ أطلقتها الصين ويستفيد منها العالم"، وعلى تقرير آخر للقناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية يحمل عنوان "كيف ساهمت مبادرة الحزام والطريق في اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ عالميا"...
مبادرةٌ أطلقتها الصين ويستفيد منها العالم
اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ، في عام 2013، "مبادرة الحزام والطريق". واليوم، بعد مرور أعوام معدودة، تحولت المبادرة من رؤيةٍ إلى حقيقة، ووقّعت 126 دولة و29 منظمة عالمية وثائق تعاون مع الصين في إطار "الحزام والطريق"، وانتشرت دائرة الأصدقاء في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأوروبا وأوقيانوسيا وأمريكا اللاتينية.
في سبتمبر 2013، طرح الرئيس شي جين بينغ، لأول مرة، في كازاخستان، رؤية "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير".
وفي أكتوبر من نفس السنة (2013)، اقترح شي، في إندونيسيا، فكرة طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين.
فما هو "الحزام الطريق"؟
تستلهم رؤية "الحزام والطريق" التاريخ والتفكير الواقعي، وهي مبادرة للتعاون الاقتصادي الدولي، تهدف بشكل أساسي إلى إنشاء البنى التحتية كخط رئيسي، وتعزيز التواصل والترابط بشكل شامل، ودفع النمو الاقتصادي العالمي.
مشروع صيني يركز على الأحلام المشتركة لشعوب جميع الدول
قال شي جين بينغ مرارا، إن مبادرة "الحزام والطريق" ليست معزوفة فردية للصين، معرباً عن ترحيبه بجميع الأطراف للمشاركة فيها، مؤكداً أنها لا تبحث عن مجالات تأثير جديدة، بل تهدف إلى دعم التنمية المشتركة لجميع البلدان.
إن "الحزام والطريق" مشروع صيني يركز على الأحلام المشتركة لشعوب جميع الدول لتحقيق الرخاء والتنمية، وخلال السنوات الست الماضية، لم يشجع بناء المبادرة على ربط استراتيجيات التنمية الوطنية والتعاون بين الحكومات فحسب، بل غيّر كثيراً من جوانب الحياة بهدوء.
كيف ساهمت المبادرة في اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ عالميا؟
في السادس من أبريل الجاري (2021)، أصدر مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني كتابا أبيض بعنوان "التخفيف من حدة الفقر: تجربة الصين ومساهمتها"، نجد فيه إضاءات مهمة جدا كيف أطلقت الصين مبادرة "الحزام والطريق" لتعزيز تعاون إقليمي على نطاق أوسع ومستوى أعلى وأعمق لدفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعم ومساعدة الدول المعنية لتحقيق تنمية أفضل للتخفيف ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ بها.
في السنوات العشر الماضية، لم تلتزم الصين -كدولة مسؤولة- بالقضاء على الفقر فحسب، بل تعاونت أيضا على نطاق واسع في التخفيف من حدة الفقر مع دول أفريقية ودول من أمريكا اللاتينية ورابطة دول جنوب شرق آسيا ودول أخرى على طول "الحزام والطريق"، ووقعت اتفاقيات التعاون مع هذه البلدان للتخفيف من حدة الفقر فيها ودعم ومساعدة عدد كبير من الدول النامية، وخاصة الأقل نموا، للقضاء على الفقر.
العمل على اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ في أفريقيا
قارة أفريقيا هي إحدى المناطق التي يوجد بها أعلى تركيز للطبقة الفقيرة على مستوى العالم. لذا كان العمل مع الدول الأفريقية للتخلص من الفقر وتحسين معيشة شعوبها وتعزيز التنمية الاقتصادية هدف مهم من أهداف بناء "الحزام والطريق" بشكل مشترك بين الصين وأفريقيا.
موزمبيق هي نموذج مصغر للتنمية الزراعية في أفريقيا. وبسبب تخلف تقنيات التكنولوجيا الزراعية، وانخفاض مستوى إدارة الأراضي الزراعية، وضعف القدرة الزراعية المحلية على الصمود أمام الكوارث الطبيعية، وانخفاض معدل إنتاج المنتجات الزراعية، لم يكن لديها حل سوى الاعتماد على الواردات على مدار السنة لتلبية الطلب المحلي على الحبوب الغذائية.
ولكن التعاون الزراعي بين الصين وموزمبيق يهدف إلى تغيير نمط التنمية الزراعية المحلية وزيادة الإنتاج الزراعي الميكانيكي. ويعد مشروع حديقة وانباو الزراعية هو أحد ثمار هذا التعاون.
بفضل دعم الشركات الصينية في مجال التكنولوجيا والخدمات الميكانيكية، زاد إنتاج الحبوب لمزارعي موزمبيق بشكل كبير، وزاد محصول الحبوب للهكتار من 2 و2.5 طن، قبل تلقي الدورات التدريبية، إلى 6 وإلى 7.5 أطنان في ما بعد.
حقول الأرز في حديقة وانباو الزراعية في موزمبيق
في الوقت الحاضر، أنشأت الصين حوالي 25 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري ومئات من المناطق الصناعية في أفريقيا، مما قدم مساهمات إيجابية في التصنيع وزاد من فرص العمل والصادرات في أفريقيا. وفقا للإحصاءات غير المكتملة، فقد تم خلق أكثر من 40 ألف فرصة عمل في 25 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري.
نشر وترويج تقنيات الزراعة الصينية
كدولة زراعية تقليدية، يعيش 83% من سكان بابوا غينيا الجديدة في المناطق الريفية. فظروف التربة والمناخ في البلاد جيدة، لكن التكنولوجيا الزراعية كانت متخلفة نسبيا، تبين أن تكنولوجيا زراعة عشب الجراثيم المفيدة والأرز الجافوف في المرتفعات لها أهمية كبيرة لتحسين مستوى التنمية الزراعية المحلية.
ومنذ عام 1997، استمر فريق الخبراء الصينيين في ترسيخ جذوره في المنطقة المحلية. من التربية إلى الإنتاج، ومن العرض إلى التدريب، ذهب فريق الخبراء إلى المزارع لتدريب المزارعين المحليين والإجابة على أسئلتهم مرارا وتكرارا.
في 15 ديسمبر 2020، ألقى لين ينغ شينغ محاضرة في الدورة التدريبية التاسعة لمشروع
تكنولوجيا زراعة عشب الجراثيم المفيدة والأرز الجافوف في المرتفعات في بابوا غينيا الجديدة
ووفقا للتقارير، بلغ عدد المزارعين المحليين المشاركين في زراعة العشب 700 شخص، وأتقن أكثر من 3000 مزارع تكنولوجيا زراعة الأرز الجافوف في المرتفعات. بالنسبة لبعض السكان المحليين الذين يفتقرون إلى وسائل كسب العيش، أعطتهم التقنيات الجديدة أملا جديدا في الحياة.
المساهمة في تعزيز اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ عالميا
لطالما التزمت الصين بمساعدة البلدان على طول "الحزام والطريق" في خلق المزيد من فرص العمل وتحسين معيشة المواطنين من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، واتخاذ إجراءات عملية للمساهمة في اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ عالميا.
وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي في يونيو 2019، تساعد مبادرة "الحزام والطريق" 7.6 ملايين شخص على التخلص من الفقر المدقع بمتوسط تكلفة معيشة يومية أقل من 1.9 دولار أمريكي، وتساعد 32 مليون شخص على التخلص من الفقر المعتدل بمتوسط تكلفة معيشة يومية أقل من 3.2 دولارات أمريكية. كما تساعد في زيادة التجارة العالمية بنسبة 6.2%، وزيادة التجارة مع اقتصادات الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" بنسبة 9.7%، وزيادة الإيرادات العالمية بنسبة 2.9%.
وفقا لإحصاءات وزارة التجارة الصينية، في ما يتعلق بالتوظيف، فحتى عام 2018، خلقت مبادرة "الحزام والطريق" أكثر من 200 ألف فرصة عمل للدول المشاركة فيها من خلال التجارة والاستثمار.