الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

هذا ما جرى بين شي وبايدن حول العلاقات الصينية الأمريكية وحول روسيا وأوكرانيا


أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ، كما هو معلوم، اتصالا، عبر تقنية المناظرة المرئية، مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بناء على طلب الأخير، يوم الجمعة 18 مارس 2022. بعض المواقع الغربية تدخّلت في نقل الحوار، وتصرّفت في معانيه، خصوصا لما لقي الموضوع العديد من التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، والكثير منها كان يستفسر حول تخّلات الطرفين خلال التبادلات، التي جرتن بينهما على الإنترنيت...
 
عموما، أجرى الرئيسان تبادلات صريحة ومتعمقة لوجهات النظر حول العلاقات الصينية الأمريكية، والوضع في أوكرانيا، وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ندرج في ما يلي أهم تفاصيلها.
 
في تلك المناظرة المرئية، قال بايدن إنه قبل 50 عاما، اتخذت الولايات المتحدة والصين خيارا مهما بإصدار بيان شانغهاي. وبعد مرور 50 عاما، عادت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين مرة أخرى إلى وقت حرج. كيفية تطور هذه العلاقة ستشكل العالم في القرن الـ21.
 
وأكد بايدن مجددا أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة مع الصين، ولا تهدف إلى تغيير نظام الصين، وتنشيط تحالفاتها لا يستهدف الصين، كما لا تدعم الولايات المتحدة ما يسمى "استقلال تايوان"، وليس لديها نية للدخول في صراع مع الصين.
 
وقال بايدن إن الولايات المتحدة مستعدة لإجراء حوار صريح وتعاون أوثق مع الصين، ومواصلة الالتزام بسياسة صين واحدة، وإدارة المنافسة والخلافات بشكل فعّال لضمان النمو المستقر للعلاقات.
 
كما أعرب بايدن عن استعداده للبقاء على اتصال وثيق مع الرئيس شي لتحديد اتجاه العلاقات الأمريكية الصينية.
 
من جانبه، قال الرئيس شي، في إشارة إلى المشهد الدولي، الذي شهد تطورات رئيسية جديدة منذ اجتماعهما الافتراضي الأول في نوفمبر الماضي، إن الاتجاه السائد للسلام والتنمية يواجه تحديات خطيرة، والعالم ليس هادئا ولا مستقرا.
 
وقال شي: "بصفتنا من الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاقتصادين الرائدين في العالم، يجب علينا توجيه العلاقات الصينية-الأمريكية إلى الأمام على المسار الصحيح وتحمل نصيبنا من المسؤوليات الدولية والعمل من أجل السلام والهدوء في العالم".
 
وشدد شي على أنه والرئيس بايدن يتفقان على الرأي القائل إن الصين والولايات المتحدة بحاجة إلى احترام بعضهما البعض، والتعايش في سلام، وتجنب المواجهة، وأن على الجانبين زيادة التواصل والحوار على كل المستويات وفي شتى المجالات.
 
وقال شي إن الرئيس بايدن أكد أن الولايات المتحدة لا تسعى لخوض حرب باردة جديدة مع الصين، أو لتغيير نظام الصين، أو لتنشيط التحالفات ضد الصين، وأن الولايات المتحدة لا تدعم ما يسمى "استقلال تايوان" أو تعتزم الدخول في صراع مع الصين، مضيفا أنه "يأخذ هذه التصريحات على محمل الجد".
 
وأشار شي إلى أن العلاقات الصينية الأمريكية، بدلا من الخروج من المأزق الذي أوجدته الإدارة الأمريكية السابقة، تواجه عددا متزايدا من التحديات. وجدير بالذكر، على وجه الخصوص، أن بعض الأفراد في الولايات المتحدة، يقول شي، أرسلوا إشارة خاطئة لقوى ما يسمى "استقلال تايوان"، مضيفا أن "هذا أمر خطير للغاية".
 
وقال شي إن سوء التعامل مع قضية تايوان سيكون له تأثير مدمر على العلاقات الثنائية. وتابع موضحا أن الصين تأمل في أن تولي الولايات المتحدة الاهتمام الواجب لهذه القضية.
 
وأضاف شي أن السبب المباشر للوضع الحالي، الذي تشهده العلاقات الصينية الأمريكية يتمثل في أن بعض الأفراد من الجانب الأمريكي لم يتبعوا التفاهم المشترك المهم الذي توصل إليه الرئيسان، ولم يتصرّفوا بناء على تصريحات الرئيس بايدن الإيجابية. الولايات المتحدة أساءت فهم وتقدير النية الاستراتيجية للصين.
 
وشدد شي على وجود خلافات ستظل قائمة بين الصين والولايات المتحدة. وقال "ما يهم هو إبقاء هذه الخلافات تحت السيطرة. إن العلاقات المتنامية باطراد تصب في مصلحة الجانبين".
 
وبعد ذلك، تبادل الجانبان وجهات النظر حول الوضع في أوكرانيا. وشرح بايدن الموقف الأمريكي، وأعرب عن استعداده للتواصل مع الصين لمنع تفاقم الموقف.
 
وقال شي "لا تريد الصين أن ترى الوضع في أوكرانيا يبلغ هذا الحد. تدعم الصين السلام وتعارض الحرب. هذا جزء لا يتجزأ من تاريخ الصين وثقافتها".
 
وأوضح شي أن الصين تتوصل إلى استنتاج مستقل يستند إلى سمات كل مسألة، وتدعو إلى التمسك بالقانون الدولي والأعراف المعترف بها عالميا الحاكمة للعلاقات الدولية، وتلتزم بميثاق الأمم المتحدة وتعزز رؤية الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام. هذه هي المبادئ الرئيسية التي يرتكز عليها نهج الصين تجاه الأزمة الأوكرانية.
 
وفي إشارته إلى أن الصين طرحت مبادرة من ست نقاط بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا، قال شي إن الصين مستعدة لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا والدول المتضررة الأخرى.
 
وقال شي إنه "يتعين على جميع الأطراف تقديم الدعم المشترك لروسيا وأوكرانيا في إجراء حوار ومفاوضات تؤدي إلى نتائج وتؤدي إلى السلام"، مضيفا أنه يتعين على الولايات المتحدة والناتو إجراء حوار مع روسيا لمعالجة جوهر الأزمة الأوكرانية وتخفيف حدة الانشغالات الأمنية لكل من روسيا وأوكرانيا.
 
وشدد شي على أنه مع الحاجة إلى محاربة كوفيد-19 من ناحية، وحماية الاقتصاد ومعيشة الشعوب من ناحية أخرى، باتت الأمور بالغة الصعوبة بالفعل للبلدان في جميع أنحاء العالم.
 
وقال شي "بصفتنا من قادة الدول الكبرى، نحتاج إلى التفكير في كيفية معالجة قضايا النقاط الساخنة العالمية بشكل صحيح، والأهم من ذلك، أن نضع في اعتبارنا الاستقرار العالمي وعمل وحياة الملايير من البشر".
 
وأضاف شي أن العقوبات الشاملة والعشوائية لن تؤدي إلا إلى معاناة الشعوب. وأنه في حالة استمرار تصعيدها، فإنها يمكن أن تؤدي إلى أزمات خطيرة على مستوى العالم في الاقتصاد والتجارة والتمويل والطاقة والغذاء وسلاسل الصناعة والإمداد، ما يؤدي إلى شل الاقتصاد العالمي المتعثر بالفعل، والتسبب في خسائر لا رجعة فيها.
 
وقال شي "كلما كان الوضع أكثر تعقيدا، زادت الحاجة إلى التحلي بالهدوء والعقلانية"، مضيفا أنه مهما كانت الظروف، هناك دائما حاجة إلى الشجاعة السياسية لخلق مساحة للسلام وإفساح المجال للتسوية السياسية.
 
وأوضح شي أنه "وفقا للمقولتين الصينيتين: (المرء يحتاج إلى يدين لكي يمكنه التصفيق)، و(من ربط الجرس في رقبة النمر يجب أن يخلعه)، من الضروري أن تُظهر الأطراف المعنية الإرادة السياسية وأن تتوصل إلى تسوية مناسبة في ضوء الحاجات الفورية وطويلة الأمد".
 
وقال شي إن الأطراف الأخرى يمكنها وينبغي عليها تهيئة الظروف لتحقيق هذه الغاية. تتمثل الأولوية الملحة في استمرار الحوار والمفاوضات، وتجنّب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، والحيلولة دون حدوث أزمة إنسانية، ووقف الأعمال العدائية في أسرع وقت ممكن.
 
وأبرز شي أن الحل الدائم هو أن تحترم الدول الكبرى بعضها البعض، وترفض عقلية الحرب الباردة، وتعزف عن المواجهة بين التكتلات، وتبني هيكلا أمنيا متوازنا وفعالا ومستداما بشكل تدريجي للمنطقة وللعالم.
 
وقال شي إن "الصين تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق السلام وستواصل الاضطلاع بدور بناء".
 
وفي نهاية المناظرة المرئية، اتفق الرئيسان على أن اتصالهما عبر الفيديو كان مثمرا، ووجّها فرقهما للمتابعة الفورية واتخاذ إجراءات ملموسة لإعادة العلاقات الصينية الأمريكية إلى مسار التنمية المستقرة، وبذل الجهود من أجل التسوية المناسبة للأزمة الأوكرانية.