الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
كاتبة المقال خلال تظاهرة لعشرين فبراير ترفع شعار الحكومة زيرو

فاجعة طنجة.. في وطني المغرب يسقط كل سنة قتلى ولا وزير يتزحزح من كرسيه أو يعتذر

 
باريس / نجاة بلهادي بوعبدلاوي
 
قبل سنوات، اختنق عدد من الركاب المسافرين على قطارات الأنفاق في بريطانيا نتيجة أخطاء بسيطة، فما كان من وزير المواصلات البريطاني إلا أن أعلن استقالته كتكفير عن ذنب هؤلاء... ومثل حالة الوزير البريطاني، نماذج متعددة في بلدان الاتحاد الأوروبي.. وفي بلدي، وطني المغرب، يسقط كل سنة قتلى، ولا وزير يتزحزح من كرسيه أو يعتذر... حتى وزير التشغيل، المعني المباشر بالمسؤولية المباشرة على الفاجعة، رد بعنف على من طالبوا باستقالته في قبة البرلمان، وقال لهم إنه لن يستقيل، وعلل موقفه بالقول "لا يمكن أن نقبل المزايدة بأرواح هؤلاء الشهداء"!

في وطني يجيدون صناعة القتل، لكن القاتل دائما مجهول ومتعدد البصمات، والضحايا يتقاسمون المسؤولية مع القاتل... لأنهم، باعتبارهم هم فقراء هذا الوطن، يتحملون وزر ما وقع.

في وطني الضحايا هم من ذهبوا إلى الموت وهو استقبلهم بالأحضان لأنهم فقراء يشتغلون في سرية، ويبحثون عن العذاب اليومي، فما كان من الموت إلا أنت احتضنهم...

في وطني 28 قتيلا في طنجة، 28 معذبا ومعذبة فوق الأرض، قضوا نحبهم تحت أرض مدينة إذا دبت فيها الذبابة علم بها الجميع، في مدينة دولية قضوا نحبهم مقبورين في غنى عن المدافن والجنائز والأكفان...

في سرية تامة، سقطت الأمطار ووقعت الفيضانات وعين السلطة نائمة، وأمانديس غائبة وعمدة طنجة لا يتفقد سوى الفلسطينيين لأنه ضد التطبيع...

في سرية تامة، دخل عمال وعاملات للمصنع، في سرية تامة أمانديس سمحت بتركيب الكهرباء بدون تدوين اسم المكان، في سرية تامة مات 28 مواطنا فقيرا في قبو بفيلا بمدينة طنجة، في سرية سيدفن هؤلاء وانتهى الموضوع، في سرية تامة سترسل الحكومة والبرلمان لجنة تقصي، وفي سرية تامة سننسى الواقعة لأن ذاكرتنا قصيرة ومن كثرة الأحدات المتتالية ننسى ما وقع...

في سرية تامة، نحن فقراء هذا الوطن علينا أن نضحي من أجل الوطن، فالأمطار تسقط ليكثر الخير وليجنيه هم، أما نحن الفقراء، فنعيش فوق الأرض معذبون ننتظر كل يوم حفلة من حفلات التعذيب النفسي أو تعذيب العمل في سرية تامة...