الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

إصدار جديد.. "مذكرات يساري مغربي.. من أيت وابلي إلى درب مولاي الشريف" لمحمد فكري

 
 
عبد الهادي الزوهري
 
 
صدر للإعلامي والمناضل اليساري محمد فكري كتاب: "مذكرات يساري مغربي.. من أيت وابلي إلى درب مولاي الشريف"، وهو عبارة عن يوميات يرويها الراوي "الزغبي المنحوس"، عن مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2020.

يشتمل الكتاب على 270 صفحة، يبتدئ بإهداء لأسرته الصغيرة ورفاقه، وتقديم لثلاثة من رفاقه، الذين عايشوه في مراحل مفتوحة من حياته النضالية والإعلامية، وهم: أحمد الحجامي وإبراهيم موطى وعبدالجليل طليمات...

الكتاب رحلة ممتعة تطوف بالقارئ من ولادة الكاتب بقريته الجنوبية، وطفولته، وعلاقته بأسرته، ودراسته في الكُتّاب، المؤسسة التقليدية التي سيثور عليها، وعلى من يشرف عليها، ليتطلع إلى آفاق أرحب باكتشاف الراديو، كوسيلة تثقيفية، والاستماع إلى برامجه التي ستفتح له عوالم أرحب، ليكتشف عدة عواصم من لندن إلى القاهرة، وأحداثا سياسية قومية وعالمية، وشخصيات مؤثرة...

والكتاب رحلة في جغرافية الوطن من الجنوب المغربي الصحراوي الى تمنار فمراكش فالبيضاء... طلبا للحرية والتعلم.

والكتاب رحلة في اكتشاف الذات المتمردة على التقاليد البالية كالشعوذة والخرافة، وطرائق التعليم العتيقة في المسجد، والرغبة الملحة إلى الانعتاق من هذه العوائق، توسلا بالهروب من بيت الأسرة وركوب مغامرات صعبة في سن حرجة، إثباتا للذات.

هذه الذات، التي ستمارس السياسة في سن الفتوة، بالارتباط بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمدينة مراكش، والتعرف إلى مناضليه من مختلف الفئات الاجتماعية وقياديه المحليين والوطنيين، والارتباط بشباب الحزب، الذين سيشكلون جمعية الرابطة الفكرية.

والكتاب شهادة حية عن الأحداث السياسية الكبرى التي عاشها المغرب منذ أواخر الأربعينيات إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث سيُعتقل صاحب الكتاب في نونبر 1974 مع العديد من مناضلي اليسار الجديد، ليزج بهم في دهاليز  معتقل درب مولاي الشريف سيء الذكر.

الكتاب، أيضا، شهادة موثقة عن الدور النضالي الذي أداه الكاتب، بمعية رفاقه، تجاه تنظيمهم السياسي، منظة 23 مارس، لما كان هو المشرف والفاعل الأول في نشر مختلف المطبوعات الحزبية والنقابية، التي كان يرقنها بآلته أوليفيتي، التي سبقته إلى السجن شاهدا على اتهامه في عشقه لـ"الوطن والخبز والديمقراطية"...

والكتاب بوح عن هذه اللحظة، لحظة الاعتقال باعتبارها لحظة اختبار للذات ولقناعاتها، وتحديها للجلاد، صحبة رفاق الدرب، حيث تمتحن الإرادات وتكتشف خبايا النفوس ومعادنها...

والكتاب حافل بالعديد من الذكريات الإنسانية الحميمة والعميقة التي يعبر عنها صاحبها بنبل  تجاه رفاقه من المعتقلين، سواء منهم الذين يشاركونه الموقف السياسي أو يخالفونه...

والكتاب، في المحصلة، مرآة تعكس صدقية صاحبه، ودماثة خلقه، ونبل طبعه، ليؤرخ لأحداث سياسية مائزة، ولمناضلين معروفين، ويحيي ذاكرة القارئ عن آخرين مغمورين...