الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
المهدي بن بركة كما لم تراه من قبل

عبد الواحد الراضي يتحدث عن بن بركة: "ماكانش كينْعَسْ وإلا نعس جوج سوايع بالليل كينوض يفيَّق راسو"

 
حسن عين الحياة
 
في مثل هذا الشهر (أكتوبر)، وتحديدا في يوم 29 منه، تم اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة... ولأنه كان الأقرب إليه ضمن الاتحاديين، والأكثر التصاقا به، كشف عبد الواحد الراضي في كتابه المغرب الذي عشتُه" عن بعض الخواص الفريدة في شخصية المهدي بن بركة، وكيف كان هذا الزعيم آلة إنتاجية غير قابلة للتوقف. فقد كان، حسب المتحدث، يمتلك هبة طبيعية، تتمثّل في قدرة استثنائية على استعادة طاقته الذاتية وتجديد حيويته الجسدية. كانت تكفيه ساعات قليلة من النوم ليتجدّد نفسه وعنفوانه. والغريب، يقول الراضي، أنه كان يتحكم في توقيت استفاقته، وكأنه كان يبرمج ساعته البيولوجية. إذا أراد أن ينام ساعتين، يصحو فعلا بعد ساعتين من النوم. فإذا استفاق من نومه أو إغفاءته، لا يظل مسترخيا. على الفور ينهض من فراشه، على الفور يبدأ العمل، على الفور يتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك. كأن المهدي كانت الحركة جوهره وبِلَّور روحه.
ولكي يؤكد هذه الخاصية، يعود الراضي إلى عملية تطويع الذاكرة، من أجل استحضار بعض الوقائع التي كان المهدي دقيقا فيها مثل الساعة.
"مازلت أذكر أسفاري معه، ونحن في فرنسا، أثناء تنقلاته التفقدية بين الفروع الحزبية الموزعة على عدة مدن فرنسية. كان يقود سيارة فولسفاكَن صغيرة (La Coccinelle)، وما أن نصل ونلتقي المناضلين حتى يشرع في عمله التنظيمي. وقد يتواصل الاجتماع الليل كله إلى الساعة الثانية أو الثالثة صباحا. ثم نعود إلى الفندق لننام مؤكدا أنه سيأتي ليوقظني بعد ثلاث ساعات، كي نواصل الطريق إلى مدينة أخرى وموعد آخر. وفعلا، بعد ثلاث ساعات يوقظني فأجده وقد ارتدى ملابسه كاملة وحلق ذقنه وصار جاهزا للانصراف. ويكون عليَّ أن أسرع لألحق بإيقاعه إن استطعت".