من أجمل ما قرأتُ لنا... كنا وقتها نقارع الشوقَ بالشوق، نقرّب المسافات سريعا رغبة في اللقاء.. جاء اللقاء وتلاه آخر، وحدث الالتحام في جنح الظلام، بقبلة وعناق غير مكتملين...
كان كل شيء جميلا في منتهى اللذة الشبقية التي استوطنت خيالنا.. حضر الفونطازم الأيروتيكي في الخيال ذاته، في تلك اللحظة الشاطئية الرائعة، وحضرتِ أنت الآن بكل التفاصيل، التي جعلت منك أيقونة متفردة عندي.. ربما، بل أكيد، هذا ما جعلني أنقب في أرشيفنا أو الأحرى في إرثنا المفعم بالحب. فوجدت هذا:
قالت: "ألا تخاف من قبلة الفم فهي مكيدة.. قد تجرك إلى أماكن بعيدة، لترتكب زلات عديدة وحماقات وهفوات لذيذة". فقلت: يا حبيبتي، لقد أخرجت من صدري ألف تنهيدة.
وزدت منشدا منتشيا:
وكيف تكون قبلة على فم الحبيب مكيدة، وهي تُوَطِّن لرؤى جديدة؟
وكيف لا تكون القبلة قبلةً إن لم تجرني إلى أماكن بعيدة. القبلة على شفتيك يا حبيبتي سياحة للروح، وكتم للبوح، وأنا القائل حين اخترقت فاتنتي أحشائي: فصل الصيف قد أتى.. فألف ألف مرحبا إن أحيى فيَّ ما مات.. لكن صيفيَّ خريفٌ، عشش البؤس فيه وبات.. حتى الذي ظنته خِلاً خلَّ بي، فأوشكت قُبلي من ثغري تبغي انفلاتَ.. لكن مع المرمرية أزهرت قبلي فصاحت لها.. هيهاتَ، أن تزرعي سحرك على صفيح الشفتين مثنى وثلاث.. وإن زدتني طابت في حضنك الأوقات..
أما الزلات العديدة يا حبيبتي، فهي ملح الحب، إذ إن انعدام الزلل يصيب العاشقين بالشلل.. غير أن الحماقات والهفوات اللذيذة، هي أجمل وصف من حبيبة عنيدة، تندفع في الحب تارة، وأخرى تُحجم في خطوات وئيدة..
لكل ذلك، أقول لك حبيبتي، يحملني إليك اليوم، شوق جارف، كالفاتحين القدامى.. فلا أكذبك أنني أريد أن أفتح باب شفتيك، وأن أزرع رايتي بين هضابك الفسيحة الخصيبة، وأن أجعل مرقدي هناك.. أعانق بسريالية الصورة ربوتين كحارس عملاق من زمن عاد.. آه كم يحفر في داخلي ذاك العناق الذي لم يكتمل.. آه لو تعرفين مدى الشوق الذي يجرني إليك، أهجر الهُنا وأحلق سريعا إلى الهناك.. إلى حيث أنت... لا يطيب لي نوم إلا بعناقك.. أعانقك من هناك فأنام هنا...