الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
كاريكاتير للفنان عبد الله الدرقاوي

هكذا قَسَّم فيروس كورونا الكاريكاتيريين المغاربة بين السخرية من وطأة "الكوفيد" والتوعية من مخاطره

 
عبد اللطيف الجعفري
 
كيف اقتنصت ريشة الكاريكاتير بعض اللحظات والوقائع التي لها صلة بالفيروس التاجي؟ وكيف نجحت في تحويلها إلى أفكار ورؤى ضمتها أعمال مصورة ومرسومة تجمع بين الإخبار والطرافة وأحيانا السخرية؟ وماذا عن الطريقة التي تفاعل بها الجمهور الواسع مع إنتاجات فن الكاريكاتير؟ وهل نجح فن الكاريكاتير في اقتحام عوالم الكوفيد المتشعبة والمعقدة؟
صعوبة إنتاج رسومات كاريكاتيرية، وسهولة قراءتها، وسرعة انتشارها، يبين بجلاء أن فن الكاريكاتير يدخل ضمن خانة السهل الممتنع، وهو ما يجعل الإجابة عن مختلف الأسئلة المطروحة صعبا، تماما كصعوبة فهم جوانب كثيرة من الفيروس التاجي نفسه، الذي أربك حسابات العالم بأسره .
ولهذا السبب تحديدا كان لزاما الاقتراب أكثر من هذه العوالم، التي تعتمد على المشهد المختزل للحدث، مما يجعله مثار اهتمام القارئ، قبل قراءة المقالة أو مشاهدة الصورة .
يقول فنان الكاريكاتير عبد الله الدرقاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه في ظل أجواء جائحة كورونا، التي تجتاح العالم في الوقت الراهن أطلق رسامو الكاريكاتير العنان لريشاتهم لإبراز قدرة فن الكاريكاتير على المساهمة في التعبئة والتوعية لمكافحة هذا الوباء اللعين .
وحسب الدرقاوي، الذي يشتغل رساما كاريكاتيريا في عدة جرائد منذ سنوات طوال، فقد أنتجت ريشات هؤلاء الفنانين لوحات تسخر من الجائحة، وترفع معنويات المتلقي وتشجع على الممارسة الوقائية والالتزام بها لأهميتها، كارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي وغيرها .
وتابع أنه في ظل انتشار الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان "على عاتق فناني الكاريكاتير مسؤولية كبيرة في تصحيح ونقل المعلومات للناس بطريقة سهلة ومبسطة ومحببة للنفس في قالب ساخر ضمن دور فن الكاريكاتير الإخباري".
وبشأن تجربته الخاصة في التعاطي مع موضوع كورونا، أوضح أن هذا الموضوع هو المسيطر على"أغلب أعمالي الفنية في الوقت الراهن، مادام هذا الهم هو الشغل الشاغل للعالم كله "، لافتا في هذا السياق إلى أن فن الكاريكاتير أبان على قدرة هائلة بشأن دعم المجهودات المبذولة لمحاربة جائحة كورونا، وذلك من خلال رسومات تخاطب وعي الناس، وتدعوهم لتوحيد الجهود وإشاعة روح التضامن بين أفراد المجتمع وتحذرهم من مخاطر فيروس مهدد للبشرية .
كما أن هذه الرسومات، كما قال الدرقاوي، تدعو الناس إلى الاهتمام أكثر بالبيئة التي نعيش بها من خلال أعمال كاريكاتيرية أظهرت فيها التغييرات الإيجابية التي طرأت على كوكب الأرض بسبب الوباء .وفي الاتجاه ذاته قال الفنان التشكيلي، ورئيس النقابة المغربية للفنانين التشكليين المحترفين محمد المنصوي، إن فن الكاريكاتير عمل، في بعض الأحيان على تجسيد الوباء بشكل مرح وساخر، فوصل إلى المتلقي ووجد استحسانا لديه، ثم جرى تقاسم ما جرى إنتاجه على نطاق واسع على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي .
ولهذا السبب تحديدا، يضيف المنصوري، وهو أيضا رئيس جمعية الفكر التشكيلي، فإن عدة أسماء اشتغلت على الكاريكاتير من عدة زوايا، خلال الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار كوفيد 19 .
وفي التفاصيل قال إن فن الكاريكاتير تعاطى كثيرا مع سياسة الحكومة في معالجتها للوضع الناتج عن كورونا، خاصة تلك التي لا تجد استحسانا لدى المواطنين على نطاق واسع، إضافة إلى تناول ما يراه الفنانون وحتى الرأي العام " تناقضا في قرارات معنية ".
لكن تم في بعض الأحيان، كما قال، الخروج عن هذا التوجه، حيث تبادل فنانو الكاريكاتير، التهكم والسخرية بينهم بطريقة مرحة ومشوقة، حيث يتحول فنان الكاريكاتير نفسه إلى موضوع لبعض الأعمال، فيقوم كل واحد برسم زميل له، وكيفية تعاطيه مع الجائحة وتفكيره فيها.. أي رسم فنان في وضعيه معينة، فيرد عليه الآخر ضمن سجال فني مرح وساخر .
وبشأن الاهتمام المتزايد بهذا الفن، ذكر في هذا السياق بفوز كتاب "الكاريكاتير في المغرب السخرية على محك الممنوع " لابراهيم الحيسن بجائزة المغرب للكتاب برسم دورة 2019 ( صنف جائزة الدراسات الأدبية والفنية واللغوية).
ومع ذلك، لفت إلى أن الممارسة المتعلقة بالكاريكتير في المغرب ما تزال " محتشمة ولم ترق بعد الى المستوى المنتظر "، رغم وجود أسماء بارزة كاللبار والصبان وغيرهم، والتئام آخرين في جمعية تعنى بهذا المجال .
الكاريكاتير، فن تعبيري يعتمد على قوة الفكرة وعمق المعنى، كما قال الدرقاوي، ويتناول الواقع بأسلوب ساخر محبب للنفس، ويعكس التناقضات والمفارقات مما جعل له جماهيرية واسعة في أوساط المجتمع المختلفة.
فلغة التواصل بالنسبة لفن الكاريكاتير، عالمية، مما جعله عابرا للقارات والحدود.. إنه أيضا فن جامح لا تحكمه قواعد أو معايير محددة مما يطلق العنان للفكر الإبداعي المتجدد لخلق متعة للفنان والمتلقي معا.
في شعاب الكاريكاتير، وطنيا وعالميا، تتشكل الصور والرسومات التي تتلقفها بكل سهولة، مختلف الفئات الاجتماعية، وتقرأها بل وتتفاعل معها، لأنها تقتنص، بشكل ذكي ومبسط ، وساخر أحيانا، هموما وانشغالات وتطلعات، شاردة أو واردة .