الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

نشر غسيل ناهبي مالية جماعة الدارالبيضاء.. هل سيفتح تحقيق في الاتهامات الموجهة لـ"منتخبين فاسدين"

 
مراد بورجى
 
ابتلع حزب رئيس الحكومة لسانه، وغضَّ الطرف لحد الآن إزاء أحد منتخبيه من فريق التجمع الوطني للأحرار بالدارالبيضاء، محمد حدادي، الذي خرج بـ"لايف" على صفحته بالفايسبوك، ليلة الخميس 23 يونيو 2022، ليوجّه اتهامات خطيرة لزملائه في الفريق بنهب مالية جماعة الدارالبيضاء عبر التلاعب بالصفقات واستعمال شركات يملكونها أو يملكها أقرباؤهم.
 
رابط فيديو اللايف
 
محمد حدادي، نائب برلماني عن حزب الأحرار، وفي نفس الوقت رئيس مقاطعة سيدي عثمان، ثارت ثائرته بسبب قرار تأجيل انتخاب النائب العاشر لعمدة جماعة الدارالبيضاء، الذي ظل شاغرًا منذ قرابة السنة بعد استقالة توفيق كميل زوج العمدة من النيابة الثالثة لزوجته رضوخًا للضغط الذي تعرضا له كزوج وزوجة يسيران مكتب مجلس جماعة الدارالبيضاء، لدرجة أن أصبحت الصحافة تنعتهما بـ"الكوبل".
توفيق كميل نائب برلماني عن حزب الأحرار، وفي نفس الوقت رئيس مجلس مقاطعة سباتة، محاسب جاء به إلى السياسة المنسق السابق لحزب البام سفيان القرطاوي، ترشح لانتخابات 2009 وفاز بمقعد بمجلس المستشارين وبعضوية مجلس جهة الدارالبيضاء سطات، أصبح يعرف جيدًا الأساليب التي كانت تستعملها العصابة، التي نهبت مالية جماعة الدارالبيضاء أيام العمدة محمد ساجد، الذي خصص له الملك، هو ومكتبه ومعهم محمد بوسعيد، الذي كان وقتها يشغل منصب الوالي على جهة الدارالبيضاء سطات، خطابًا ناريًا حول سوء تدبيرهم للعاصمة الاقتصادية.
وهو السبب الذي دفع العمدة نبيلة الرميلي لتحتفظ صحبة زوجها توفيق كميل بتفويضيْ التعمير والأشغال، اللذين يتصارع أشخاص بعينهم للسطو عليهما.
فالعمدة وزوجها، في بادئ الأمر، فوّضا تدبير الممتلكات والمنازعات للحسين نصر الله عن حزب الاستقلال، النائب الثالث للعمدة، فيما انتزعا منه التعمير، الذي كان يشكل، مع الممتلكات، تفويضا واحدا طوال العهود السابقة. إلاّ أن الحسين نصر الله، بعد استقالة زوج العمدة توفيق كميل، بدأ يتصارع لاسترجاع تفويض التعمير وضمه إلى الممتلكات.
العمدة، بدعم من زوجها، ظلا يمتنعان عن إدراج نقطة انتخاب منصب النائب العاشر، الذي سيشعل فتيل الحرب على تفويضي التعمير والأشغال اللذين يشكلان "البقرة الحلوب"، كما يقول حدادي في "الفيديو اللايف" الفضيحة...
تدرج نواب العمدة في النيابات أعطى الأهلية لعبد الصادق مرشد "الموظف بالجهة"، الذي كان قد جاء به محمد جودار النائب البرلماني ورجل ثقة محمد ساجد العمدة السابق، إلى ديوان هذا الأخير، بعد إبعاده من طرف سعيد الناصري من مركب الوداد بنجلون.
لكن التلميذ سيتفوّق على المعلم، إذ سيفوز بمقعد رئاسة جماعة المعاريف، وبكاتب لمجلس جماعة الدارالبيضاء، بعد أن تمكّن من ضبط نقابة الموظفين، وأصبح يرى في نفسه "الأهلية" اليوم لشغل منصب زوج العمدة وحيازة تفويض التعمير، ليترك لزميله في الفريق النائب السابع محمد الوطاس الخبير في المجال، الذي استقدمه حسن بنعمر نائب رئيس مجلس النواب، من حزب العدالة والتنمية إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، فاراً من "قهر الإسلاميين"، تفويض الأشغال بعد أن ظل بدون تفويض ينتظره لغاية اليوم كما يُسر البعض داخل المجلس.
الصراع على التفويضات كان وراء فرض دورة استثنائية على العمدة وزوجها لانتخاب النائب العاشر لفتح المجال أمام المطالبة بتفويضي التعمير والأشغال، الشيء الذي دفعهما للاستنجاد برئيس الحزب عزيز أخنوش لحماية نفسيهما من مسؤولية أية تلاعبات داخل مكتب المجلس، فطلبا من أخنوش تزكية محمد حدادي بالذات لهذا المنصب ليقف سدًا منيعا أمام "النهب" المفترض، الشيء الذي أشعل حرب البلاغات بين الفريق الاستقلالي و"صقور" حزب الأحرار، فيما قيادة البام بالدارالبيضاء ظلت منذ البداية مع "الجهة الرابحة"، بعيدًا عن المسؤولية.
وهو الضغط الذي فرض على المنسق الجهوي لحزب الأحرار والمخطط لما يجري بالدار البيضاء محمد بوسعيد وزير المالية السابق "المغضوب عليه من طرف القصر"، ليتدخل ويقرر مرغمًا تأجيل انتخاب النائب العاشر، ووقف هذه الحرب إلى إشعار آخر.
هذا القرار فجّر غضب محمد حدادي، الذي عبّر عنه في "الفيديو الفضيحة"، في محاولة منه للاستنجاد بالصحافة والرأي العام البيضاوي، عبر نشر غسيل منتخبي حزبه التجمع الوطني للأحرار بالدارالبيضاء ومعهم آخرون من أحزاب أخرى، بعدما استطاع اللوبي الجديد المتحكم في دواليب القرار أن يُبعد من المسؤولية المنتخبين والموظفين الذين يُمكن أن يفضحوا ما يجري ويدور من نهب لعقارات وممتلكات ومالية الجماعة.
اللوبي إياه قام، أيضا، بإبعاد "مرشحة الوالي" المهندسة المقتدرة والمسؤولة عن شفافية صفقات ولاية جهة الدارالبيضاء سطات لمنصب مديرة مجلس الدارالبيضاء، ليقرر المتحكّمون الجدد، بعد ذلك، تعيين شخص من اختيارهم كمسؤول عن الموظفين...
يحصل هذا فيما تعلم العمدة وزوجها أن ملف "العمدة السابق محمد ساجد ومن معه" سيطفو على السطح في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن خصص له قضاة المجلس الأعلى للحسابات عدة تقارير، مما جعل العمدة نبيلة الرميلي وزوجها يعيشان حالة يقظة قصوى إلى درجة أن قن الولوج إلى منصة التعمير والرخص عند العمدة، والإشراف المباشر يقوم به زوجها توفيق كميل الذي يقوم مقامها في ممارسة مهام التعمير من أجل التدقيق في كل صغيرة وكبيرة خوفًا من تورط زوجته التي وجدت نفسها بين سندان لوبي الفساد بالدرالبيضاء، ومطرقة المسؤولية القانونية التي قد تتحملها بصفتها المسؤولة الأولى عن مالية جماعة الدارالبيضاء.
كما أن تفويض الأشغال، الذي كان وراء اغتناء العديد من المنتخبين عبر شركات بعينها، مازالت آثار صفقاته المشبوهة قيد البحث وإعداد التقارير.
أما تضارب المصالح، فحدث ولا حرج!
فإذا كانت الدولة تريثت، لغاية اليوم، فهذا راجع بالدرجة الأولى إلى رقمنة الإدارة لكي تستطيع الولوج إلى أدق التفاصيل المتعلقة بظروف وملابسات استفادة بعض المنتخبين وبعض الموظفين والمقربين من استغلال مناصبهم ونفوذهم للاغتناء "من جيوب البيضاويين دافعي الضرائب".
كما أن التصريح بالممتلكات سيكون الفاصل في فتح مساطر غسيل الأموال التي خصصت له رئاسة النيابة العامة أربعة محاكم، أما قانون الإثراء غير المشروع، فلا مفر منه للجواب على السؤال الملح "كي كنتي، وكي وليتي".
محاسبة المسؤولين بالدارالبيضاء عبر تفعيل النص الدستوري، الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، احتفظ به الملك محمد السادس لنفسه بعدما خصص لمسؤولي الدارالبيضاء خطابًا شديد اللهجة، اعتبر فيه أنه في هذه المرحلة الجديدة لا مجال للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب.
إنها مسألة وقت فقط، فهؤلاء المفسدون يعيشون في السراح المؤقت، والملك لا ينطق عن الهوى، وإن غدًا لناظره لقريب...
يُتبع..