الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

سبتة ومليلية.. المغرب اليوم قادر على محاصرة إسبانيا كلها وليس فقط الثغرين المحتلين

 
إدريس جنداري
 
 
اطلعت على تقرير صحفي يطرح، عبر استقصاء وتحليل المعطيات، سيناريوها قابلا للتنزيل على أرض الواقع على المدى القريب.. يتعلق الأمر بسيناريو انقلاب السحر على الساحر الفرنكوي عبر حدوث حركة معاكسة لتهريب السلع من المدن الشمالية للمغرب نحو الثغرين المحتلين خاصة، ونحو المدن الإسبانية بشكل عام.
 
كيف سيحدث هذا السيناريو؟!
 
لنمارس التحليل الاستراتيجي، كعادتنا، لأن الأمر حقيقة واقعية وليس خيالا جامحا يدعمه التنجيم!
 
** كمُدخَلات
 
... لابد أن نقر أن المغرب قد عانى، على امتداد عقود من تاريخه المعاصر، من الاختراق الاقتصادي الذي مارسته إسبانيا على الجهة الشمالية خاصة، وعلى كل المدن المغربية بشكل عام، مما أثّر سلبا على القطاعات الإنتاجية الوطنية وأصاب بعضها بالإفلاس، الأمر كان يتجاوز حدود التبادل التجاري بين بلدين جارين تجمعهما حتمية الجغرافيا، ولكنه كان أقرب إلى حرب اقتصادية موجهة سياسيا من أجل إنهاك المغرب وجعله فقيرا جاهلا كما أوصت بذلك الجدة إيزابيلا أحفادها الفرنكويين!
 
وفعلا، حققت هذه الحرب الاقتصادية غايتها وشلت الحركة الاقتصادية، عبر اختطاف جهتين ترابيتين مغربيتين بأكملهما (الجهتان الشمالية والشرقية) وتوظيفهما كحصان طروادة لدك حصون المغرب الاقتصادية وشل عجلة الإنتاج الصناعي، وذلك عبر توظيف خطة التهريب المعيشي الذي يقدم، ظاهريا، كفرص شغل موجهة لمحاربة البطالة وتوفير موارد العيش لملايين المغاربة!
 
** كمُخرجات
 
... يجب أن نقر، كذلك، أن التحول الجوهري في هذا المشهد/السيناريو وقع مع وصول الملك محمد السادس إلى سدة الحكم حاملا معه تصورا استراتيجيا جديدا شكّله أكاديميا في شهادته للدكتوراه حول علاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي. هذا التصور هو الذي تم تنزيله سياسيا عبر رسم المعالم الجديدة للعلاقات المغربية-الأوروبية التي انتقلت، بعد عقدين من الشدّ والجذب، إلى علاقات متوازنة ومتكافئة يمارس خلالها المغرب حقه في الرفض والاحتجاج، ويدافع عن حقوقه بقوة وجرأة دون خوف أو تردد.. وهكذا ولد مغرب اليوم الذي يختلف، جوهريا، عن مغرب الأمس!
 
لا يمكن، إذن، استيعاب هذه الحركة الاقتصادية المعاكسة دون وضع المشهد كاملا ضمن سياقه الخاص، فالمغرب لما مارس سيادته على المعبرين الحدوديين وأفشل بذلك خطة التهريب المعيشي التي كانت تشل اقتصاده، كان يتوفر على البديل الاقتصادي الذي يتمحور حول الاستثمار البحري الضخم (ميناء طنجة المتوسطي) الذي عوض المعبرين البريين وساهم في تحقيق الانتقال السلس من مرحلة تهريب السلع إلى مرحلة تصدير واستيراد السلع، وبالإضافة إلى ذاك شرع المغرب في تهييء المناطق التجارية الحرة وإبرام الاتفاقيات الاقتصادية مع الشركات الإنتاجية الكبرى والعلامات التجارية العالمية.
 
** المغرب يجني الثمار اليانعة لتصوره الاستراتيجي الجديد
 
... هكذا تحولت الجهة الشمالية إلى قلب المغرب النابض، حيث تستقر كبرى شركات تصنيع السيارات والطائرات، وفي الأفق القريب ستستقر العلامات التجارية العالمية وعلى رأسها علامة "إيكيا" التي أبرمت اتفاقية في هذا الصدد، وينتظر المغرب قدوم علامات تجارية عالمية جديدة، وهذا مؤكد بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي الذي يساعد هذه العلامات التجارية على ربح المنافسة وتحقيق الأرباح.
 
بقي أن نشير، في الأخير، إلى أن المغرب، الحيوي والنشيط المرتبط باتفاقيات سياسية واقتصادية مع قوى دولية كبرى، أكبر من أن ينافس الجار الفرنكوي عبر التهريب!!! فاستراتيجيتنا تتجاوز هذا الأفق المسدود الذي يحمل من رائحة السياسة أكثر ما يحمل من روح الاقتصاد.. المغرب، اليوم، قادر على محاصرة إسبانيا كلها وليس الثغرين المحتلين وحسب! وذلك عبر استراتيجيا اقتصادية متكاملة التخطيط قادرة على تحويل المغرب إلى مركز دولي، بعدما كان يخطط الحلف الأوروبي لتهميشه عبر تعميم الجهل والفقر!