الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

من واحد يجمّد العضوية ويقطع علاقات إلى آخر يهدد بالنزول إلى الشارع.. إنه عهر سياسي ليس أكثر!

 
باريس/ نجاة بلهادي بوعبدلاوي
 
 قد يبدو العنوان نشازا شيئا ما، لكنه للأسف الشديد يصور لنا حقيقة ما آلت إليه السياسة في المغرب، مسرحية اليوم، التي بطلها عبد الإله بنكيران (مول سبعة دالمليون)، الذي تقدم برسالة مكتوبة بخط اليد يعلن فيها تجميد عضويته في حزب العدالة والتنمية، وكذا قطع علاقته ببعض وزراء البيجيدي وعلى رأسهم رئيس الحكومة، والأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، مازالت (المسرحية) أطوارها متواصلة، ولا نعرف طبيعة مآلاتها حتى الآن...

وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، أتوقف قليلا عند مقارنة ما يجري اليوم ببعضٍ من مسارات التاريخ القريب، السابق مباشرة على سرقات ما سمي بـ"الربيع العربي"، ولو تكون مقارنة بسرعة البرق، إذ تكفي الإشارة إلى كثيرين منا من يفكرون بسياسيي الأمس، إذ رغم انتقاداتنا لهم، التي تتفاوت حدتها، فإننا نذكر، بكثير من الاحترام والتقدير، بعضاً من أمجادهم وأقوالهم ونضالاتهم، بما فيها حتى تلك السلوكات والمواقف، التي كانت تجلب سخطنا عليهم، لكنها سلوكات ومواقف بقيت في حدود الحد الأدنى من الاحترام...

واليوم، أضحينا نعيش على إيقاع سياسة العهر والتجاذب الوضيع، لم تختلف توقعاتنا بعد ترؤس حزب العدالة والتنمية الحكومة، فمنا من قال إنه عنوان موت السياسة، أو بؤسها، ومنا من قال إننا سندخل رويدا رويدا إلى مناطق الاندحار السياسي والأخلاقي، ثم عشنا حتى شفنا الحزب إياه يقود الأغلبية بنفس الفكر الظلامي، الذي لا يستطيع فكاكا من نزعات الهيمنة والاستئساد واستعراض العضلات، وأضحينا نرى أغلبيتهم الساحقة وقد تحسنت الحال والأحوال، وأضحى بعضهم بالياقات البيضاء، فيما بات كلهم يهرولون خلف المناصب والمكاسب، لا يميزون فيها لا حلالا ولا حراما، فيما بعضهم قضوا أكثر من نصف أعمارهم يخافون من دخول المرحاض بالقدم اليسرى قبل اليمنى كي لايأثموا…

قياديو حزب العدالة والتنمية أصبح كل همهم أن ينعّموا خراف سنوات الشأن العام، التشريعية أو الحكومية، قد يقضونها في صراعات ومناكفات، لكنهم ما يلبثوا أن يسارعوا إلى الاتفاق والتوافق و"نعل الشيطان"، والدعاء عليه "الله يخزيه"، ثم يفركون كفا بكف، ملتئمين متفقين على الحفاظ على ما هم فيه من نعم الدنيا، وإبقاء الناس على ما هم عليه من بؤس الحياة ولا الضالين...

لقد أدرك الشعب المغربي حين هرولت تلك الفئة من الناخبين لتصوّت على أولئك البيجيديين، الذين كانوا يصافحونهم ويودعونهم بالسملة والحوقلة، حتى تسلقوا على ظهور أصواتهم للدخول إلى قبة البرلمان، وليتبوأوا المرتبة الأولى ليختار الملك منهم رئيس الحكومة...

حزب الشيخ والمريد الذي أوهم الجميع بالصراع على خدمة الشعب، هو نفسه اليوم الذي انكشف أمام جماهير الشعب أن كل ما يهمه هو مصالحه وقضاياه ومكاسبه ومدخولاته، ليأتي اليوم شيخه ويخرج على الناس بشبه ورقة متسخة غير نظيفة يزايد بها علينا بتجميد العضوية، فيما يهدد مريدوه بالخروج إلى الشارع...