إرهاب.. جريدة "السبيل" السلفية تستغل القرآن والمساجد للتحريض على قتل التنويريين
الكاتب :
إنصاف الراقي
إنصاف الراقي
في الوقت الذي تحارب الدولة خطاب الكراهية، وتسخر كافة أجهزتها الأمنية من أجل مكافحة الإرهاب والتطرف و"النعرة الداعشية"، خرجت جريدة "السبيل"، الناطقة باسم الحركة السلفية في المغرب، بخطاب غاية في التطرف، يحمل دعوة صريحة للقتل في حق أربعة مغاربة تنويريين.
ونشرت جريدة "السبيل"، التي تصدرها جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، على صفحتها الأولى، صورا للتنويريين الأربعة، أحمد عصيد ومحمد المسيّح وسعيد ناشيد ورشيد أيلال، يعلوها مانشيت مستفز ومحرّض على القتل، يقول "أنقذوا المغاربة بإعدام المجرمين.. ففي القصاص حياة أيها العقلاء".
كما أن في الصفحة ذاتها عنوان عريض يتوسطها، فوق صور التنوريين الأربعة، يقول "العابثون بالثرات.. بين تهافت الطرح وفشل الإقناع"، والتراث الذي تعنيه جريدة "السبيل" بشكل تضليلي فج وغير مقبول، هو القرآن الكريم والمساجد، إذ وضعت صور عصيد المسيّح وناشيد وأيلال خلف صورتي مسجد ومصحف. وبالتالي، أصبحت الصفحة إعلانا تحريضيا، يحمل خطابا مليئا بالكهراهية والتطرف والداعشية، يحرّض الخلايا الإرهابية النائمة على "إنقاذ المغاربة بإعدام المجرمين"، الذين انتقتهم جريدة "السبيل" بعناية، بعدما وضعتهم على حبل المشنقة، بتهمة العبث بالقرآن والمساجد، مع لعبها على الجانب الديني، الذي يغري أهل التطرف بعبارة مستوحاة من القرآن تقول "ففي القصاص حياة أيها العقلاء"، على وزن الآية القائلة "ولكم في الحياة قصاص يا أولي الأباب"، حتى يعتقد الذين تغرر بهم جريدة "السبيل"، أن قتل هؤلاء مسنود بالقرآن الذي هو شرع الله.
واستفز هذا المنشور الدعائي والدعاشي العديد من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره كثيرون إعلانا من جريدة "السبيل" موجها إلى سلفيين وجهاديين وإرهابيين لقتل التنوريين الأربعة، فيما رآى آخرون أن مثل هذا الخطاب لن يمر سالما إذا لم تتدخل الأجهزة الأمنية في الوقت المناسب، والضرب بيد من حديد على مروجي هذا الخطاب التكفيري المحرض على القتل.
في حين رأى فايسبوكيون آخرون أن جريدة "السبيل" انتقت توقيت هذا الإعلان الإرهابي، بالتزامن مع الجريمة الإرهابية، التي راح ضحيتها مدرس مادة التاريخ في فرنسا، يوم الجمعة الماضي، عندما قطع إرهابي من أصول شيشانية رأسه، بمبرر عرضه رسوما كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد على تلامذته في موضوع يهم حرية التعبير. فيما علّق آخر "على الأجهزة الأمنية التحرك، ووأد هذه الفتنة التي أيقظتها جريدة (السبيل)، والفتنة أشد من القتل".
وكتب إبراهيم حمّي أن "الجهل دائما يحارب العلم والمعرفة، وهذا ليس بجديد على أهل الكهف ومن له مصلحة في تجهيل الأجيال. الخرافة دائما تخشى العلم وضد الوعي لتسيطر على عقول البسطاء".
ودوّن موسى گويگو: "تبا للظلاميين... وعلى الدولة وعلى كل أجهزتها، بما في ذلك القضاء، تحمل مسؤولية متابعة إدارة الجريدة بسبب تشهيرها بالمفكرين وتعريض حياتهم للخطر... وعلى كل الديمقراطيين التلاحم وطرح مبادرات جماعية للرد على مثل هذه التهديدات، التي تريد قتل كل فكر حر".
وكتب حسن بنعدي "هكذا تبدأ الجريمة: شيطنة وتحريض من طرف منظري ومبرري القتل، ثم التنفيذ من الأتباع، ولكن العقاب لا يطال في كل الحالات إلا الأدوات بينما المحرضون محصنون (حالات فرج فودة، ناهض حتر، شكري بلعيد...)".
من جهة أخرى، علّق الإعلامي المغربي الكبير محمد نجيب كومينة على الغلاف كما يلي: "بصفتي ماكيتيست توليت إعداد ماكيت عدد من الصحف، من بينها أنوال في سنواتها الأولى، أجد أن التركيب المفتوح للعنوانين الرئيسيين في الصفحة الأولى/الغلاف مقصود كي تجعل المانشيت في تكامل مع العنوان الذي يتوسط الصفحة، مع استعمال صورة خلفية مركّبة واحدة جامعة للعنوانين ومحققة للامتداد والاتصال المطلوبين لدى قارئ لايستطيع التمييز بين العنوانين. وهذا معناه ان الجريدة لاتكتفي بالرأي الهادف إلى الرد على قراءات للثراث وتفنيدها، وهذا حق لا يعترض عليه أي ديمقراطي مدافع عن حرية الرأي والتعبير، بل تصله بحكم بالإعدام في حق من اختارت صورهم دون غيرهم، صادر عن جهة غير قضائية تعتبر القانون الوضعي والقضاء الحديث المنظم بالدستور والقانون طواغيت. إن الجريدة الإسلامية بذلك تهدر دم من نشرت صورهم وتقوم بالتحريض على قتلهم كما حرض ظلاميون الشاب الشيشاني الصغير على الإقدام على جريمة جز رأس الأستاذ بفرنسا. الإخراج الصحفي الذي تم اللجوء إليه كله إيحاءات، والإيحاءات تستهدف اللاشعور والعواطف. تضامني"...