الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

رد على رد: الكتاني.. ماكرون وطائر سيدنا سليمان

 
منعم وحتي
 
 
قبل الرد الهادئ على رد "الفقيه" حسن الكتاني على كلامنا وما حام حوله من تفاعلات، لابد من إبداء بعض الملاحظات التي تتعلق بأدب الحوار وأخلاقيات التواصل وفن السجال:
 
1) آثرت أن لا أرد في حينه على حوار السيد الكتاني مع موقع هوية بريس، الذي نشره على حسابه منذ خمسة أيام، لكي لا تأخذني حمية الغضب والانفعال في الرد، ولتبين وضوح الرؤية، وتلمس مكامن الخلل.
 
2) آلمني فعلا مقدار السب والتجريح الذي كاله الكتاني للباحث عبد الوهاب رفيقي، بشكل شخصي، إلى درجة المس تجنيا بأسرته وأبيه بالقصد، متهما إياه بأنه أصبح وريث الكفرة والملاحدة بدل الأنبياء، وإيراد أب رفيقي في الموضوع وشخصنة الفكرة، أعتبره اعتداء سافرا واستهتارا بأدب الحوار. "فالعقول الصغيرة تناقش الأشخاص.. والعقول المتوسطة تناقش الأحداث.. والعقول الكبيرة تناقش الأفكار".
 
3) إن محاولة تعميم الاتهامات من طرف الكتاني على من يخالفه، بأنهم كفرة وملاحدة وزنادقة، فيه نوع من الادعاء المغرض، وزعم إطلاقية الكتاني للكلام باسم الله تعالى والدين، وهو يُخْرِجُ من الملة من خالفه الرأي بدون وجه حق، رغم أنه لم يثبت لحدود اللحظة في هذا السجال أننا خرجنا عن نسيج المجتمع والدين المغربي المعتدل والمتسامح نقيض التطرف والإرهاب.
 
يُغبطنا أن يدفع هذا السجال "الفقيه" الكتاني ليرجع عن غيه وغلوه، ويقول إنه ينتظر حكم القضاء، رغم أنه لم ينتظره في حالة الطفل عدنان مما يُظهر تضارب أقاويل الكتاني وفتاويه، وأن ركوبه موجة انتظار كلمة القضاء تبرير واهٍ لزلّته الفاقعة بدفاعه عن الفقيه المغتصب لقرية الزميج
 
وحتى ندخل في صلب ردنا على الادعاءات المتوالية للسيد الكتاني، نسجل تراجعه عما قاله سابقا بدفاعه عن صاحبه فقيه قرية الزميج، الذي اعترف باغتصاب طفلات المنطقة باستدراجهن والتغرير بهن وهتك أعراضهن، حيث سبق أن فرض الكتاني على الفتيات الصغيرات الإتيان بأربعة شهود وإثبات عملية الزنا بدخول المرود في المكحلة، كأن الجريمة تمت بين راشدين، والحقيقة أنه يُغبطنا أن يدفع هذا السجال ليرجع "الفقيه" الكتاني عن غيه، ويقول إنه ينتظر حكم القضاء، وهو مفعول إيجابي لتصدينا لغُلوه. رغم أن الكتاني في الحالة الأولى لاغتصاب عدنان طالب بإعدام الجاني المتهم حتى قبل مثوله أمام المحكمة، مما يُظهر تضارب أقاويل الكتاني وفتاويه، واهتزاز نسق فتواه، وأن ركوبه موجة انتظار كلمة القضاء تبرير واهٍ لزلته الفاقعة بدفاعه عن الفقيه المغتصب لقرية الزميج.
 
يقول الكتاني "إن تأويله الخاص صحيح منذ 14 قرنا ولا نقاش فيه..."، إذن فنحن نساجل حجرا أصم، رغم أن الهدف الأساس من هاته التوضيحات هو تنوير الرأي العام وكشف منزلقات التطرف والإرهاب الذي يغزو نسيج المجتمع
 
وذهب الكتاني أكثر من ذلك بلعب ورقة القضاء، ادعاءً، بإيراد حكاية جريج والراعي والزنا، رغم أننا نذكر الكتاني بتهافت فكرته التي تبيح وطأ الطفلة القاصرة، واعتباره أنها في مقام البالغة.. ونواجه حكايته بحكاية أخرى تفضح ادعاءات بعض غلاة الفقه الذين أفسدوا بفتاويهم البلاد والعباد والملة، حيث إنه "حدث في زمن النبي سليمان: إذ جاء طائر إلى بركة ماء ليشرب منها، لكنه وجد أطفالاً بقربها، فخاف منهم حتى غادر الأطفال وابتعدوا.. وبالصدفة جاء رجل ذو لحية طويلة إلى البركة، فقال الطير في نفسه: هذا رجل وقور ولا يمكن أن يؤذيني.. فنزل إلى البركة ليشرب من الماء، فأخذ الرجل حجراً ورماه به ففقأ عين الطائر.. فذهب إلى نبي الله سليمان شاكياً، فاستدعى نبي الله سليمان ذلك الرجل وسأله: ألك حاجة في هذا الطائر حتى رميته؟! فقال: لا، عندها أصدر عليه النبي حكماً بأن تفقأ عينه.. غير أن الطائر اعترض قائلاً: يا نبي الله إن عين الرجل لم تؤذني، بل اللحية هي التي خدعتني، لذا أطالب بقص لحيته عقوبة له، حتى لا يخدع بها أحداً غيري".
 
خلاصة القول، من قصة الطائر، أننا كما قال ابن سينا "لقد بُلينا بقوم يظنون أن الله لم يهدِ سواهم".. وأصبحوا يتجرأون بالاستفراد بالفتوى وإخراج الناس من الملة وتكفيرهم دون وجه حق، فقط لأنهم اختلفوا معهم في القراءة وتأويل النصوص واستنباط الأحكام، وحين الجدال الفقهي والعلمي مع هؤلاء المدعين يقول الكتاني: "إن تأويله الخاص صحيح منذ 14 قرنا ولا نقاش فيه..."، إذن فنحن نساجل حجرا أصم، رغم أن الهدف الأساس من هاته التوضيحات هو تنوير الرأي العام وكشف منزلقات التطرف والإرهاب الذي يغزو نسيج المجتمع، علما أن المغرب بلد الاعتدال الديني والتسامح والتعايش بين المختلفين، لولا لوثة هاته الأفكار الوهابية المستوردة.
 
مما يدفعنا للتشكيك في المراجعات التي أعلن عنها بعد مسؤوليته في شحن وتكوين الشباب الذين فجروا أبنية المغرب في 16 ماي 2003، أن الكتاني عاد لنفس خطابه التحريضي على الإرهاب بتكفير المختلفين معه في الرأي، وبتنصيب نفسه الناطق الأوحد والمطلق باسم الدين
 
وهذا يدفعنا للتشكيك في المراجعات التي أعلن عنها الكتاني بعد مسؤوليته في شحن وتكوين الشباب الذين فجروا أبنية المغرب في 16 ماي 2003، خصوصا أن الكتاني عاد لنفس خطابه التحريضي على الإرهاب بتكفير المختلفين معه في الرأي، وبتنصيب نفسه الناطق الأوحد والمطلق باسم الدين، حين قال، في حواره، إن من ينتقدون أفكار الكتاني فهم من أعداء الدين، وإن من يفنّدون ادعاءات الكتاني وصحبه فهم منابر إعلامية كافرة وملحدة، وإنه وجماعته يقفون لهم بالمرصاد في مواجهة الحريات الفردية، وزاد في اتهامه المباشر للديمقراطيين والمنفتحين بأنهم أعداء الله وديكتاتوريون يجب مواجهتهم، حيث تم تجييش أتباعه في الداخل والخارج لشن حملة مغرضة ضد حوار جريدة الطريق مع الباحث عبد الوهاب رفيقي...، وواصل الكتاني أنه يبحث على من يعينه لتنفيذ تهديداته ضد جريدة الطريق، بما فيها مقاضاتها (نحن ننتظرك سيادة "الفقيه").. رغم أن السجال فكري ويهم مقاصد النصوص وتحيين الأحكام والتدقيق العلمي في ادعاء الفتاوي ودحض الاستعمال المغرض للآيات والأحاديث.. هل الكتاني يحن لجرائم 16 ماي؟.. نحن نتابع عن قرب.. خصوصا أنه يعتبر نفسه في حوار "هوية بريس" رأسا لجماعته وفق منظوره لخلافته.. وقد كان واضحا بالاستناد لأحكام العنف والإرهاب حين أورد في حواره نصوصا، تبيح اللجوء للدم، في سياق مواجهة المختلفين: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ".
 
إن السيد الكتاني، وَفِيّ لنهجه التكفيري الواضح، والذي لم يتخل عنه رغم صفقة خروجه مقابل ما ادعى من مراجعات على خلفية التفجيرات الإرهابية ليوم 16 ماي 2003 بالمغرب، وما يؤكد ذلك استمراره في تحريض الشباب لفتح المساجد في هاته الظرفية العصيبة، بالوقوف في وجه القرارات الاحترازية لتفشي وباء كورونا بغلق الجوامع مؤقتا، رغم أننا في ذروة توسع فيروس كوفيد-19، وحسابه شاهد على هاته الحملات المغرضة وفي هاته الأثناء، ناسيا أو متناسيا أحكام ومقاصد درء الأذى على الناس: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" - سورة البقرة، فكيف يعتبر السيد الكتاني نفسه رأسا للدين، وما ذهب إليه من أفكار متطرفة لا يأتيه إلا رأس للفتنة.
 
من ينتقدون أفكار الكتاني يعتبرهم من أعداء الدين، ومن يفنّدون ادعاءات الكتاني وصحبه فهم منابر إعلامية كافرة وملحدة، وإنه وجماعته يقفون لهم بالمرصاد في مواجهة الحريات الفردية كل هذا وغيره يظهر أن الكتاني مازال وَفِيّا لنهجه التكفيري الواضح
 
ولمزيد من التوضيح، فتفاعل "هذا الفقيه" مع خطاب ماكرون حول الدين الإسلامي في حسابه، يستدعي تذكيره أن اليمين الغربي والسلفية التكفيرية التي ينحو منحاها السيد الكتاني، وجهان لعملة واحدة، وهو تحالف تاريخي منذ زمن لهدم أسس السلم والتعايش إقليميا، فإذا كانت ذاكرته قصيرة، فليرجع لأسس بناء تنظيم القاعدة بدعم لوجستيكي واستخباراتي أمريكي، وقبلها تسليح وتمويل جماعة طالبان من طرف المخابرات الأمريكية، وزرع هاته الاخيرة لأبي مصعب الزرقاوي وجماعته في العراق وتنفيذه للأجندة الأمريكية بتفتيت المنطقة.. وأخيرا العملية القيصرية للغرب والصهيونية بزرع داعش بالشام والعراق في انسجام تام بين الوهابية التكفيرية واليمين الغربي، لأن المشروع واحد في نهاية الأمر: زرع إمارة إرهابية متطرفة بسند التكفير الديني لتسهيل نهب ثروات ومقدرات المنطقة من طرف الكولونيالية الجديدة لليمين وبغطاء الفتاوي الدينية لفقهاء السوء، والهدف كان ضرب التنوع الحضاري والعرقي والديني للمنطقة وتقسيم المنطقة وإضعافها..
 
من باب السؤال فقط: هل يشرفك، السيد الكتاني، أن تكون وريثا للزرقاوي والبغدادي، وللإيديولوجية الاستعمارية لترامب؟!! إن ملامح أفكارك تؤكد أنكما وجهان لعملة واحدة..
 
إن خط جريدة الطريق واضح بالدفاع عن الحقيقة، والانغراس في تربة النسيج المغربي المتنوع، وإشاعة بُعده المتسامح، والقيم الإنسانية للعيش المشترك.. ولن ترهبنا تهديدات ماضوية تكفيرية غريبة على الدين المغربي المنفتح وقيم المغاربة في التعايش وسط الفسيفساء الثقافي المتعدد الذي يجمعهم.
 
وإذا عدتم عدنا...