الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

القنيطرة تعود لعهد الفتوات.. أيادي خفية تهدد أمن المواطنين وتشجع اعتداءات المشرملين؟!

 
بات لافتا للانتباه العربدة التي يمارسها أحد المشرملين في الزنقة 9 من حي "الخبازات"، القلب التجاري النابض لمدينة القنيطرة، بعدما عاث فيها اعتداءات قبيل ظهيرة اليوم الثلاثاء، ولم ترتح منه المنطقة، إلا حين قدمت صطافيط الشرطة، وحملته إلى ولاية الأمن، مع أحد المتضررين، وهو صاحب مقهى شعبي، إضافة إلى صاحب سيارة تضررت بالحجارة، التي كان يرشقها بشكل عشوائي، وبالتأكيد، لن تفعل له الشرطة شيئا، لأنه بعد قليل سيُخلى سبيله، ليعود إلى الزنقة 9، التي يعيد فيها زمن الفتوات، دون أن يستطيع أحد مواجهته! لماذا هذا التأكيد على أنه لن يقع له شيء، ولن يُقدم للمحكمة، وسيُفرج عنه قبل عصر اليوم؟
 
للجواب هناك حادثة أخرى وقعت يوم أمس الاثنين، وهي المرة الخامسة، منذ بداية الحجر الصحي، ومنذ خروجه من السجن، يقوم أحد "المشرملين" بالاعتداء على تاجر بخبازات القنيطرة، في الزنقة 9، وفي كل مرة تأتي الشرطة لتحملهما معا في الصطافيط إلى الصونطرال، مثلما وقع مساء أمس الاثنين، يصرخ أمام الجميع "ما عند البوليس ما يديرو لي"، وفعلا يُخلى سبيله، فيعاود تهديداته للضحية باعتداء آخر بلا رادع ولا رقيب، إلى درجة أن أي مراقب إلا ويطرح العديد من علامات الاستفهام الكبيرة، حول الأيدي الخفية، التي تحرك هذا "المشرمل"، وحول الأيدي الخفية، أيضا، التي تحميه وتجعله بمنأى عن أي متابعة توصله إلى المحكمة؟!
 
لنبدأ القصة من بدايتها، التي تعود إلى شهر شتنبر 2019، مع الاعتداء الوحشي الذي مارسه مراهق قاصر على المسمى محمد أزيوال، أحد قدماء تجار المركز التجاري "الخبازات" في القنيطرة، اعتداء فلح به وجه الضحية، ومازالت آثاره بادية إلى اليوم، رغم الجراحات التقويمية، التي خضع لها على الوجه، واكتفى الحكم، الذي شكل صدمة، بخمسة أشهر سجنا نافذا للمشرمل، ما إن أكملها حتى عاد ليتحرش من جديد بالضحية، ويهدده باعتداء آخر يفلح فيه الجانب الأيسر من وجهه بعدما فلح الجانب الأيمن في الاعتداء الأول...
فمثلما أثار هذا الاعتداء، في حينه، موجة غضب عارمة وسط تجار ومرتادي القلب التجاري النابض لمدينة القنيطرة، كذلك أثار الحكم الصادر ضد المعتدي الكثير من الجدل، بحكم العقاب المخفف أولا، وبحكم ما انتهت إليه الخبرة الطبية، التي أكدت أن الضحية، المسمى محمد أزيوال، لا يعاني من عاهة مستديمة، في حين أصبح الضحية حاليا بملامح مشوهة بفعل الجرح الغائر الذي أحدثه المعتدي في الجانب الأيمن من وجه الضحية، وكما تبين ذلك الصورتان المرفقتان، ورغم العديد من العمليات التقويمية لدى أشهر الأطباء في الدارالبيضاء...
 
وللإشارة، فصور الاعتداء حيث يظهر الضحية بوجه "مفلوح" بضربة قضيب حديدي، كانت انتشرت كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة بأشد عبارات الاستنكار والاستهجان لهذا الفعل الإجرامي المقيت، الذي يكشف الهوة السحيقة التي اندحرت إليها قاعدة واسعة من أبناء فئات المجتمع المهمشة، بعد سقوط مستويات التربية إلى الحضيض. كما أن صورة الاعتداء كانت من ضمن الصور، التي اعتمدها المكتب المركزي للأبحاث القضائية "البسيج" في تقريره المصور، الذي كان أنجزه في سبتمبر الماضي، عن حالة التشرميل في المغرب...
 
ورغم هذه العاهة المستديمة، التي جاءت نتيجة إقدام الجاني، على مباغتة الضحية، الذي يملك، منذ أزيد من أربعة عقود، محلا لبيع التجهيزات الإلكترونية المنزلية وسط "الخبازات"، بهذا الاعتداء، بقضيب حديدي... رغم كل ذلك، فإن الحكم، بحسب مراقبين، جاء مخيبا للآمال لأنه يشجع المعتدي على مواصلة اعتداءاته، وهذا ما يقع حاليا، وهو التطور الذي يحصل بصفة مستمرة هذه الفترة، منذ خروجه من السجن.. فالحكم أخذ بالاعتبار حالة المعتدي كتلميذ، وعاقبه بخمسة أشهر سجنا نافذا فقط، لكنه أضاف إلى الحكم ضرورة وضع المعتدي "10 أشهر تحت تدابير الحرية المحروسة مع تحميل واليه القانوني الصائر وتحديد مدة الإجبار في الحد الأدنى"، و"تعويض مدني قدره 20 ألف درهم مع تحميل الولي القانوني للحدث الصائر والإجبار في الأدنى"...
 
لكن، وبمجرد إكمال المعتدي لعقوبته (5 أشهر سجنا)، بدأ يتحرش بالضحية بصفة منتظمة، إذ يمر أمام محله بالخبازات، ويسخر منه "اشنو قضيتي؟"، ووصل الأمر، يومين قبل رمضان، أن أحضر معه قفة بها سلاح أبيض وشرع في تهديده وقال له "شرّگت ليك وجه، تسنى مازال غنشرّگ ليك الوجه الثاني!"...
 
ومنذ ذلك الحين إلى حدود يوم أمس الاثنين، وصل الأمر إلى استدعاء الشرطة، لتحمل المعتدي والضحية معا، إلى ولاية الأمن، خمس مرات، وفي كل مرة كان المعتدي يصرخ حتى أمام عناصر الأمن "ما عند البوليس ما يديرو لي"، وفي كل مرة، يُخلى سبيله بشكل غير مفهوم، ومثير للشكوك، ولعلامات الاستفهام، علما أن المعتدي، كما ينص على ذلك منطوق الحكم، يخضع لـ"تدابير الحرية المحروسة"، لكن لا شيء يقع إلا الاستمرار في تهديد الضحية، بعلم الشرطة، إذ في كل مرة يمارس التهديد عن سابق إصرار وترصد، الشيء الذي أصبحت معه عائلة الضحية تخشى أن يرد يوما على الاستفزازات والإهانات التي يتعرض لها برد فعل لا تُحمد عقباه، إذ ماذا سيفعل الضحية، الذي أصبح مهددا في أمنه وفي حياته، وإلى أين يلتجئ إذا كانت شرطة القنيطرة، التي يلوذ بها، في كل مرة تعتقل المعتدي، وما أن تحمله إلى ولاية الأمن، حتى يُخلى سبيله، فمن يحمي المعتدي، من يشجع على ضرب أمن المواطنين في مدينة القنيطرة، من يشجع المشرملين على ممارسة اعتداءاتهم ضد المواطنين، الذين ما عادوا آمنين؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها سنعود إليها في مقال آخر، بعدما نتدبر مدى تفاعل الأمن ع صرخة هذا المواطن الضحية...