الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
بالشفاء العاجل لمحمد رشيد السيدي المناضل والإنسان والخلوق والضحوك الطيب الودود

عبد الحفيظ لشقيقه محمد رشيد: عد إلينا في يناعة الورد.. وهل يذبل الورد وهو في مرمى الندى؟

 
عبد الحفيظ السيدي
 
في بستاننا العائلي انبتقت من خصوبة تربته الأصيلة الجليلة النبيلة ورود جعلت منه فضاء كباقة بديعة تطل من مزهرية ممتدة على طول وعرض الصدور والقلوب والنفوس الطيبة.. انتعشنا كأخوات وإخوان وأم وأب وجدة وجد على شساعة الترحيب بالقريب والبعيد.. باقة متفتحة كنا نحتضن الجميع ولا نروم للانغلاق حتى في الزمان الذي كان أكثر انقفالا. كان الحب والإخلاص والصدق وعشق الفرح وحب الحياة ومد العون النفسي والاجتماعي والمعرفي هو همنا الأساس. وعشنا مع الغير وللغير، ومنه من اعترف ومنه من أنكر وتعاظم وتجبر لكن الكل ما زال عزيزا وبين الأحضان مهما ابتعد أو ترفع وتلك قيم اكتسبناها من فكر تراثنا في شقه الإيجابي وما تشبعنا به من فكرنا الحديث الجريء الرامي إلى الانعتاق من عرين القدامة المستبدة، إلى الحرية بأوسع مفاهيمها العاطفية والعقلانية متجاوزين تقوقعنا على المصالح الذاتية الخاصة..
إلى أن خطا المسار لهذا المصير الذي انحرف عن ودّ الأثير.
واليوم أخي الدكتور محمد رشيد السيدي، يا أول من انفتحت عليه عيناي منذ هشاشة عظامي ورخاوة عضلاتي، يا من رافقني في صباي قبل سليقة الكلام إلى أن تملكنا فصاحة اللسان وبلاغة الخطاب ونقاشات الرفاق وهوس التغيير المرجو لتحقيق إنسانية الإنسان.
يا من عاشرني فبل الرفاقية بخطوات وديعة إلى الكتّاب والمدرسة من ألفها إلى يائها، وفي الكلية بمحاضراتها ونضالاتها، وفي متاعب الحياة بانكساراتها وانتصاراتها، كنت دائما بوصلة في يم حياتنا الخاصة والعامة. وكنت أيضا غيورا حتى الثمالة في حمية أهلك وأقاربك وحيّك ومدينتك ورفاقك وأصدقائك ونقابتك وتنظيمك وجمعياتك ومبادئك ولم تتجاهل دينك وقبيلتك وفي كل محيطاتك التي لك بها صلة كنت ومازلت تناضل من أجل صلاحها وإصلاحها، ولا ينام لك جفن حتى تتطلع على كل أحوالها وتعرف كل أخبارها، وتساهم في رد إكرابها والإسهام في زرع أسباب رتقها ولحمتها. ألست من يقلب سياق الكلام من النقاش الجاد إلى مداعب مرح تتفتق تنكيتا وهزلا؟
أخي الدكتور محمد رشيد السيدي كيف نتقبل إصابتك باعتلال وهزال يحرمنا من إشراقة هامتك وبريق تواجدك بيننا في الأسرة والعائلة وكل فضاءات تواجدك الثقافية في الحي وفي المدينة وفي القبيلة وكل فضاءات حياتنا المعنوية والمادية وغيرها كثير؟.
كلنا اليوم كما الأمس إلى جانبك من فتيحة وعائشة وعزيز وجميلة وسلامة وسعيدة إلى بشرى التي حصدت أكثر أعوام اليتم فينا، كيف نستسيغ ذبولك أمامنا في غفلة أمنا متجاهلين حدسها الحاد بعلتك وهي المعلولة الأولى بضيم عللنا جميعا؟
فأنت الورد ونحن الندى الذي يكافح فيك الوهن مهما تجبر واستفحل أنت واجهة باقتنا المتفتحة على الحياة في أوسع مزهريتها وسليمة بالتأكيد بسلامة سليم ومبتهجة ببسمة بسمة وبفضل أمك فضيلة وفضائلها التي لا تطلب عنها جزاء ولا شكورا، فتاريخها وتاريخنا جميعا يشهد بشهادة أبينا الذي اعطى بلا ثمن وصرنا بعده قرابين خير في هذا الزمن الذي تسمو فيه الرداءة والغرور والبذاءة خصوصا لمن عقده ماضيه الهزيل في المبنى والمعنى واغتر بالقشور وأتفه الأمور وانسحب بدون كلفة ولا تكليف حاميا نفسه في عالم التباهي والمزيف وهو حر في مسعاه.
فالأهم عندنا أن تعود إلينا كالوردة ويناعة الورد في جمالها لا تحتاج لفصاحة شاعر، فدع الحياة في جمالها تنبعث منك، فأنت من يناسبها أكثر منا جميعا.
 
توقيع: أخوك عبد الحفيظ السيدي
في 31- 7 - 2020