تنامي التذمر الشعبي من تمويل الرباح لشركة خاصة للنقل بـ15 مليار سنتيم من ميزانية جماعة القنيطرة
الكاتب :
"الغد 24"
دافع النائب الأول لرئيس جماعة القنيطرة، رشيد بلمقصية، المكلف بالنقل الحضري، عن صفقة النقل الجديدة،، على هامش انعقاد الدورةَ الاستثنائية، قبل ثلاثة أيام، رغم الانتقادات التي ترافق تمرير هذه الصفقة، التي قوبلت باستياء شعبي، خصوص أن القنيطريين اليوم يقولون إن مشكل النقل الحضري بات محلولا بأصحاب "المينيبيس"، الذين، في حال انتظامهم، يمكن أن يشكلوا مصدر دخل للمجلس عوض أن يصرف المجلس للشركة الجديدة مبلغ 15 مليار سنتيم.
وتقضي هذه الصفقة بتفويت خدمة النقل الحضري لشركة واحدة، تتولى نقل القنيطريين، على أساس دفتر شروط يحتكم إليه الطرفان، مع مساهمة مالية لمجلس القنيطرة تصل الى 15 مليار سنتيم، تصرف على مدى عشر سنوات، للمساهمة في اقتناء 150 حافلة لدعم أسطول الشركة. الشيء الذي لم يفهمه سكان القنيطرة، الذين أصبحوا يعيشون وضعية مريحة في تنقلاتهم الحضرية عن طريق "المينيبيسات"، إذ تخلصوا من الزحام والتأخير والحافلات المهترئة، مثاما تخلصوا، بالخصوص، من لصوص ومشرملي الحافلات، في وقت أعرب عدد من أصحاب "المينيبيسات" عن استعدادهم لتقديم مقترح بتشكيل شركة جماعية تتكفل بالنقل الحضري بناء على دفتر تحملات يراحي مصلحة الطرفين، الشركة والسكان...
وأوكلت مهمة الدفاع عن الصفقة لمستشارين بالمجلس الجماعي للقنيطرة، الذي يرأسه عزيز الرباح، الذي يفضّل التواري إلى الخلف، مفوضا لنوابه المقربين، وبالخصوص منهما رشيد بلمقيصية، وعزيز كرماط، تدبير هذا الملف، وتسويقه لباقي أعضاء المجلس، ولسلطات الوصاية، وللرأي العام المحلي، على أساس أنها "صفقة مربحة تخدم الصالح العام"، لكن هذا "الصالح العام"، الذي هو سكان القنيطرة، فقد بدأت أصواتهم ترتفع بالرفض الشديد لتخصيص الملايير لاقتناء نصف أسطول النقل، رافضين دعم شركة خاصة بالمال العام، رغم تسويق هذه المساهمة كصيغة لتعزيز الأسطول وتجويد خدمة النقل الحضري، ومطالبين بالحفاظ على الوضع الحالي، الذي بات يتمسك به أغلب القنيطريين، أو على الأقل أن تكون الصفقة تنافسية بين شركتين أو أكثر، بدل احتكار جميع خطوط النقل من طرف شركة واحدة، تفعل في السكان ما تريد، ويصبحون هم وأبناؤهم التلاميذ تحت رحمتهم...
أزمة النقل الحضري التي عصفت بمدينة القنيطرة منذ منتصف فبراير الماضي، كشفت عن عدة اختلالات، تتعلق بضعف ممارسة رقابة الجماعة الحضرية لشركة الكرامة، وهضم حقوق العمال، وعدم التصريح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي، إضافة إلى عدة اختلالات برزت إلى السطح، من قبيل تواطؤ الجماعة المفضوح مع الشركة قبل ثلاث سنوات، بعد إخلالها ببنود دفتر الشروط والتحملات، وانتظار الجماعة لتوقف الشركة عن تقديم خدمة النقل بشكل أحادي، لتباشر اتصالات يصفها منتقدو تدبير المجلس بـ"تحركات اللحظة الأخيرة لتبرئة الذمة أمام السكان".
أزمة النقل بمدينة القنيطرة، أظهرت أن مجلس الرباح، الذي يواصل الهروب إلى الأمام، رغم تعاظم أزمات المدينة، يدير هذا الملف بعيدا عن مصلحة السكان، بدليل أن بلمقيصية ظهر في كل المناسبات والخرجات الإعلامية كمحامي عن الشركة الفائزة بتدبير خدمة النقل الحضري، بدءا من تبرير ثمن الخدمة، إلى التنصل من بعض مستخدمي الشركة السابقة، إلى رفض عدد من الاقتراحات التي قدمت في إطار المجلس، وانتهاء بالدفاع عن دعم المجلس للشركة باعتمادات مالية ضخمة، بدعوى أن جماعات ترابية عدة ساهمت هي الأخرى في تمويل اقتناء حافلات للشركات المفوض لها.
ورغم موافقة المجلس الجماعي المنعقد مساء الأربعاء الماضي، بالإجماع، على صفقة تدبير النقل الحضري الجديدة، إلا أن ذلك جعل عددا من النشطاء والفاعلين المدنيين يطرحون العديد من الأسئلة المرتبطة ببنود دفتر الشروط والتحملات، التي تحمس وأفاض رشيد بلمقيصية في شرحها والالتفاف عليها، رغم أن موقعه كمنتخب جماعي يفرض عليه البحث عن خدمة أحسن بكلفة أقل، ودون صرف المال العام لخدمة صفقة رست على شركة خاصة.
رصد المجلس لاعتمادات مالية بالملايير، اعتبر تبديدا للمال العام، طالما أن هذه المساهمة ستوجه لتغطية اقتناء حافلات، ستتعرض للاندثار بعد مدة من تشغيلها وبالتالي صعوبة استرجاعها كرأس مال ثابت، يخدم مصلحة الشركة، طالما أن المجلس اختار خوصصة هذه الخدمة وتفويضها لشركة خاصة.
موقف مجلس جماعة القنيطرة، المتمترس خلف أغلبية تمرر كل قرارات الرباح، يثير علامات استفهام كبيرة حول موقع المجلس من مصالح المدينة والسكان، وحول الاستفادة المفترضة من ثقوب الصفقة السابقة، التي ظل الرباح وإخوانه يدافعون عنها، رغم الانتقادات الشعبية العارمة لشركة رفضت تجديد أسطولها، وقامت بحذف ثمان خطوط للنقل، وأضرت بمصالح السكان كثيرا، وطردت عمالها، ومع ذلك تمسك بها الرباح بدعوى وجود عقدة للتدبير المفوض، والحال أن الشركة أوقفت خدماتها بشكل مفاجئ ليقينها أنه لن يقع لها شيء بسبب ضعف المجلس أو ربما تواطئه، فيما الخاسر الأكبر هم سكان القنيطرة، الذين باتوا يتوعدون الرباح وحزبه الإخواني بالحساب في الانتخابات المقبلة...