الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

استحقاقات مقبلة بأحزاب غير مؤهلة ونخب مهلهلة

 
عزيز مهاجر الفيلالي
 
تسع سنوات من الفساد السياسي الناعم وتسويق الوهم للمغاربة منها (سبع سنين عجاف وسنتان اثنتان يابستان) عشنا فيها جدلية اللامعقول والمسكوت عنه في ظل حكومة جعلتنا نقف على العديد من الشطط في ممارسة سياسات عمومية لا تراعي البعد المجتمعي والاجتماعي للطبقات المتوسطة والهشة والفقيرة، بحيث إن جل السياسات التي نهجتها الحكومة الحالية وقبلها حكومة بنكيران (صاحب التقاعد السمين)، ومنذ سنة 2011 إلى اليوم، كانت تستقوي على هاته الطبقات وتضرب القدرة الشرائية والأجرة الشهرية للموظفين والمعيش اليومي المرتبط بالخبز لكل المغاربة لكنها بالمقابل ترفع شعار المصلحة الفضلى للمواطن أولا كما لو أنها تتحدث عن شعب آخر في مغرب آخر وفوق تراب آخر غير تراب هذا الوطن!
نعلم أن جميع الحضارات تموت كما يموت الإنسان، كما نعلم بشكل واضح ومؤكد أن رهان التنمية ليس في أولويات هذا الحزب، الذي يقود الحكومة والعديد من الجماعات الترابية، بل كان رهان التدبير الحكومي هو رهان انتخابوي ورهان من ستكون بيده السلطة في المغرب في نهاية استحقاقات 2021، بحيث أراد المعتمر لرئاسة الحكومة استمالة الدولة لمواصلة الحكم بيد يسرى فيها الدين، ويد يمنى فيها الخضوع والانبطاح للبقاء على الكرسي، وهذا ما يجعل الشعب يقلق من طريقة تعامل الحزب المعتمر لكرسي رئاسة الحكومة مع المواطن، بحيث يجعل من أصواته الانتخابية فرصة للاستوزار وتغيير الأوضاع الشخصية لمناضلي الحزب عِوَض تغيير واقع متأزم اجتماعياً واقتصادياً، وواقع سياسات عمومية فاشلة بأخرى تراعي الإجابة عن حاجيات المواطن الآنية والمستقبلية، لتتحول الأصوات من أداة للتغيير إلى أداة للتضليل والاستفادة من التقاعدات الاستثنائية والتعويضات السمينة الغير مقبولة في زمن الجائحة في سنة يابسة.
صحيح أن تحديات الشعوب لا تنتهي وهذا طبيعي خصوصا مع الهاكرز الجدد لمكتسبات الشعب والحركات المدنية بل والدولة نفسها التي قدمت كل ما لديها في زمن جائحة أنهكت دولا عظمى.
تسع سنوات عجاف ويابسات أصابها الوباء وشح الماء وضعف التساقطات وغياب النخب.
ولذلك، فحينما نطمح لتحقيق التغيير، في ظل هذه الوضعية السائدة، تكون الحاجة ماسة لنخب جديدة وقوية بصلاحيات واسعة، ومنبثقة من انتخابات نزيهة وديمقراطية وتنافسية تفرز لنا حكومة قوية، حكومة عندما تقرر تستطيع التنفيذ وتجعل مصلحة الوطن والمواطن هي العليا، مهما كانت الظروف...
المعضلة هي هذا النوع من المسؤولين الجدد، المتحدرين من حزب ديني نشأة وتربية، الذين تقلد كبيرهم، آنذاك، رئاسة الحكومة، بصلاحيات واسعة لم يحظَ بها من سبقوه في قيادة الحكومات المتعاقبة، لكنه تنازل عنها برضاه، وجعل المغاربة يعانون من تحالف هش، وتسيير سيء لمؤسسات البلاد، التي أدخلوا شعبها إلى قسم المستعجلات، فأنهكوا الطبقة المتوسطة، ونخروا الفقراء وزادوهم تفقيرا، وتفاقمت التراجعات على مختلف المستويات، وتنامى الترامي على الحقوق والمكتسبات...
والمعضلة الأخرى هي أن الأحزاب الأخرى ليست لديها، بدورها، نخب بديلة لتقديمها لاستحقاقات 2021، تكون مؤهلة لتقديم إجابات على حاجيات المغاربة، خصوصا مع الإنهاكات البنيوية، التي تعرضت لها أغلب الفئات جراء تداعيات جائحة كورونا، التي لم يتم تدبيرها بالشكل المطلوب، والتي مازالت تعرف مقاربات ارتجالية وسياسات فاشلة في تدبيرها على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالخبز والمدرسة والمعيش اليومي للمواطن، لولا تدخل الإرادة الملكية، التي كان لها دور جوهري في تفادي نهايات مأساوية، ولولا تدخلات وزارة الداخلية، التي حاولت، في أكثر من محطة، إنقاذ ما يمكن إنقاذه...
ما يعيشه المغرب من أزمة في الفعل السياسي اليوم تستوجب إطلاق مبادرة جديدة في العمل الحزبي والتقطيع الانتخابي والعتبة وصيغة الاقتراع التي استنفدت مرحلتها، والقيام بمبادرات مبتكرة ونوعية من شأنها توسيع المشاركة الشعبية، مع ما يتطلب ذلك من التنظيمات السياسية من مبادرات ذاتية لتكون في الموعد مع المعركة الانتخابية بأدوات حزبية مؤهلة وليست مهلهلة... إضافة إلى أن عملية التأهيل مطلوبة لدى باقي الأدوات المدنية التأطيرية، من جمعيات ونقابات...
تلك هي معركة الغد، فهل سنكون، دولة ومجتمعا، في موعدها...
 
طالب باحث في السوسيولوجيا