الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

قنوات تلفزيونية مغربية خارج التاريخ والجغرافيا


حميد أحمد المرادي
 
والعالم يعيش تحولات غير مسبوقة، في وسائط الاتصال والتواصل، وفي نفس الآن يعيش تحولات عميقة، في شكل ومَحمول الخطاب، ما زالت القنوات الإذاعية والتلفزيونية بالمغرب تغرد في عالمها الخاص، المنغلق عما يجري في العالم، باعتماد دفن الرأس في الرمال، ليس للتصنت على ذبذبات الواقع، ولكن في تجاهل تام لهذا الواقع، الشيء الذي يتطلب تغييرا عاجلا قبل فوات الأوان.
 
في هذه المقالة، سنستعرض أهم مكونات المادة الإعلامية التي تقدمها القنوات التلفزيونية الرئيسية، من خلال متابعتنا لثلاثة أيام من البث، متفرقة، وذلك من أجل تشكيل مادة كافية للتحليل والقراءة والاستقصاء.
 
ويمكننا بمنهجية بسيطة تستحضر حساب المدة التي تستغرقها المادة الإعلامية، على ثلاثة ملامح أساسية في تعاطي مركز القرار مع المشاهد المغربي:
 
1- تستحوذ المادة المستوردة من تركيا، على جزء كبير من الدراما المعروضة على القنوات الوطنية، خاصة القناة الثانية والأولى، وهذه المادة في غالبيتها مادة من مستوى فني وثقافي دون المتوسط، خاصة أن دبلجتها لا تخضع لشروط الدبلجة الفنية سواء في اختيار الأصوات أو خصوصيتها في ارتباط بالبنية الفيزيائية للأدوار والممثلات والممثلين. بالإضافة إلى أنها تحمل في أحشائها خطابا إيديولوجيا لا يتناسب مع انفتاح المجتمع المغربي في تعامله مع قضايا علاقات النساء والرجال وجرائم الشرف وما يستتبع ذلك من أثر على بنية الإنسان المغربي في علاقته بالفهم التاريخي الموروث مع عقيدته وفقه المغاربة.
 
2- تميزت القناة الثانية في مرحلتها "الزاهرة" باختلافها عن القناة الأولى في نشراتها الإخبارية، شكلا ومحتوى وتقنية، لكن هذا التميز لم يفتأ أن تحول إلى تقليد الثانية للأولى حتى في بعض النبرات الصوتية لمقدمات ومقدمي النشرات الإخبارية. وبذلك فقد جزء من المغاربة نافذة للاطلاع على أخبار وطنهم عبر قناة محلية في مستوى تطلعاتهم.
 
3- وتستكمل القنوات في مجملها الأداء الإعلامي "المغربي" بمادة الترفيه، التي استحوذ عليها مجموعة ممن يمكن تصنيفهم ضمن صانعي المحتوى التافه، عبر برامج تسطّح التفكير والوعي وتسفّهه إلى درجات تبعث على الغثيان والأسف للمستوى الذي وصلت إليه قنوات تُموَّل من أموال دافعي الضرائب.
 
هل معنى هذا أن كل المادة الإعلامية التي تقدمها القنوات المغربية فاسدة وتافهة ومتخلفة؟
 
بالتأكيد لا.
 
في بعض الأحيان وعلى غير العادة، تتاح لبعض الطاقات المغربية أن تعبر، ولو في مساحات ضيقة، عن إمكانيات الإنسان والفنان المغربي، في تقديم أعمال بمستوى ثقافي وفني، يضاهي ما يفتخر بعض أشقائنا المصريين أو اللبنانيين وغيرهم، والأمر كذلك والطاقات المغربية تقدم أعمالا كبرى على القنوات العالمية، فرنسية وبلجيكية وحتى أمريكية ويابانية...
 
أين الخلل الحقيقي؟
 
هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه في مقالتنا اللاحقة حول: كيف توفر القنوات المغربية المادة الإعلامية للمشاهد المغربي؟
 
كاتب مغربي