الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

خطاب ثورة الملك والشعب.. أجيوا نفهموا علاش شي مغاربة كيستهتروا وكينكروا وجود جائحة كورونا

 
سعيد جعفر
 
الذين ينكرون وجود مرض كورونا ويستهترون هم نتاج تعليم وتدين قدري يؤمن بالقضاء والقدر والغيبيات ولا يؤمن بالعلم والعقل والبرهان..
 
وهم الذين لم تعلمهم المدرسة والمسجد أن الواجب التزام أخلاقي وليس إلزاما وطاعة..

الملك بقدر ما شخّص وضعية صحية واقتصادية صعبة، مذكّرا، من موقعه رئيسا للدولة (الفصل42)، بالخطط والإجراءات المنوطة به كحامي للأمة، فإنه ذكّر بما يجب الوقوف عنده وإصلاحه عاجلا.
 
ماذا يعني قول الملك أعلى سلطة بالبلد بأن "هناك من ادعى أن الوباء غير موجود" و"أن رفع الحجر يعني انتهاء المرض"؟ و"هناك أناس يتعاملون مع الوضع بالتراخي بشكل غير مسؤول"؟
 
ليستنتج الملك بخطاب صريح: "هذا السلوك غير وطني، وصاحبه لا يضر بنفسه فقط، ولكن بعائلته والآخرين أيضا".
 
إن عدم الإقرار بوجود مرض كورونا والاستهتار به وبالاحتراس منه، مرده سببان اثنان:
 
- خطأ السياسات التعليمية والدينية، التي ركزت على تلقين أجيال من المغاربة قيم الإيمان بالقضاء والقدر والتعلق بالغيبيات وبالتفسير الفقهي والديني المغرق في الاستسلام للقوى الفوق طبيعية وللطبيعة والتوسل بهذه القوى لحل مشكلات طبيعية (الجفاف، الفيضانات) والاجتماعية الاقتصادية (ندرة الموارد الطبيعية، البطالة، الفقر، عدم الزواج، الأمراض...).
 
- عدم الاهتمام بالتعليم العقلي والنقدي، الذي يتأتى من العلوم الحقة (الرياضيات والفيزياء النظرية) والعلوم التجريبية (الكيمياء وعلوم الزراعة...) والعلوم الإنسانية (اللغات الأجنبية والتاريخ والجغرافية والفلسفة والتربية الوطنية...).
 
ما المطلوب اليوم؟
 
الآن والملك نفسه يقول إن ارتفاع عدد الإصابات بالعدوى وعدم جدوى خطط الدولة رغم جهودها الكبرى يعود إلى عدم الإقرار بوجود مرض كورونا لأسباب ثقافية ودينية، والاستهتار بإجراءات الحماية منها كذلك لأسباب ثقافية واجتماعية، وبالإضافة إلى ما تفضل به جلالته من إجراءات مباشرة،،،
 
فإنه أصبح لازما على الدولة، من خلال وزارتي التعليم والمجلس العلمي الأعلى ثم وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ما يلي:
 
لم يعد هناك من مجال لإرضاء المزاج الشعبي أو السياسي الذي يعتبر المدرسة امتدادا لقناعاته الفكرية والإيديولوجية ويريد سكبها في مواده وتقويماته.
 
لقد كنا نقول دائما إن جزءا من معضلة التعليم تعود إلى هذا التوتر بين المعارف النسبية وتلك المبرهن عليها عقليا، التي توفرها المواد العلمية ومواد العلوم الإنسانية وتلك القطعية التي توفرها المواد الدينية.
 
لقد نبه كثيرون، من مختصين وباحثين وفرق علمية مكلفة من الوزارة والمجلس الأعلى للتعليم، إلى ضرورة تكييف مواد مادة التربية الإسلامية لتصبح كفاياتها منسجمة مع كفايات باقي مواد المقررات الدراسية، بل ومع المنهاج التربوي نفسه.
 
فلا يعقل أن تُدرّس مواد الرياضيات والفيزياء البرهنة والاستدلال والتجريد و المواد التجريبية النسبية والاختبار المادي والانسانية النقد والرفض والنسبية والاختلاف، وتُدرّس مادة في نفس المقرر نقيض هذه القيم، أي القطعية والاستسلام والطاعة والخضوع والغيبي والارتكان لتفسيرات فوق طبيعية.
 
ولا يعقل أن السياسة الدينية ما زالت تركز على نوع من التدين القدري والاستسلامي في الوقت الذي يجب أن تركز هذه السياسة على الجوانب العقلانية في الدين.
 
هؤلاء الذين افتتح بهم الملك خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، الذين ينكرون وجود كورونا والذين يستهترون بإجراءات الوقاية هم نتاج هذه المدرسة، وهذا المسجد، اللذين يتحدان في إنتاج مواطن خاضع ومستسلم لا يؤمن بالعلم ويؤمن بالقضاء والقدر.

هناك حاجة ماسة إلى التزام الجميع بكل الاحترازات الصحية الوقائية لمواجهة جائحة كوفيد-19، مثلما هناك حاجة أمسّ لتكاثف الجهود من أجل تعليم نقدي عقلي علمي، ومن أجل إسلام متنور عقلاني مقاصدي...
 
رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط