تم تعيين أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة الساقية الحمراء، وهي الأسماء التي لا يمكن إلا التنويه بها لأنها تمثل جيلا جديدا من الحقوقيين والحقوقيات الشباب، جيل جديد ممن تعاطى مع واقع حقوق الإنسان بلغة وميكانيزمات الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، خاصة منها الآليات الأممية، فغالبية الذين تم تعيينهم لهم تجربة طويلة ومهمة في الترافع الأممي بمجلس حقوق الإنسان واللجنة الرابعة بمجلس الأمن، كما استطاعوا، من خلال الإطارات التي يشتغلون فيها بالصحراء، أن يكتسبوا مصداقية أمام الرأي العام المحلي والدولي من خلال التقارير التي يصدرونها، وهي تقارير أصبحت ذات مرجعية دولية، وكذا من خلال تحوّل أغلبهم لمخاطبين إلى جانب الإطارات الأخرى أمام المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
الاختيار هو اختيار للمستقبل، مستقبل المنطقة، ويؤكد أن الأمر لا يتعلق باختيار قبلي، ولا ريعي، ولا مصلحي، بل استجاب لحاجة ملحة للنهوض بحقوق الإنسان وتعزيزها في المنطقة، وهو ما سينعكس إيجابا على عمل اللجان الجهوية في إقليم الصحراء الغربية المغربية، وعلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي، ومنذ تعيين الأسماء الجديدة، كان يطرح سؤال تعاطيه مع الصحراء ومع الإشكالات المطروحة على جدول أعمال حقوق الإنسان، خاصة مع ما يتعلق بالتعاطي مع الأمم المتحدة، ومع قرارات مجلس الأمن، التي تصدر والمتعلقة بالحالة في الصحراء الغربية، لذلك فهذه التعيينات تكتسي أهمية بالغة باعتبارها تجاوزت أو قفزت على المنطق القبلي، ومنطق الولاء للدولة ومنطق المحسوبية، وحضرت فيها أسماء معروفة باشتغالها حول وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية وفي مخيمات تندوف، هذا الاشتغال الذي حوّل غالبيتهم، كما سبق القول، إلى مخاطبين ومحاورين أمام المنتظم الدولي، وأحدث نوعا من التوازن الحقوقي بالمنطقة كان مفتقدا في السابق، حين كان لصوت الانفصاليين السياسوي حضور قوي وهو الأعلى، قبل أن يدخل هذا الجيل الجديد من الحقوقيات والحقوقيين على خط العمل الحقوقي المستقل، الناقد بموضوعية لوضعية حقوق الإنسان في المنطقة، ويكفي العودة لمختلف التقارير التي أصدرتها المراكز والإطارات المدنية التي يتحركون فيها، ليتأكد حجم الوعي الحقوقي لدى هؤلاء الشباب، وعي بمختلف المتغيرات والمتطلبات التي تنتظر عملهم ضمن اللجان الجهوية لحقوق الإنسان في المنطقة.
تعيينات اللجان الجهوية في الصحراء لا تتعلق باختيار قبَلي ولا ريعي ولا مصلحي بل استجاب لحاجة ملحة للنهوض بحقوق الإنسان وتعزيزها في المنطقة
هذه التعيينات هي انتصار للصوت الحقوقي الصاعد، الواعد، وهو انتصار سينعكس على عمل اللجان الجهوية لحقوق الانسان بالصحراء، وسيعزز من حضور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في العلاقة مع الأمم المتحدة ومع الآليات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان، خاصة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، على اعتبار أن الأسماء المعينة ذات حضور قوي ومعبر عن الفاعل المدني الصحراوي المستقل الذي يحظى بمصداقية قوية، وكانت لغالبيتهم الجرأة في تطوير الخطاب الحقوقي واستعمال مصطلح الصحراء الغربية في عدة تقارير ووضعه ضمن سياقه العادي دون أية عقد ودون تسييس له، كما أن اشتغالهم موزع بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ويكفي، في هذا الصدد، العودة للحملة الكبيرة التي أطلقت السنة الماضية من أجل جامعة في الصحراء وفي مجال الإعاقة والعدالة الاجتماعية محليا، والحقوق السياسية والمدنية في علاقتها بالمنطقة وبالقانون الدولي لحقوق الإنسان والآليات الأممية، ويكفي كذلك العودة لمختلف التقارير التي أصدرها، مثلا، مرصد السلم والصحراء، الذي تترأسه الصديقة عائشة الدويهي، إلى جانب الفاعلين الآخرين المعينين، الذين لهم تجربة قوية في مجال حماية حقوق الإنسان، ومنهم من خاض تجربة الاعتقال السياسي.
هذه التعيينات، ستعزز من حضور المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومن فرصه للقيام بكامل مهامه اتجاه الصحراء من الباب الحقوقي، كما ستنعكس هذه التعيينات على المجلس وعلى حضوره وعلاقته مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن، خاصة في متن القرارات التي يصدرها والمتعلقة بالحالة في الصحراء الغربية.
إننا أمام انتصار لجيل جديد من الحقوقيين، بأفق حقوقي واعد، الكلمةُ فيه للحقوقيين الشباب.
_________________________
الأعضاء الجدد للجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة العيون الساقية الحمراء