بعد الاستهداف المُدبّر لمصطفى التراب.. آن الأوان لنزع الأقنعة!
الكاتب :
نوفل البعمري
نوفل البعمري
بعد أن هدأت العاصفة، حان الوقت لنطرح سؤالا واضحا حول ما يحدث من استهداف واضح للرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وهي واحدة من المكاتب التي تعتبر درع المملكة الاقتصادي والمالي الوطني، الذي له حضورٌ اقتصادي ووطني كبيران في كل اللحظات، التي يمر منها المغرب. تكفي العودة فقط للحملة الكبيرة التي خاضتها جنوب إفريقيا والبوليساريو والجزائر، في السنوات الأخيرة، ضد هذه الشركة واستهداف شحناتها التجارية القادمة من الأقاليم الجنوبية، ومحاولة جرها للمحاكم الأوروبية بدعوى استغلال غير شرعي للفوسفاط بالصحراء، حيث كان هناك تكالب كبير على هذه الشركة، كاد أن ينعكس سلبا على علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي لولا يقظة المسؤولين المغاربة والأوروبيين، ورغبتهم الأكيدة في الوصول لبر الأمان بعلاقة ذات طابع استراتيجي يتداخل فيه الاقتصادي بالتجاري بمحاربة الإرهاب، ثم بالقضايا الحيوية التي تهم المغرب ودول الاتحاد الأوروبي.
الحملة التي خيضت ضد مصطفى التراب لم تكن لشخصه فحسب، بل لصفته كمدير للمكتب الشريف للفوسفاط، وإلا بماذا نفسر انتقال الحملة من الحديث عنه إلى المكتب نفسه، ثم إلى استهداف هذه المؤسسة الوطنية الاقتصادية، التي انجرّ معها جوقة مناضلين افتراضيين، الذين باتوا يستأسدون وراء الشاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، وسهولة الولوج إليها، التي تمكّن أيا كان من ادعاء طهرانية ثورية كاذبة ومغشوشة، ومزيفة، إن هذا الإصرار على الاستهداف أكد أن رأس الرجل مطلوبة، ومعه المؤسسة التي يديرها، رغم ظهور عدة قرائن تؤكد أن التراب ليس هو المعني بالفيديو المسرب، بل ورغم التعرف على الهوية الحقيقية للشخص، الظاهر في الفيديو، لكن، وهنا المسألة التي تؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، كان هناك إلحاح غريب على استهداف التراب تحديدا، وتشويش صورته لدى الرأي العام لتضليله، ألم يقل الشهيد عمر بن جلون أن التضليل شكل من اشكال الاستبداد؟!
إن الغريب في هذه الحملة هو أن من كان يتشدق بالحياة الخاصة واتهامه لصحافيين ومواقع إلكترونية بأنها صحافة تشهير، هم أنفسهم من قادوا جوقة التشهير بالرجل، ما يعني أن هؤلاء المناضلين المزعومين، سرعان ما نسوا أن الشخص الموجود في الفيديو، كائنا من كان، يعيش حدثا خاصا بحياته الشخصية، ولا يعني أيا كان، كما أنه لا يمس بأي جهة، بل الفيديو كله يتعلق بحفل خاص في فضاء خاص، وليس مكان عام ولا يتعلق بحدث عام، إننا أمام سيكولوجية غريبة، سيكولوجية الإنسان ليس المقهور بل المكبوت، نوع من الكبت الذي يتجاوز القهر الاجتماعي، ليكون مؤشرا على كبت نفسي وانفصام في السلوك والشعارات والتدوينات...
لقد كنا ومازلنا أمام مسلسل مشبوه لعمليات استهداف المؤسسات الوطنية، ولبعض أسمائها ورموزها، كل مرة تظهر بمظهر معين، لكنها تلتقي كلها في رغبة لدى البعض في هدم هذه المؤسسات لمعرفتهم اليقينية أنها تخدم الأجندة الوطنية، وأنها سلاح اقتصادي فعال ضد محاولات المس بالقضايا الحيوية للمغرب، وإلا لما كان هناك تركيز عليها من طرف خصوم المغرب وخصوم وحدته الوطنية الذين وضعوا مجموعة المكتب الشريف للفوسفلط ضمن أولوياتهم، وعلى رأس جدول أعمال المؤسسات المستهدفة، خاصة وأن هذا الأخير يتداخل فيه الاقتصادي بالحيوي، وإلا لما قامت جنوب إفريقيا رسميا باستهداف جل الشحنات الموجهة للخارج لمعرفتهم أن عائدات المكتب ومنتجاته تضع المغرب في مقدمة الدول الإفريقية، مما يجعله منافسا قويا اقتصاديا لجنوب إفريقيا...
هذا الموضوع يتداخل فيه ما هو خارجي، ويتعلق باستهداف مؤسسات الدولة وأدرعها الاقتصادية، بما هو داخلي، ويتعلق بنقاش الحياة الخاصة، الذي يريد البعض للأسف خوصصته لجهة ما، وهو النقاش الذي آن له أن يُفتح بالوضوح الذي يفرضه في المواقف، وحتى تظهر كل المواقف على حقيقتها، وتنكشف كل الأقنعة، التي تتخفى وراء الشعارات والجمل الغليظة...