الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

بوشطارت: الحركة الأمازيغية تجابه التيارات الرجعية والأصولية في قضية إصلاح مدونة الأسرة

 
عبد الله بوشطارت
 
يظهر أن الحركة الأمازيغية هي الوحيدة التي تجابه حاليا التيارات الرجعية والأصولية في قضية إصلاح ومراجعة مدونة الأسرة، ويبدو ذلك جليا في منصات التواصل ومواقع الصحافة الإلكترونية، ويأتي ذلك بعد تخاذل أحزاب اليسار ذات التوجهات العلمانية بعد تحالفها مع التيارات الإسلامية، خاصة اليسار المعارض الذي تحالف مع العدل والإحسان، وضعف الأحزاب اليسارية الأخرى، التي أنهكها التناوب الحكومي ولم تعد تهتم بالمرجعيات والأفكار والمذاهب والتوجهات، دون أن نسى أن تلاحم أحزاب اليسار والتيارات العلمانية العروبية مع تيارات الإسلاميين والسلفين حول قضايا القومية العربية لاسيما قضية فلسطين، ذلك التحالف والتلاحم القومي الإسلامي حول قضايا خارجية وشرق أوسطية جعل من العلمانيين وطيف الحداثيين يتخاذلون في الدفاع عن القضايا المصيرية الداخلية، وعلى رأسها قضية حقوق المرأة والديمقراطية وغلاء الأسعار وأزمة الماء وازمة الفقر ومعضلة التنمية وغيرها... أما اليسار المخزني أو التيار الحداثي المؤسساتي، فإنه ضعيف جدا وهش أمام الإسلاميين، إذ بالرغم من رغبة هذا التيار من مواجهة التيارات الإسلامية المتطرفة والمتشددة وحتى المعتدلة، فإنه يسقط في الوهلة الأولى بسبب ضعف خطابه وعدم قدرته على إقناع الرأي العام بمضامين إصلاح مدونة الأسرة والتوجهات الحداثية التي من المفترض أن تتضمنها المدونة، وذلك بسبب انعدام المشروعية والمصداقية السياسية لهذا التيار العلماني المخزني، الذي يتزعمه وزير العدل السابق عبد اللطيف وهبي ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، اللذان عجزا عن مواجهة ابن كيران، فما بالك بمواجهة التيارات السلفية المتشددة المتوغلة في المجتمع...
 
أمام هذا الوضع، لابدّ من الإشارة إلى بعض النقط في هذه المواجهة غير المتوازنة التي تتزعمها الحركة الأمازيغية دفاعا عن إصلاحات مدونة الأسرة أمام التيارات الرجعية والأصولية المتشددة:
 
- دفاع الحركة الأمازيغية عن مدونة الأسرة ضدا عن تخلف الرجعيين والأصوليين يُظهر قوة الخطاب الأمازيغي وعقلانيته ووضوحه الأيديولوجي من أجل إرساء دعائم دولة تسود فيها الحريات والحقوق ويسود فيها العقل نحو أفق حداثي متين يحرر الإنسان من التبعية لقيود النص والنقل بدل العقل...
 
- الحركة الأمازيغية تقود هذا التدافع السياسي والفكري والحقوقي والإصلاحي بالرغم من كونها لا تتوفر على أحزاب سياسية بمرجعية خطابها، وبالتالي فهي تواجه تيارات لها تنظيمات قوية ومتماسكة، أحزابا وحركات ونقابات وجماعات وجمعيات كبيرة ومنظمات الدعوة المستندة على الدين...
 
- الحركة الأمازيغية لا تتلقى أي دعم لا من الدولة ولا من المنظمات الخارجية تواجه الإسلاميين في معركة غير متكافئة، لأن الحركة الأمازيغية تخوض معركة فكرية محضة، ولكن الإسلاميين لهم دعم مالي وإمكانيات مادية ضخمة بسبب استغلالهم للدين ودعم الدولة لهم كما يتلقون ملايير البيترودولار بصيغ مختلفة، في حين أن الحركة الأمازيغية تعتبر اليوم أفقر حركة في المغرب من الناحية المادية لكنها غنية بالأفكار والمقترحات والديناميات...
 
- الحركة الأمازيغية هي فرصة تاريخيّة وهبة من الله للمغاربة قاطبة، لأنها حركة تفكر في الوطن والمواطن بالدرجة الأولى بدون أي منافع أو مواقع أو مكاسب مادية أو نفعية، لأنها حركة فكرية ثقافية بالأولوية... كما أنها لا تعمل بمنطق الربح والخسارة في مواجهتها للتطرف والتشدد الديني، لأن بعض التيارات العلمانية تنافق وتهادن الإسلاميين في بعض المعارك الداخلية المصيرية تزلّفا لهم...
 
- وأخيرا وهذا هو الأهم، الحركة الأمازيغية تدافع عن إصلاح مدونة الأسرة وعن الأفق الحداثي والديمقراطي للمجتمع المغربي أمام نكوصية الإسلاميين وأصوليتهم، إلا أن الدولة للأسف تدعم العروبة والتعريب بميزانية ضخمة وتقصي الأمازيغية من حقوقها الدستورية، فدعم العروبة والتعريب من شأنه توريط مستقبل المغرب في مآزق كثيرة لأن انتشار هذا التطرف الديني وانتشار الوهابية والسلفية ناتج بالأساس عن النظام التعليمي، الذي تبنته ورسخته الدولة في العقود الأخيرة، فتعريب المدرسة العمومية نتائجه كارثية، والحل الوحيد هو دعم تدريس الأمازيغية وتنقية المناهج التعليمية من الأفكار القومية والوهابية والإسلاموية والسلفية والاهتمام بالتاريخ والحضارة والثقافة الامازيغية...
 
 
إعلامي وناشط أمازيغي وباحث متخصص في تاريخ الصحراء والساحل