الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

مكسب تاريخي جدير بالفرح.. إقرار إيض إيناير كعيد وطني لا علاقة له بالبصل ولا بالبطاطس

 
عبد الله بوشطارت
 
مازال العديد من المناضلين والفاعلين يتبادلون رسائل التهنئة حول القرار الملكي بجعل رأس السنة الأمازيغية يوم عيد وطني ويوم عطلة مؤدى عنه. وفي الحقيقة الكثير من الأصدقاء المناضلين تفاجأوا بهذا القرار في هذه الظرفية... والذي يعتبر قرارا تاريخيا واستراتيجيا مهما، لما له من رمزية ودلالات عميقة.
 
وفي المقابل، ظهرت بعض الأصوات، هنا وهناك، وبطرق مختلفة، تحاول التقليل من شأن هذا الحدث، إما لأسباب أيديولوجية وسياسية صرفة، أو لعدم فهم وإدراك الحمولة الرمزية والثقافية وحتى السياسية لهذا القرار. لأنه ليس كل المغاربة، بمن فيهم المتعلمون والمثقفون يعلمون ويفهمون معاني ودلالات إقرار إيض إيناير يوما وطنيا ويوم عطلة. كما أن بعض المحللين يسرفون في التحليل أكثر، ويربطون هذا القرار الملكي التاريخي بالظرفية الاقتصادية والاجتماعية المتسمة بالأزمة الحادة، وبالتالي يكون الغرض من ذلك القرار هو التنفيس. هذا الطرح على مستوى تحليل السياق ممكن اعتقاده، ولكن ليس هو الصحيح، وهو تحليل مغلوط. ومن المؤكد أن هذا التحليل يعتقده الذين يتموقعون خارج الحركة الأمازيغية وبعيدون عن فهم خطابها ومسارها.
 
أما نحن، الذين يتابعون القضية الأمازيغية في جميع جوانبها وتفاعلاتها، ونخوض المعارك السياسية والثقافية والفكرية والميدانية في سبيل الحقوق الأمازيغية، فإن إقرار إيض إيناير كعيد وطني ويوم عطلة، لا علاقة له بالبصل ولا بالبطاطس، وإنما هو مكسب تاريخي ونضالي لأجيال من المناضلين والمناضلات، ضحوا بحياتهم ووقتهم وصحتهم وعمرهم وشبابهم وأموالهم، أسسوا جمعيات وتنظيمات، كتبوا الكتب والمؤلفات، نظموا احتجاجات ومسيرات واعتصامات، أطروا محاضرات وندوات، أسسوا جرائد، ركبوا الحافلات والطائرات... عدة عقود من الزمن، من أجل الاعتراف بالأمازيغية وإعادة الاعتبار لها...
 
نحن الذين نخوض هذا الصراع والنضال، تقريبا بشكل يومي، منذ سنوات تزيد عن 25 سنة، نعرف جيدا، أين كنا... وأين أصبحنا الآن...
 
أين كنا، حين اعتُقل صدقي علي أزايكو وحكم عليه بسنة قضاها كاملة في سجن لعلو البارد بحي المحيط بمدينة الرباط سنة 1981 وهو أستاذ جامعي، لمجرد أنه نشر مقالا عاديا جدا حول الثقافة الوطنية...
 
أين كنا؟ حين اعتقل المحامي والمناضل حسن إد بلقاسم لمجرد كتابة اسمه بحروف تيفناغ ووضعها أمام باب مكتبه، واعتقلته الشرطة وقادته إلى غرف التحقيق في بداية الثمانينيات؟
 
أين كنا... حين تم اعتقال أساتذة أمازيغ شاركوا في مظاهرات فاتح ماي وحملوا لافتات مكتوبة بتفيناغ سنة 1994... وتم الحكم عليهم، في أشهر محاكمة للميز العنصري...
 
أين كنا حين تم الحكم بالحل والبطلان على الحزب الديمقراطي الأمازيغي وحظْر أنشطته منذ سنة 2007...
 
وهناك أمثلة كثيرة جدا... ندرك بها أننا جئنا من بعيد، وعانى الأمازيغ كثيرا، وضحوا كثيرا وهم يخوضون المعارك بطرق حضارية وفكرية وثقافية وبطرق سلمية ومدنية... إن الأمازيغ وهم يكابدون من أجل قضيتهم العادلة والمشروعة... قد صبروا كثيرا... صبروا مدة طويلة...
 
واليوم حين يرون مطالبهم تتحقق... فمن حقهم أن يعبّروا عن فرحهم وارتياحهم... لأنهم يستحقون ذلك.
 
إعلامي وناشط أمازيغي وباحث متخصص في تاريخ الصحراء والساحل