ربما لم نستطع لحد الآن الإلمام بكل جوانب الأفكار التي يطرحها الطريق الرابع، مادام هناك صعوبات تواجهنا على مستوى تطبيقها على أرض الواقع، بحكم استمرار مخلفات التجارب السياسية والثقافية التي تحولت بعد تهالكها إلى مثالية وقيم "أخلاقية"، تحلل وتحرم أي فكرة لا تتماشى مع مرتكزات بنائها الأيديولوجي الكلاسيكي وقاعها الثقافي.. وتضايق كل ممارسة تؤمن بالجانب العملي وحل المشاكل، وتعارض كل ربط للممارسة بالنتائج المترتبة عليها، وتعتبر إيديولوجيتها معتقدات ثابتة تتمسك بها كشرعية تاريخية، متناسية التطور التاريخي والاجتماعي والبيولوجي لمكونات المجتمع، محتقرة التنوع الثقافي والخبرة والتجربة.
إن الطريق الرابع طريق الممكن، يؤمن بالعيش المشترك على الأرض بدل تقديس الكتب والمجلدات وأقوال المشاهير.
بلادنا اليوم في حاجة إلى إنقاذ مغاربة "الحاشية السفلى" من الاستبعاد الاجتماعي والهشاشة ومن اللامساواة في التنمية.
ولأن الطريق الرابع هو قواعد من السلوك والأداء العملي، يعترف بصيرورة التجربة كمقياس، ويطرح من جديد تطلعه إلى المستقبل، فإنه يذكر بأفكاره من جديد في هذه المرحلة المفصلية من واقعنا:
* على المستوى العام:
• ضرورة استحضار روح دستور 2011 باعتباره الدستور الأمثل الضامن للحقوق والحريات، لتحقيق البناء الشامل وترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات.
• الحرص على المزيد من اليقظة والحذر لحماية الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.
• التشبث بقيم العيش المشترك وتعزيز بناء مغرب معاصر يتسع للجميع، في إطار من السلم والمحبة والإخاء، ضد مختلف أنواع العنف والتطرف والإرهاب، وخطاب الكراهية.
• إرساء أسس التنمية الاجتماعية والاقتصادية كمنظومة متكاملة البناء لتعجيل بناء مغرب المستقبل.
• تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والفئوية والموضوعاتية، والنهوض بها.
• حماية حقوق الإنسان في التشريع والممارسة وتنفيذ كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
• وجوب اعتماد مقاربة النوع في كل الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية.
• الحرص على ضمان الحق في الحصول على المعلومة وتقاسم المعطيات النوعية والإحصائية والمؤشرات القياسية والمرجعية.
* على المستوى الاقتصادي والتنموي:
• العمل على تنزيل نموذج المشروع التنموي الاجتماعي ببعد اقتصادي، إيكولوجي وثقافي، قائم على الاستثمار في البحث العلمي والإبداع والابتكار في كل المجالات، لمواجهة التحديات الكبرى التي تلوح في الأفق.
• التعبئة من أجل تغيير التوجه الاقتصادي الحالي ومراجعة العلاقة مع أبناك "بريتون وودس"، وفي طليعتها صندوق النقد الدولي الذي يفرض توجيهاته التي لا تخدم المعايير الإيكولوجية المنصوص عليها ولا حتى الاجتماعية منها.
• ضرورة اعتماد توجه اقتصادي سياسي وطني يخدم مصالح المجتمع والبيئة، راهنا ومستقبلا.
• العودة إلى إنعاش الاستثمار الوطني في إطار من التخطيط والمبادرة الخلاقة لإنجاز مشاريع عمومية منتجة ودامجة في كل الجهات.
• تشجيع الاستثمار الخاص والمنتج والمنعش للاقتصاد المحلي والجهوي والوطني.
• ضرورة استحضار البعد الإيكولوجي في كل مخططات ومشاريع النموذج التنموي المرتقب.
• التوجه إلى ابتكار آليات جديدة لتحريك السوق وتوفير السيولة للمستهلكين.
• تشجيع التنمية المحلية ودعم التعاونيات الصغرى وجمعيات الاقتصاد التضامني والاجتماعي.
• القطع مع سياسة الإعفاءات الضريبية الدائمة والغير المنتجة (القطاع العقاري نموذجا).
• فرض قوانين زجرية لتجريم التهرب والتملص الضريبي وتهريب العملة إلى الخارج، وتمكين كل المؤسسات والإدارات ومفتشية الضرائب من الإمكانيات المادية والبشرية للقيام بواجبها على أحسن وجه.
• سن ضريبة المواطنة بالاعتماد على دخل الأسرة كقاعدة للاحتساب الضريبي، مع احتساب النفقات الاجتماعية للأسر من تمدرس وتطبيب وانخراط في الجمعيات والأندية الثقافية والرياضية والمنظمات التطوعية والإنسانية والاجتماعية.
• خفض السعر الأدنى المتعلق بالاستهلاك الواسع (خاصة في المجال الصحي والاجتماعي).
• تضريب الشركات والمقاولات الكبرى، وتقنين النفقات الجبائية وربطها بدفتر تحملات واضح يشمل خلق فرص الشغل وخلق القيمة المضافة.
• دعم التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي وربطه بالاقتصاد التقليدي من أجل التنمية المستدامة، وفعلية التتبع والشفافية.
• دعم اقتصاد القرب وتجميع كل أنواع ضرائبه في "مساهمة مهنية واحدة" (Contribution professionnelle unique).
• خلق فرص الشغل المثمر والمنتج، وملء الخصاص في القطاعات الاجتماعية من يد عاملة وموظفين من أجل تجويد العمل والخدمات.
• إحداث بنك وطني خاص بدعم المقاولات الناشئة، ومقاولات الخريجين من الجامعات والمعاهد والمدارس العليا، خصوصا في مجال التقنيات الحديثة.
• إحداث بنك وطني خاص بـإدماج الاقتصاد غير المهيكل الذي يمثل 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام في الاقتصاد الوطني، والاستفادة من البيانات والمعطيات التي وفرتها عمليات الدعم المباشر للمأجورين في ظل جائحة كورونا، ومحاربة ومعاقبة لوبيات وسماسرة هذا القطاع.
• دعم القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين عبر إعفاء الفقراء منهم من أداء فاتورة الماء وأداء نصف فاتورة الكهرباء.
• تحرير طاقات الشباب وتحفيزهم على الإبداع والإنتاج بعد تكوينهم وتأطيرهم.
• محاربة الرشوة والزبونية والمحسوبية وربط كل أنواع المسؤولية بالتتبع والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، لحماية الاقتصاد الوطني، واسترجاع الثقة في المؤسسات.
• عدم تحميل المواطنات والمواطنين أي أعباء إضافية.
• الاعتراف الفعلي بمساهمة مغاربة العالم في الاقتصاد الوطني، وإشراكهم في مختلف المؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية.
* على المستوى الاجتماعي:
• إقرار العدالة المجالية بين الجهات وتمكين الجميع من الاستفادة من ثروات البلاد.
• إقرار تكافؤ الفرص بين جميع المواطنات والمواطنين في جميع المجالات.
• تفعيل "السجل الوطني للسكان RNP" لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي وتحديد الفئات المستهدفة.
• تفعيل الديمقراطية التشاركية شكلا ومضمونا وتقوية المساواة بين الجنسين.
• استحضار البعد الثقافي وتيسير سبل المعرفة من أجل توفير شروط المواطنة الفاعلة والقادرة على استيعاب متطلبات احترام البيئة والمشاركة المبدعة في تحقيق التنمية المستدامة.