إن المتأمل في عقدة أوديب وكيف استوعبها الغرب ووظفها، سيجد أنها عقدة لا تنتمي إلى التراث العربي الإسلامي... فأوديب، الأسطورة والعقدة والرؤية والفكرة، هو من صميم التراث اليوناني الغربي، وبالتالي لا علاقة تربطنا به...
فَهِمَ الغرب مغزى عقدته ووظفها بشكل خارق في جميع المجالات، في الآداب والعلوم والتشريع... يقتل الغرب أباه كل يوم، وكلما قتله زاد خطوة إلى الأمام، فالتاريخ أو الماضي أو التراث هو مجرد أب مات أو يجب أن يموت من أجل المستقبل.
نحن أيضا لنا عقدتنا التليدة، عقدة إسماعيل (عقدتنا النفسية والاجتماعية والتاريخية والفكرية والثقافية والإبداعية...) شبيهة بعقدة أوديب لكنها مقلوبة، الأب هو الذي يضحي بابنه، وكلما قتلناه ازددنا خطوة إلى الوراء، إلى الماضي، إلى التاريخ، إلى السلف، إلى الصالحين، إلى دليل الخيرات والبخاري والأولياء، إلى الفقهاء القدامى، إلى الزعماء المؤبدين، والكتب الصفراء والعصور الجاهلية الغابرة... أما المستقبل فلا أهمية له ولا وجود ما دامت مصداقية وجودنا مستمدة من آبائنا وكامنة في ماضينا لا في مستقبلنا...
ليمت الابن من أجل أن يبقى الأب على رأس القيم والأفكار والسلوك والحزب والزاوية والمؤسسة... في التعليم والآداب والفلسفة والتفكير والثقافة... هذه العقدة لابدّ أن تكون تحت مجهر الأفعال الثقافية المغربية، وأن تكون في صلب اهتمام المثقفين والمفكرين... أليس كذلك أيها الرجل الغافي؛ أقصد عبد الله العروي.