الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

عيون "خريف التفاح" تحتفي بنا في مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة

 
قراءة: أحمد طنيش
 
 
ضمن فعاليات الدورة 22 لمهرجان السينما الأفريقية لخريبكة، التي انطلقت يوم 28 ماي 2022، وتمتد إلى يوم غد السبت 4 يونيو 2022، كان لنا موعد يوم الأربعاء 1 يونيو 2022 مع فرجة الفليم السينمائي الطويل الثالث للمخرج محمد مفتكر: "خريف التفاح".. فكيف كان التلقي؟
 
تكسير أفق الانتظار
 
كان أفق انتظارنا الذي أتينا به إلى هذه التحفة السينمائية، أن نتعرف على ثنائية العنوان، الخريف، ثم التفاح، ونحن نعلم سلفا أن المنتظر شيء والإبداع شيء آخر سيما مع مخرج مثل محمد مفتكر، الذي سبق له أن كسر كل أفق انتظاراتنا في أفلامه السابقة، القصيرة منها، ثم الفيلمين الطويلين الآخرين: "البراق"، و"جوق العميين".. وفعلا وكعادته كسر محمد مفتكر أفق انتظارنا، وفي زمن تلقي الفيلم قبضنا على أفق انتظار آخر خلال الفرجة، إذ واكبنا هذا الأفق من أول مشهد إلى آخر مشهد، عبر جملة تركيبية سلسة بمبنى ومعنى، أشركتنا في البناء الدرامي عبر آليات سيمائية وسينمائية متكاملة، بتقطيع وتركيب وتصوير وزوايا التقاط وصوت وموسيقى مشاركة ومساهمة داخل الحكي ومن خلاله وعبر دلالات إعداد الفضاء والديكور الطبيعي وغيره؛ إذ كانت لكل هذه المكونات سعة الحلم والفضاء وفتح الرؤيا على تأويلات متعددة.
 
أفق انتظار مدخلي
 
استقبلنا الماء بدائرته، والبئر بمائه، بمعنى أن أفق انتظار الخريف كُسّر مسبقا، وأكدت الفرضية بتلك الشجرة اليانعة المثمرة التي تنتج تفاحا جميلا بارزا مشتهى موزعا على كل أغصان الشجرة، من ثم دخلنا إلى فرضية أخرى في زمن الفرجة السينمائية جعلتنا نبحث عن الخريف والتفاح الآخر، سيما والزمن شتاء وليس خريفا، أكده المشهد الخارجي أمام شجرة أخرى وماء واد، حينما جاء المطر الذي غسل الأرض والجسد.
 
في خضم أفق الانتظار
 
وجدنا أنفسنا ونحن نواكب الفرجة في سيرورة المشاهد، الموزعة بين فضاءات داخلية وأخرى خارجية، والفواصل بينها الرجوع إلى محيط شجرة التفاح، المحور والموزع للتيمات، من هنا اعتبرت شجرة التفاح مايسترو الحكي الفيلمي.
 
وهنا بدأ البحث عن الخريف في أشياء أخرى، فهل هو حاضر في الأجساد، جسد الجد والأب محمد التسولي، أم في جسد وحياة الجدة الأم، نعيمة لمشرقي، أم في الزوجة المتهمة بالخيانة والمهملة فاطمة خير، أم في علاقة التنافر بين الأب سعد التسولي وأمه وأبيه وزوجته المهملة وابنه، أم مع معلم القرية الحاضر والغائب، أم في صولدة وعربته وحصانه، أم في لباس انتهى زمن خدمته..
 
في هذه القراءة والبحث الجديد عن أفق انتظار يواكب الفرجة والتلقي، يخرج التفاح من دائرة القراءة المباشرة الذي قدمها لنا العنوان ليتبرأ الخريف من التفاح، ويصبح للتفاح علاقة بالخريف الذي يحيطه إلى درجة محاولة اغتيال شجرة التفاح، وهنا أصبح التلقي بعنوان فرجوي آخر: تفاح الخريف.
 
أفق انتظار الشجرة
 
الشجرة توشي برمزية أخرى وجودية، من ثمة فالتفاح فاكهة جنة تُشتهى ويرغب فيها وهي محور وجود جدلي من المنع والإقبال والجني والتواصل. حضر التفاح في الرسم وفي الهدية وفي طهي حلوى بين الرفض والقبول، وفي السقوط وكأنها تؤكد نظرية نيوتن، وفي الجني والتذوق، تم في نظرة النهاية، أي بداية العلاقة وعودة الدائرة الأكثر اكتمالا التي تبدأ من نقطة وتكون العودة حتمية، كما صرح الفليم: خريف التفاح بل ربيعه..