الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

قريبا في المكتبات: "ما أنزل الله.. أم ما ألفينا عليه آباءنا" لعمر مصطفى الرمحي

 
قريبا يلتقي القرّاء مع جديد دار الوطن المغربية، بإصدار كتاب "ما أنزل الله.. أم ما ألفينا عليه آباءنا.." للكاتب الفلسطيني، المقيم في كندا، والأستاذ في جامعة واترلو، عمر مصطفى الرمحي، حيث سيُوزّع قريبا في المكتبات... ولأخذ فكرة عن هذا الكتاب، الذي سيكون مثيرا للجدل، ننشر هذا التأطير للكاتب عمر مصطفى الرمحي، الذي يقدم نظرة وافية عن محتويات وتوجهات هذا الكتاب...
♦♦♦♦
 
 
عمر مصطفى الرمحي (*)
 
هذا الكتاب محاولة لمعرفة لماذا يعيش الغالبية العظمى من المسلمين في صراع مع أنفسهم، ولماذا يعيشون في عزلة فكرية وفراغ فكري. وهو محاولة لمعرفة لماذا يتبنى المسلمون قواعد بعيدة كل البعد عما يدعو إليه الإسلام المتجسد في المصحف.

وفي محاولة للبحث عن الإجابات، يستخدم الكتاب -قدر الإمكان- مصدرين: الأول، المنطق النقدي، والثاني، المصحف، وبهذا الترتيب. وعلى النقيض من الغالبية العظمى من الكتب التي تبحث في الإسلام، فإن هذا الكتاب لا يستند إلى حجم، أو صيت، أو مكانة، أو قدسية الشخصيات والعلماء من الماضي أو الحاضر عند غالبية المسلمين لإثبات صحة أي ادعاء، حتى وإن كانوا ممن يُصنّفون من غالبية المسلمين كصحابة أو تابعين. ولذلك، فإن الإشارة إلى مفهوم الصلاحية يختلف عما اعتمد عليه في تراث المسلمين الجماعي.
 
يتّبع هذا الكتاب طريقة منهجية لتحليل الطرق والأساليب الّتي تطوّرت عبر العصور لتهميش عقل المسلم، بل وإظهار العقل والفكر كعدويْن لذوذيْن للإسلام والإيمان وللدين بشكل عام

يتّبع هذا الكتاب طريقة منهجية لتحليل الطرق والأساليب الّتي تطوّرت عبر العصور لتهميش عقل المسلم، بل وإظهار العقل والفكر كعدويْن لذوذيْن للإسلام والإيمان وللدين بشكل عام. كما يحلّل الكتاب الرّوايات المنسوبة لمحمّد رسول الله (الأحاديث)، وتفسيرات المصحف من قِبل رجال دين ومؤرخين وعلماء بارزين؛ ليؤكّد أنّ العقلانيّة والعقل كانا مستبعدين إلى حد كبير عن الخطاب الدّيني للمسلمين، ويظهر ذلك جليا في المواد والأدبيات الدينية المتداولة، التي وصلت إلينا والمؤثرة بشكل كبير على ثقافة المسلمين العامة.

هذا الكتاب يذهب وراء الكواليس -إذا جاز التّعبير- وبشكل بعيد عن التحفظ التّقليديّ لفهم الأسباب وراء هذه القطيعة، الّتي آلت إلى تخلّف فكريّ ذي أبعاد مأساويّة على النواحي الاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة، بل والدّينيّة ايضاً. يقدم الكتاب إطارا لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا التّخلّف الفكري الحادّ بين معظم المسلمين إزاء فهمهم لدينهم. فهو ينظر إلى المذاهب الّتي ظهرت على مر العصور للحفاظ على ثقافة "إسلامية" خاضعة إلى التّغيّرات السّياسيّة أو إلى أهواء أنظمة الحكم في كلّ جيل. كما يكشف -هذا الكتاب- التّناقضات الصّارخة بين ما جاءت به المذاهب الإسلاميّة وبين ما جاء به المصحف، التّناقضات الّتي اختار العديد من المسلمين تجاهلها لأسباب ستُطرح في هذا الكتاب.
 
يقدم الكتاب إطارا لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا التّخلّف الفكري الحادّ بين معظم المسلمين إزاء فهمهم لدينهم. فهو ينظر إلى المذاهب الّتي ظهرت على مر العصور للحفاظ على ثقافة "إسلامية" خاضعة إلى التّغيّرات السّياسيّة أو إلى أهواء أنظمة الحكم في كلّ جيل

لا يمثّل هذا الكتاب محاولة لـ"إصلاح" الإسلام. إذ إنّ الادعاء بإصلاح الإسلام في حد ذاته يُعد إهانة شديدة لمعظم المسلمين، وذلك لأنّ إصلاح الشيء يدل على تغييره، أو يدل على أن هناك عطلا في الشيء الذي يُراد إصلاحه. كما أن "الأصلاح" يحمل عادة دلالات زّمنيّة؛ بمعنى "التّغيير؛ ليصبح متوافقا مع الزمن". وعلى نحو مماثل، لا يشكل الكتاب محاولة لـ"تحديث" الإسلام. وهذا لأنّ الدين -كما يجسده المصحف- لا يمكن تغييره، وإلا فيتعيّن علينا أن نتوقّع وحْيا إلهيا جديدا، وأنبياء ورسلا جددا؛ ليوفروا تنزيلا إلهيا جديدا يتوافق مع العصر "الحديث". هذا الكتاب يبين أن الإسلام كما يجسده المصحف (أي الوحي الإلهيّ) مطلق غير قابل للتّغيير. وبدلا من التساؤل عن مدى ملاءمة الإسلام "للعصر"، يدعو الكتاب إلى فهم المصحف من خلال عمليّة تدريجيّة مستمرة تُفضي إلى فهم مطلق لأجزاء منه على الأقل.

السّمة الأساسيّة لهذا الكتاب هي أنّه لا يأخذ تعليقات وآراء العلماء المسلمين المرموقين (بما في ذلك أكثر الفقهاء المسلمين شهرة) كجزء لا يتجزّأ من الإسلام. لذلك، بعض أفكار وأطروحات هذا الكتاب ستُعارَض من قبل فئة من المسلمين، وخاصة رجال الدّين التّقليديّين المتبعين والمؤمنين بالموروث وبأقوال وقصص وروايات وأحكام وتشاريع ما أنزل الله بها من سلطان، بل صنعت من قبل رجال أعطوا انفسهم حق النيابة والتوقيع عن رب العالمين، كما سنوضح في الفصل التاسع. لكن، ودعما لأفكاري، استخدمت نفس المصدرين المذكورين أعلاه، والّلذين هما أعظم هديتين من الله للإنسان: العقل والمصحف.