الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

حكومة الديبلومات.. تصريح أخنوش كيحشّم وخطاب نادية فتّاح مكرور بصيغة Du déjà vu

 
محمد نجيب كومينة
 
 
من المؤكد اليوم أن حكومة الديبلومات، التي كان وزراء حكومة عبد الله إبراهيم سيخجلون من ضعفهم أمامها، قد شعرت أن رئيسها، عزيز أخنوش، قد قدم تصريحا حكوميا "كيحَشّم"، نظرا لمجيئه شبيها بالبناء العشوائي ومليئا بالحفر...
 
لذلك ارتأت، أو بالأحرى ارتأى الحزب الذي اشترى "ساروتها"، أن تستغل مناسبة عرض وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، لمشروع قانون المالية لسنة 2022 أمام البرلمان، لتقديم تصريح حكومي ثانٍ رأت أنه يليق بها ويزيل الأثر السيء لما قدمه رئيسها، زعيم الأغلبية الحكومية المعروف بأنه رجل مال وأعمال وليس رجل سياسة وفكر وأحزاب وذاك الشي...
 
التصريح الحكومي الأول حسبه رئيس الحكومة، في رده على المناقشات البرلمانية، على الأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية، التي فشل من انتدبتهم في صياغة تصريح وبرنامج حكوميين "ما كيحَشّموش"، لذلك جاء التصريح الحكومي الثاني معتمدا مقاربة مختلفة تُحسب لـ"مول الساروت" وحده بلا شريك.
 
وهكذا، فقد ارتقت الصياغة، ودُققت كثيرٌ من المفاهيم، التي كانت "موضّرة"، في التصريح الأول بمدخل سياسي ركز على القضية الوطنية، قضية الوحدة الترابية، يناسب اللحظة وما يعتمل فيها في ضوء العدوانية المتصاعدة للمجانين، الذين ينيخون بكلكلهم على شعبهم في جوارنا الشرقي، والتحركات الدولية المتعلقة بهذه القضية...
 
لكن الملاحظ أن بقية التصريح، الذي لم يكن مشروع قانون المالية مركزيا فيه، أظهرت، بشكل لا غبار عليه، أنه اعتمد على الإدارة هذه المرة وليس على أحزاب الأغلبية الحكومية أو حتى على وثيقة النموذج التنموي الجديد، الذي أُشيرَ إليه كما أُشيرَ إلى الخطاب الملكي جريا على العادة.
 
ذلك أن هذا التصريح الحكومي الثاني، الذي قرأته الوزيرة المحسوبة على حزب رئيس الحكومة، مثل محاولة تجميع agrégation لما يرد عادة في وثائق الوزارات المدفوعة إلى وزارة المالية للدفاع عن حصتها من الميزانية العامة وتبرير مطالبها، وهي وثائق تختلف قيمتها بحسب جدية أو عدم جدية أو كفاءة أو عدم كفاءة أو معرفة أو جهل الإداريين المسؤولين في كل وزارة، في ظل ما تعرفه الإدارة من زبونية مقيتة وفساد ضارب وغلبة "تاحراميات واللهطة" اللتين سنراهما متفاقمين ومتعاظمين خلال الفترة المقبلة لا محالة، بحيث إن تجربة إعداد إطار النفقات على المدى المتوسط CDMT لم تثمر بنفس المستوى في كل الإدارات، ولم تكن الحكومات المتوالية منذ 15 سنة قادرة على تطويرها، لأن أفق نظرها كان قصير المدى دائما، ولا يتلاءم حتى مع السياسات القطاعية، التي أوصى بها البنك العالمي، وأُسند وضعها إلى شركات دولية تبيع نفس المنتجات والخدمات ذات الحمولة الإيديولوجية في كل مكان، ولا تهمها المعطيات السوسيولوجية والأنثروبولوجية والتاريخية والسياسية...
 
هكذا، ورغم أنه تم التركيز على أربعة محاور في لحظة من هذا التصريح الحكومي الثاني، فإن الميل إلى التجميع جعله يتيه ولا يعطي رؤية طموحة يمكن الاطمئنان لها والقول إننا فعلا قادرون على تخطي مخلفات أزمة كوفيد والسير بخطى واثقة في سبيل قويم نحو أهداف واضحة وطموحة للارتقاء باقتصادنا وبمستوى معيشة مواطنينا.
 
إذا تجاوزنا بعض الصيغ الإنشائية هنا وهناك، فإننا سنجد أنفسنا أمام خطاب مكرور يشبه خُطبًا سمعها الجميع في سنوات سابقة Du déjà vu et entendu، وأمام إشكال ضعف السياسة والاستنجاد بالإدارة...
 
أما عن مشروع قانون المالية، فإنه يبقى أوراقا لا يعلم أحد، حتى من واضعيه، ما إذا كانت ستصمد لأشهر، لأنه بني على الغموض والحسابات الخيالية. ولن أدخل في تفاصيله إلا إذا استدعت ذلك ضرورة ما...