الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

علاقة المؤسسة الملكية برئاسة الحكومة على ضوء دستور 2011

 
عزيز إدمين
 
 
عين الملك محمد السادس السيد عزيز أخنوش رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة على ضوء نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021.
 
هذا التكليف، وبعيدا عن قراءات النتائج، التي أفرزتها صناديق الاقتراع أو ما هو مدوّن في المحاضر، يعود بنا إلى ثلاث محطات أساسية في تاريخ رئاسة الحكومات ما بعد دستور 2011.
 
تتمثل المحطة الأولى، في نتائج انتخابات 2011.
 
في هذه المحطة، خرج عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية السيد مصطفى الرميد بتصريح يقول فيه: "هذا هو مرشحنا لتولي رئاسة الحكومة"، في إشارة منه إلى عبد الإله بنكيران.
 
في مقابل ذلك، كانت أصوات تتحدث عن عدم الجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة، وأصوات أخرى تتحدث عن عدم "تقييد" الملك بشخص أو اسم محدد، لكون الأعراف المخزنية المرعية، تقتضي دائما تقديم ثلاثة أسماء للملك لاختيار شخص ما لمنصب ما يدخل ضمن دائرة اختصاصه التعيين.
 
الملك، في هذه المحطة، عيّن عبد الإله بنكيران رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة.
 
المحطة الثانية، مع نتائج انتخابات 2016.
 
كلف الملك السيد عبدالإله بنكيران، مرة أخرى، بتشكيل الحكومة.
 
عرف هذا المسلسل ما سمي إعلاميا بحالة "البلوكاج".
 
في مرة تعثر بنكيران في تشكيل حكومته، خاصة بعد انزوائه في بيته وانتظار ما سيأتي به المستقبل.
 
خرجت أصوات عديدة، تقول بضرورة تعيين شخص آخر من الحزب الثاني على ضوء نتائج الانتخابات، وذلك في تفسيرات مجانبة الصواب للفصل 47 من الدستور.
 
اختار الملك تعيين السيد سعد الدين العثماني رئيسا بديلا لبنكيران لتشكيل الحكومة.
 
وللإشارة، فإن سعد الدين العثماني كان، آنذاك، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية.
 
المحطة الثالثة، وهي نتائج انتخابات 2021.
 
مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات، بدأت أصوات تتحدث عن قرب تعيين شخص آخر من غير السيد عزيز أخنوش رئيسا للحكومة، هناك من طرح وزير المالية محمد بنشعبون، وهناك من طرح اسم محمد أوجار...
 
في مقابل أصوات أخرى تحدثت عن ضرورة تعيين أخنوش رئيسا للحكومة.
 
وقد عين الملك السيد أخنوش رئيسا للحكومة مكلَّفًا بتشكيل الحكومة الجديدة.
 
خلاصة هذه المحطات الثلاث، نجملها في ثلاث نقط:
 
النقطة الأولى: كرّس الملك قراءته السليمة للفصل 47 من الدستور، وأنهى أي تفاسير أو تأويلات له، على قاعدة أن الملك يتعاقد مؤسساتيا مع الحزب، الذي تصدر نتائج الانتخابات، وليس مع الاشخاص، فوفق المقاربة المؤسساتية، فالحزب، كمؤسسة، يمثله، وفق ما تنص عليه قوانينه الداخلية، رئيس الحزب، نائبه أو رئيس برلمانه (مجلس وطني، أو لجنة مركزية أو...)...
 
النقطة الثانية: حسم الملك هندسة توزيع السلط داخل الفصل 47 من الدستور، هناك سلطة التكليف، وهي اختصاص ملكي، بتعيين رئيس حكومة له مهمة محددة وهي تشكيل الحكومة، وينتهي هذا التكليف بمجرد تشكيل الحكومة أو الفشل في تشكيلها، في حالة النجاح في تشكيل الحكومة يمتد التكليف الملكي إلى تعيين، أما في حالة الفشل، فإن التعيين يصبح في حكم العدم.
 
السلطة الثانية، ضمن هندسة الفصل 47، هي سلطة التنفيذ التي يمارسها رئيس الحكومة في بدْء مشاوراته مع الأحزاب، واختيار الفريق الوزاري، وتوزيع الحقائب والمناصب، وأخيرا وضع برنامج حكومته، وتقديمه للبرلمان، حتى تمارس غرفته الأولى (مجلس النواب)، سلطة التنصيب وفق الفصل الفصل 88 من الدستور.
 
واخيرا، تعود للملك، وفق الفصل 47، سلطة تعيين أعضاء الحكومة، وهي السلطة التي تعطي لرئيس الحكومة وفريقه الضوء الأخضر لبدء تطبيق برنامجه الحكومي.
 
النقطة الثالثة: في اللحظة التي كانت تكرس تجربتا كل من بنكيران والعثماني، النّفَس التنفيذي والرئاسي للمؤسسة الملكية، وفق قراءات ضيقة لبنود الدستور، مثلا اقتراح بنكيران عرض برنامجه الحكومي على المجلس الوزاري برئاسة الملك، فإن الملك يؤكد، في علاقته برئاسة الحكومة والانتخابات، النّفَس البرلماني.
 
يتجلى ذلك في كون الملك يؤكد أنه لا ينتظر الطعون الانتخابية لتعيين الحكومة، فهي شأن انتخابي بين الأحزاب السياسية.
 
لا ينتظر قراءات تدخل ضمن اختصاصاته الدستورية لتعيين شخص ما.
 
إنه يجسّد ما يعبر عنه المواطن، من خلال نتائج الانتخابات، ولا يجسّد الكواليس ونتائجها، ولا يمثل مصلحة حزب على حزب ولا مصلحة شخص على شخص، لكون هذه الأشياء هي صراع بين كل الفرقاء السياسيين، المشروع منها هو حق، وغير المشروع هناك مؤسسات دستورية (المحكمة الدستورية، المحاكم الادارية، المحاكم العادية) تنظر في هذه الأمور.