الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
عزيز أخنوش وحفيظ العلمي

هل ستُغلق العدوي في وجهيهما الحدود.. ألسي العلمي والسي أخنوش.. المهم هو ردّوا للشعب الفلوس

 
مراد بورجى
 
ليس المهم أن يخرج علينا السي أخنوش من قصره ليدافع عن مؤسسة "جود"، التي تختص بالأساس في سد رمق المُجوَّعين من الشعب بسبب قرارات حكومة الحظر.
 
على الأقل فالسي أخنوش لا يُخفي أن حزبه الأحرار الذي يشكل هذه الحكومة هو من يجود بقفة الاحتياج على هؤلاء.
 
 
رغم أننا لا نشكك في ذمة أحد، فقد كان فاضحاً أن يَرُدَّ أحد هؤلاء "المُجوَّعين"، بالصوت والصورة، على أخنوش وحزبه، عندما فوجئ بأن مؤسسة "جود" قد "حَزَّبَتْهُ" في حزب الأحرار بعبارته البليغة "الغذاء مقابل الانخراط"، وهي العبارة التي تذكرنا بالشعار الأمريكي الشهير "النفط مقابل الغذاء".
 
 
وإنما المهم من كل هذا هو أن يخرج علينا الوزير الثري عزيز أخنوش وزميله في الحزب وفي الثراء الوزير الملياردير احفيظ العلمي، ليجيبا الأمين العام لحزب الجرار عبد اللطيف وهبي، الذي يطلب من أخنوش رد مبلغ 1700 مليار سنتيم المنهوبة من جيوب المغاربة في المحروقات، وفق ما خلُصت إليه لجنة بوانو البرلمانية، التي تقصت الحقائق في ذلك حسب ما راج، كما طلب وهبي من احفيظ العلمي رد مبلغ 452 مليون دولار؛ أي ما يعادل 410 ملايير سنتيم كمستحقات للدولة من قيمة الصفقة الشهيرة المقصود بها تفويت 53 في المائة من شركة "سهام للتأمين".
 
هذه الاتهامات الثقيلة نفسها سبق أن وُجهت لهما معاً رسميا من داخل قبة البرلمان بغرفتيه...
 
ولذلك، فإن الأهم اليوم هو هل ستسارع السيدة زينب العدوي المعيّنة حديثا لفتح تحقيق في هذه الاتهامات الخطيرة والصريحة بنهب الوزيرين الثريين عزيز أخنوش واحفيظ العلمي لكل هذه الملايير، كما يقول المحامي وهبي؟ خصوصا أن لهما ماضيا سحيقا كما يروج في "لهف" أموال الشعب، من خلال اتهامهما بتضارب المصالح، واستغلال نفوذهما الوزاري، وادعاء قربهما من القصر...
 
هذا القصر الذي ما فتئ الملك محمد السادس يحذّر من مغبة الاختفاء وراءه...
 
وهذا ما يعنيه إعطاء هذا القصر نفسه الضوء الأخضر لقضاة المجلس الأعلى للحسابات لإنجاز تقرير خصص فيه إدريس جطو لعزيز أخنوش أكثر من 400 صفحة يجلده فيها ويتهمه بتبذير الملايير من الدراهم من أموال الشعب.
 
ناهيك عن صفقات التأمين المختلفة التي تُدفع للعلمي من المال العام، التي اتُّهِمَ أخنوش بإبرامها مع زميله في الحزب والحكومة والثراء، ولائحة الاتهامات طويلة...
 
فهل ستُغلق الحدود في وجهيهما هما أيضا، في انتظار البحث معهما حول كل هذه الاتهامات بالإثراء غير المشروع الذي جعل عزيز أخنوش يتبوأ المرتبة الثامنة من بين أغنى أغنياء القارة الإفريقية ببترولها وغازها وذهبها وماسها!
 
أمّا السي العلمي، بدوره، فمشاريعه تتصدر معظم المجالات الاقتصادية في المغرب بحصوله على الامتيازات في كل شيء.
 
فهو وشركته مثلاً من يستفيد اليوم من تغيير مسار الطريق السيار التي سبق أن اتُّهِم شريكُه إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات "المبعد" بالوقوف وراء تحويلها لتصبح طريقا مدارية مفتوحة كي تمر بمحاذاة 52 هكتارا من الأراضي التي يملكها جطو من أجل إدماجها ضمن المدار الحضري لمدينة الدار البيضاء آنذاك، الشيء الذي كان سبباً في الرفع من قيمتها العقارية.
 
واليوم، فالسي العلمي والسي جطو شيّدا على "عشرات الهكتارات تلك" عمارات وڤيلات فاخرة تدر عليهما ملايير الدراهم، الشيء الذي دفعهما لاقتناء 42 هكتارا إضافية مؤخرا تقع على نفس الطريق!
 
 
ومعروف أن السي العلمي هو الوحيد الذي حصل على رخصة امتياز استثنائية لبناء عمارات بخمسة طوابق على الواجهة البحرية مباشرة في إحدى تجزئاته بدار بوعزة بالدار البيضاء التي تمتد مرافقها لغاية أرض المجال البحري كما يبدو.
 
كما أن السي احفيظ العلمي حصل على رخصة استثنائية من وزارة التجهيز لتكسير صخرة كبيرة يُقال إنها كانت معلمة طبيعية تقع على بقعته الأرضية التي شيدت عليها شركته "سينيا" تجزئتها.
 
كل هذا يحدث أمام أعين والي جهة الدار البيضاء الحالي سعيد احميدوش، الذي كان، بالمناسبة، يشتغل في السابق مديرا عاماً بالنيابة مع احفيظ العلمي بالشركة الإفريقية للتأمين، ثم عند شراء احفيظ العلمي لشركة "سينيا" جاء بسعيد احميدوش وعيّنه هذه المرة مديراً عاماً عليها، وهي الشركة نفسها التي تملك اليوم هذا المشروع المتفرد برخص استثنائية خاصة أُعطيت لحفيظ العلمي وحده دون غيره.
 
يقع كل هذا في الوقت الذي يشتكي العديد من المنعشين العقاريين من عرقلة الوالي احميدوش لمشاريعهم، رغم نداءات الملك محمد السادس المتكررة بتبسيط المساطر الإدارية ودعم المشاريع الاستثمارية!
 
ففي شطط فاضح لسلطة الوالي، يصدر احميدوش قرارات "شفوية فقط" يأمر من خلالها بوقف أوراش بناء مشاريع سبق الترخيص لها من قبل دون سابق إشعار، ودون تمكين أصحابها -ممن لا تطول أيديهم- من المنعشين العقاريين بقرار معلل ومكتوب.
 
ويستمر المنع شفوياً لعدة شهور في خرق سافر للقانون الذي حدد مدة شهرين كأجل أقصى لإصدار الإدارة لقرار منع معلل.
 
الشيء الذي يدفع بعض هؤلاء المنعشين للتشكيك في متل هكذا قرارات وما المقصود بها ومن وراءها.
 
ومنهم من يتساءل كيف "تسلل"، إذا صح التعبير، شخص مختص في التأمين لشغل منصب والي أكبر مدينة اقتصادية من خارج رحم وزارة الداخلية.
 
في الوقت الذي أثبت تكنوقراط آخرون أُلحقوا بوزارة الداخلية عن مستوى عال من الجدارة والاستحقاق..
 
اتركونا من هذا الوالي المسكين، ودعونا نعود إلى ما قاله عبد اللطيف وهبي، الذي انضمّ إليه إدريس لشگر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي طالب بدوره كافة الوزراء بتوقيف استغلال النفوذ، وتوقيف ظهورهم في الإعلام الرسمي، وتوقيف كل وسائل الدولة عن التحرك في كل ما يتعلق بالعمل الحزبي...
 
وهو نفس الشيء الذي ذهبت إليه اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، التي نبّهت إلى خطورة استغلال إمكانيات الدولة وإطلاق بعض الأوراش والأشغال العامة في آخر عمر هذه الحكومة، والتي يكون هدفها استمالة الناخبين واستقطابهم، وتلوين الدوائر الانتخابية بلون حزبي معين، وإعطاء الأفضلية والأولوية الانتخابية لإقليم أو جهة دون أخرى في الاستفادة من صناديق التنمية وبرامج الإنعاش والدعم في تسابق انتخابي غير شريف وغير شرعي.
 
والشيء نفسه، الذي عبّر عنه رئيس حزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، الذي ندد بالتوظيف السياسي للفقر لأغراض انتخابية.
أما الإحسان العمومي، سواء عبر "جود" أو غيرها، فيجب أن يكون بشكل حيادي، وتحت إشراف السلطة، حتى لا يتحول إلى رشاوى انتخابية بالتدليس والتغليط...
 
رغم أن "جود"، التي يقول أخنوش إنه أسسها، توجد وسط بركان من الغبار، إذ هناك سيدة تسمى هند العايدي تقول إن أخنوش وحزبه قاموا بالسطو على اسم جمعيتها "جود Joud" وتطالبهم منذ سنوات بتغييره...