انتهى زمن النضال والمناضلين وجاء زمن مناضلي الدوباج والرقاصين والطبالين وهزازي القزّيبة
الكاتب :
"الغد 24"
باريس/ نجاة بلهادي بوعبدلاوي
انتهى زمن النضال والمناضلين، فبتنا نعيش اليوم زمن مناضلي الدوباج وهزازي الذّنَب والبراحين والطبالين على "الوحدة ونص" المصرية، أو "الجفنة" المغربية.
انتهى زمن رجال صدقوا مع الله وما بدّلوا تبديلا، رجال ناضلوا من أجل استرجاع الوطن ونشر ثقافة الحريات العامة.
انتهى زمن الزج بالمناضلين داخل غياهب السجون، أو نفيهم خارج الوطن أو إخفائهم قسريا، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر..
فأصبحنا نعيش جيلا من مناضلي الدوباج، مناضلي المصلحة ومن بعدي الطوفان، نعم اليوم أصبحت الأولويات للرقاصين والطبالين فلهم الأولوية الأولى، حيث يتم فرش البساط الأحمر لهم ويتم منحهم الجوائز والهدايا والأوسمة من طرف المنظمات الحقوقية، أما المناضلون الأحرار، فقد أصبحوا آخر أولويات المرحلة، فهم موسومون بالعار ولهم تاريخ يجب أن يتم القضاء عليه وعليهم وإنهائهم، والاتفاقات القادمة ستُنهي ظاهرة كل المناضلين وتحوّلهم للتقاعد المبكر حتى وإن كانوا شبابا وستدفعهم إلى الزوايا الخلفية والمعتمة إلى حين قتل الفكرة التي في دواخلهم عن النضال والتغيير وبناء غد الحرية والديمقراطية.
المناضل الحر يعاني ويقاسي في الحصول على أبسط حقوقه في العلاج والسفر والتعليم وأشياء كثيرة، والطبال ومناضل الدوباج يلقى الدعم والشهرة مجانا دون أن يقدم شيئا للشعب أو للوطن...
نعم زمن "ارتاح سنواصل الكفاح" انتهى، وحان الوقت ليتم تشييعه ودفنه بكل ما يحتوي من تاريخ ونضال وأشخاص ورموز، إذ يجب أن تغيب هذه الفكرة وهذا التاريخ وهذا النضال وهذا الكفاح حتى تظهر مرحلة مناضلي الدوباج، فكل شيء حسب المعايير الدولية وكل عام والمتناضلون بخير.
الآن أصبحنا نعيش زمن الرقاصين والطبالين وهزازين الذنب والانتهازيين الذين يستطيعوا أن يخلعوا جلودهم ويتبدلوا ويتغيّروا ويتلوّنوا ويهتفوا لمن يريدون... زمن المتناضلين عالم جديد لا يريد إلا الكذابين والذين لديهم قدرة على أن يكذبوا ويكذبوا، فهناك تاريخ آخر يكتبه من لديهم القدرة والبراعة والموهبة على الكذب والتلوّن والتحلون، وفي زمن هؤلاء المتناضلين، أضحى لدينا متناضلون من طينة أخرى، وبات لهم، في الداخل والخارج، من يرفع عقيرته بالصياح والنباح والتبراح والتباكي على متناضلين معتقلين سياسيين حتى ولو كانوا مغتصبي النساء وأشباه الرجال...