الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
شلالات أوزود

بني ملال-خنيفرة.. السياحة الجبلية أمام آفاق واعدة للخروج من مجرد نشاط اقتصادي هامشي

 
محمد حميدوش
 
على الرغم من وجود العديد من العوامل، التي تؤهل جهة بني ملال-خنيفرة لتصبح وجهة سياحية عالمية مفضلة باعتبار مؤهلاتها الهائلة والمتعددة، فقد ظلت السياحة بها مجرد نشاط اقتصادي هامشي.
مناظر طبيعية غنية ومتنوعة باهرة، وتراث ثقافي وتاريخي فريد وحافل، وموقع جغرافي متميز وسط البلاد عند ملتقى العديد من المحاور الطرقية الرئيسية للبلاد: تلك بعض من هذه المؤهلات الرفيعة التي تزخر بها جهة بني ملال خنيفرة.
لقد جعلت منها بيئتها الطبيعية الرائعة ورأسمالها الثقافي اللامادي الكثيف والمتنوع قوة جذب سياحي، مشكلة بذلك مرتكزا قويا لتطوير عرض سياحي يتميز بالتنوع والجودة.
فبعد أن تم وضعها طويلا ضمن الاهتمامات الثانوية وإهمالها لصالح الفلاحة وتربية الماشية، النشاطان الاقتصاديان المهيمنان بهذا الجهة، باتت السياحة اليوم تطمح إلى الخروج من دائرة الظل هذه، والسعي لاحتلال مكانة متقدمة لها ضمن الأنشطة الرئيسية، وارتياد آفاق واعدة.
وتؤكد البرامج العديدة المتعلقة بالنهوض بالقطاع السياحي، التي تم الإعلان عنها مؤخرا بالجهة، هذا التوجه الجديد الذي يهدف إلى تحفيز الديناميكية الاقتصادية، وتطوير فرص الشغل، وتعزيز التنمية المحلية. برامج هامة تهم السياحة في الجهة بالشراكة مع البلدان المرجعية في هذا المجال.
وتسعى هذه البرامج، التي استفادت من تمويلات كبيرة، إلى تحقيق نفس الطموح والحلم بجعل جهة بني ملال خنيفرة وجهة سياحية مفضلة، من خلال استثمار ثلاثة من مؤهلاتها الكبرى، وتموقع على واجهة "الطبيعة والإيكولوجيا والتراث الثقافي".
في هذا السياق، شهدت الجهة مؤخرا إعطاء الانطلاقة الرسمية لبرنامج السياحة المستدامة سويسرا-المغرب، بتكلفة إجمالية تقدر بأزيد من 38.5 مليون درهم على مدى أربع سنوات، من أجل تطوير قطاع السياحة الجبلية بالجهة.
ويمكن القول إن اختيار هذه الجهة لم يكن من قبيل الصدفة، فهي تتوفر على العديد من الإمكانيات، التي تؤهلها لتبرز كوجهة سياحية واعدة، وتساهم في ازدهار وإقلاع صناعة سياحية حقيقية ذات قيمة مضافة اقتصادية عالية.
فالجهة تكتنز مواقع طبيعية خلابة، وسلاسل جبلية كبيرة، وغطاء نباتي وفير على مدار السنة، وثروة حيوانية متنوعة، ومنتزه جيولوجي شاسع مصنف تراثا عالميا من قبل اليونسكو، وغابة أرز مهيبة تمتد على مساحة تقدر بأزيد من مليون هكتار، بالإضافة إلى العديد من البحيرات والأنهار والشلالات وغيرها من التحف الطبيعية الرائعة والبهية.
وتستفيد الجهة أيضا من برنامج مدته أربع سنوات تم إطلاقه بمساعدة الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، بهدف تعزيز السياحة الإيكولوجية. ويهدف هذا المشروع، الذي تموله الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، إلى تمكين السكان القرويين من الاستفادة من فرص تثمين الإمكانات غير المستغلة التي توفرها المناظر الطبيعية للمنطقة والتنوع الكبير ذو الجاذبية الثقافية للجهة.
ومن المأمول أن يدعم مخطط عمل التسويق الخاص، الذي يعتزم المكتب الوطني المغربي للسياحة إطلاقه من أجل تعزيز وجهة بني ملال خنيفرة السياحية وتعبئة ما يزيد على 210 ملايين درهم في إطار برنامج التنمية السياحية للمؤسسة المغربية للهندسة السياحية، هذه المبادرات المختلفة التي تهدف إلى جعل هذه الجهة رائدة السياحة القروية الوطنية.
ومن المنتظر أن تساهم هذه المشاريع بالتأكيد في تحفيز النشاط والعرض السياحي بالجهة، واجتذاب استثمارات جديدة في هذا القطاع الذي بالكاد عرف انطلاقته رغم وجود طلب حقيقي على الصعيدين الوطني والدولي.
وقد أدى ضعف البنيات التحتية السياحية الأساسية بالجهة إلى التأثير سلبا على جاذبيتها ومعدل التردد عليها. ففي 2019 سجلت توافد 131 ألفا و665 زائرا، بحوالي 204 و695 ليلة مبيت ونسبة ملء تقدر بحوالي 19 في المائة، وهو معدل لا يعكس مؤهلات هذه الجهة.
ففي جهة تتمتع بخصائص سياحية متميزة، يشكل التوفر على 175 مؤسسة فندقية بـ6312 سريرا، في الواقع تناقضا صارخا. فالجهة لا تمثل سوى 3.5 في المائة من إجمالي عدد الفنادق في البلاد، وطاقة استيعابية تبلغ 2 في المائة من الغرف على المستوى الوطني.
ومن أجل تطوير هذا القطاع، من الضروري تعزيز البنية الأساسية للسياحة في المنطقة، وتحسين ظروف الإيواء، وإعادة تأهيل وإصلاح المواقع السياحية فيها. ومن المهم أيضا تعزيز الربط بين الجهة وشبكة الطرق السريعة، وتنظيم قطاع النقل السياحي، وتهيئة التراث التاريخي والثقافي للسياحة.