بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي وفاعلة نسائية وحقوقية
بشرى عبده لـ"الغد 24": المغربيات عشن رعبا حقيقيا خلال الحجر الصحي وعلى الدولة التدخل لحمايتهن
الكاتب :
أجرت الحوار: حكيمة أحاجو
أكدت بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي وفاعلة نسائية وحقوقية، أن المغربيات عشن رعبا حقيقيا خلال فترة الحجر الصحي.
وأوضحت الناشطة النسائية، في حوار مع موقع "الغد 24"، أن المغربيات وجدن أنفسهن بين تحمل التأثيرات النفسية والاقتصادية والاجتماعية للحجر الصحي، وبين تبعات ما نتج عنه من عنف بكل الأشكال والأنواع.
وكشفت عبده أن جمعية "التحدي" سجلت تعرض المغربيات، اللواتي اتصلن لطلب المساعدة، لـ 924 فعل عنفـٍ، أشده قسوة الطرد من بيت الزوجية أو من بيت العائلة، حيث وجدن أنفسهن وجها لوجه مع الوباء. وفي ما يلي نص الحوار:
+ تابعنا جميعًا تزايد حالات العنف ضد النساء خلال الحجر الصحي ومن فئات اجتماعية مختلفة، هل استقبلتم نماذج في جمعيتكم وكيف قدمتم لهن الدعم المناسب؟
نظرا للوضعية الوبائية التي تجتاح المغرب شأنه شأن باقي دول العالم، فُرض تطبيق سياسة الحجر الصحي كإجراء وقائي للسيطرة على انتشار الجائحة، لكنه زج بالمرأة في وضع كارثي، حيث وجدت نفسها بين تحمل تأثيراته النفسية والاقتصادية والاجتماعية وبين تبعات ما نتج عنه من عنف بكل الأشكال والأنواع .
هذا الوضع المزري لانعكاسات الوباء على كل الأصعدة جعل جمعية التحدي للمساواة والمواطنة تبادر إلى خلق خلية تتبع لضحايا العنف اللواتي يتوافدن على مركز الاستماع التابع لها، ووضع أرقام هاتفية لتتمكن النساء المعنفات والنساء في وضعية صعبة من الاتصال من أجل المساعدة والمواكبة اللازمتين حسب الإمكانات.
ومما لاشك فيه أن ارتفاع عدد المُعنَّفات أثناء الحجر الصحي لا يمثل حقا النسب الحقيقية لأي إحصائيات، لأن الخوف من تكسير الصمت، ومن مواجهة المجهول بعد منع السفر، أو من نظرة المجتمع لضحية العنف خصوصا في ظروف استثنائية مما يحول دون الإبلاغ، وتبقى بذلك المرأة رهينة العنف والمعنف، لتتفاقم المشكلة أكثر وتصل لمرتبة الجريمة أو الانهيار التام نفسيا، لتشمل الآثار كل من له علاقة من قريب أو بعيد بهذا العنف.
+ كم عدد النساء المعنفات اللواتي استقبلتهن جمعيتكم؟
بعد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وضرورة ملازمة الحجر الصحي، كان لابد للجمعية أن تتأقلم مع الوضع، ببلورة خدمات تستجيب ومستجدات المرحلة، فبادرت إلى تجديد في كيفية الاستفادة من الخدمات من لدن مستعملات ومستعملي خدمات الجمعية وقد تنوعت هذه الخدمات كما هو مبين في اللائحة الآتية وهي:
• الاستماع والتوجيه عن بعد
• الاستشارة القانونية عن بعد
• الدعم النفسي عن بعد
• الوساطة الأسرية عن بعد
• التنسيق مع الجمعيات ذات نفس الاختصاص لمساعدة النساء ضحايا العنف أو في وضعية صعبة عبر ربوع المملكة.
• الإيواء المؤقت الاستعجالي عبر مراكز الإيواء عن قرب.
• العمل الاجتماعي المتمثل في توزيع المساعدات العينية والمالية للمتضررات أكثر من الجائحة وخصوصا المواد الغذائية، والأدوية وأداء سومة الكراء.
• مصاحبة بعض الحالات لمختبرات التحاليل الطبية أو للمستشفيات.
• ندوات رقمية حول تيمات متنوعة لها ارتباط بالأزمة الوبائية.
• لقاءات رقمية تستهدف تقوية القدرات لفائدة الشباب عبر التكوين عن بعد.
• وصلات إشهارية ذات بعد توعوي تحسيسي حول قضايا المرأة.
• نشر بوسطات تحسيسية توعوية حول العنف الرقمي بالمنصات التواصل الاجتماعي.
• تقديم قصص للنساء المعنفات عبر الرقمي (يوميات الحجر).
• الاتصالات الهاتفية حسب الجنس
وهل لقيت مبادرتكم النجاح خاصة وأن المغربيات يعشن تجربة الحجر الصحي المنزلي لأول مرة في حياتهن؟
عندما أطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة مبادرة الاستماع عن بعد وفق الأهداف المشار إليها سابقا، على أن تكون الاتصالات من النساء خصوصا، لكن الواقع أتبث أن الاحتياج للمبادرة لم يكن يخضع للنوع بل أفرز أن الاحتياج للنساء والرجال سواء، ويرجع هذا ربما لقلة المبادرات الهادفة للدعم، أو للتجاوب مع الأسئلة التي أنتجتها الوضعية الوبائية خصوصا مع الحد من الوصول إلى المعلومات عبر معظم المؤسسات المكفلة بذلك، وهذا جعل الجمعية تتلقى اتصالات مكتفة خلال هذه الفترة الممتدة بين 20 مارس و30 مايو 2020 وهي الفترة الخاصة بهذا التقرير، حيث شكلت اتصالات رجال نسبة 16 % في مقابل 84 % كنسبة اتصالات نساء من مجموع 500 اتصال.
+ ما نوع العنف الذي تعرضت له المغربيات خلال فترة الحجر الصحي؟
تعددت الأشكال المصرح بها من طرف النساء انطلاقا من تعدد الأفعال حيث رصدنا من خلال ما جاء على لسان المتصلات، كون ثلاث أفعال على الأقل لكل متصلة، وهي أرقام صادمة، فخلية الاستماع عن بعد تواصلت عبر الهاتف مع 422 حالة، وإذ نسجل تعرضهن ل924 فعل عنف مصرح به، وقد رصدنا أن الطرد من بيت الزوجية أومن بيت العائلة أو التهديد به أصعب الأفعال المصرح بها لاعتبار الوضع الوبائي بالبلاد، مما جعل النساء ليس فقط أمام الطرد ولكن وجها لوجه أمام الوباء، خصوصا في ظل صعوبة التنقل، وشبه غياب لمراكز الإيواء في عدة مناطق مما جعل الضحايا تحت عنف متعدد، وما زاد الأمر استفحالا هو صعوبة الولوج للعدالة.
وهذه الأفعال المصرح بها تندرج تحت الأشكال المتعارف عليها وهي كالتالي:
العنف النفسي 318
العنف الاقتصادي 299
العنف الجسدي 242
العنف الجنسي 26
العنف الرقمي 21
العنف القانوني 18
+ ما هي الحلول التي تقترحها جمعية "التحدي" لمساعدة النساء المعنفات خاصة وأن جلهن تعانين الهشاشة ولا تعرفن كيف سيتصرفن؟
للنهوض بأوضاع النساء ومناهضة العنف المبني على النوع الذي ينخر المجتمع المغربي برمته لابد من:
* تفعيل مقتضيات قانون 103.13 لحماية النساء من العنف، وإثراء ثقافة المساواة، وحماية حقوق النساء في الحياة وهو حق مقدس، الحق في الكرامة وهي قيمة متأصلة في الإنسان، والحق في الحرية، والحق في السلامة الجسدية، والحق في السلامة النفسية والسلامة الجنسية.
* إلزامية التدخل الفوري والاستعجالي في كل حالات العنف التي تتعرض لها النساء خلال فترة الحجر الصحي.
* وضع تدابير عملية خاصة بحماية النساء من العنف، بأماكن القرب، والعمل على تفعيلها من طرف الجهات المعنية،
* اعتمادا على تقوية الشراكة والتنسيق بين خلايا مناهضة العنف والجمعيات العاملة بالمناطق لوقاية وحماية النساء من العنف.
* تطوير أساليب عمل الخلايا المكلفة بالنساء ضحايا العنف وذلك برؤية تنبني على المقاربة الحقوقية والنوع، والعمل على بلورة مخطط عمل استعجالي بشراكة مع الجمعيات الفاعلة.
* إرساء تدابير مناسبة من طرف وزارة العدل تكفل ولوج النساء للعدالة واستفادتهن من المساعدة في حالة تعرضهن للعنف، أو للطرد التعسفي، وتبسيط المساطر لضمان حصولهن على حقوقهن القانونية.
* اعتماد أخصائيات وأخصائيين نفسانيين واجتماعيين داخل مؤسسات السلطة المحلية والمستوصفات.
* وضع رقم مجاني للتبليغ ووضع شكاية لدى محاكم المملكة.
* توفير خدمات الإيواء المؤسساتي للنساء المعنفات ، مع تسهيل تنقلهن إلى هذه المراكز، وتكثيف شروط الوقاية والسلامة الصحية في ظل انتشار الوباء.
* وضع خطط من طرف الحكومة المغربية لمنع العنف ضدّ المرأة وجبر الضّرر للمعنفة كما هو الشأن في التصدّي لفيروس كورونا.
* إبعاد المعتدي كتدبير وقائي مستعجل للحماية انطلاقا من قانون 103/13 بشأن العنف ضد النساء من ضمنها.
* توفير أماكن آمنة وقريبة من النساء لتبليغ كالصيدليات والمتاجر الكبيرة توفر مكاتب لوضع الشكايات.
* وضع تحت تصرف الجمعيات القرب المركبات التي تستوفي معايير السلامة الصحية التابعة لمقاطعات لاستقبال النساء المطرودات من بيت الزوجية.
* اغلب المقاطعات ومجالس المدن لهم عقود مع فنادق مصنفة بمدنهم وذلك لتنظيم اللقاءات والندوات طيلة السنة. لتتحول اليوم هذه الميزانية إلى إيواء النساء المعنفات المطرودات من بيت الزوجية في هذه الفنادق.
* نشر ثقافة الحب عبر وسائل الإعلام من أجل ضخ التواصل الايجابي بين الزوجين.
* شرح وتعميم المعلومة عبر وسائل الإعلام في كيفية وضع شكاية للنساء المعنفات عبر المنصات الالكترونية لدى المحاكم المغربية.
* تقديم برامج توعوية حول العنف وآثاره الوخيمة على الفرد والمجتمع والدولة، وتمرير رسائل من شأنها رفع الوعي الجماعي والمجتمعي المناهض للعنف والحامل للقيم الإنسانية.