ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة الأستاذ حسن، الشقيق الأكبر لرفيقاتنا ورفاقنا عائلة اغويرگات، صباح يوم الجمعة 11 دسمبر 2020، بمستشفى محمد الخامس بآسفي.
وأمام هذا المصاب الجلل، تتقدم أسرة تحرير "الغد 24" بأحر وأصدق عبارات التعازي والمواساة لوالدة الفقيد للا حليمة، ولزوجته مينة الزوين، ولبناته وأبنائه فاطمة الزهراء، وشيماء، وإلياس، وطه، ولإخوته عبد اللطيف، وخديجة، ونعيمة، وعائشة، ومبارك، ويوسف، وسامية، وأمال، وإلى جميع أفراد عائلة اغويركات الكريمة...
وبهذه المناسبة الأليمة، ندرج شهادتين: الأولى لرفيقنا محمد بولامي، القيادي اليساري، الذي رافق الفقيد حسن غويرگات، والثانية لمنير الشرقي، فاعل مدني وحقوقي، وهو من جيران الفقيد ورفاقه منذ الصبا...
محمد بولامي: طيب بشوش صديق صدوق لم يتبدل تبديلا
وداعا الحاج حسن غويرگات. كنت رجلا طيبا. ومرحا وصاحب نكتة. وبشوشا. في أحلك الظروف كنت ضاحكا وساخرا.
جمعنا الحي الجامعي ظهر المهراز بفاس سنة 1973.
في ليلة 24 يناير 1973، هاجمت قوات الأمن الحي الجامعي أگدال بالرباط. وحاصرت مقر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. واعتقلت من كان فيه. من بينهم الأخوين حنون مبارك والطاهر والفقيد بوجمعة الحلافي والطالبي... إلخ.
استمرت فاس صامدة ويرفض طلبة كلية الآداب والمدرسة العليا للأساتذة وطلبة المركز التربوي الجهوي الالتحاق بالمدرجات وقاعات الدراسة.
في ليلة 22 فبراير، طوّق رجال الأمن ظهر المهراز. وفي الساعات المتأخرة من الليل بدأ الهجوم.
انسحبنا تحت جنح الظلام، نحن مجموعة طلبة أبناء آسفي، 15 طالبا منهم كبور فرتاد، وحسن غويرگات، ورشيد اخوانا، والعلوشي... واتجهنا إلى غرفة أحد الأصدقاء بطريق صفرو. وتكدسنا فيها. وقضينا الليلة هناك. كان حسن يروي لنا بعض النكت، فننفجر بالضحك. ويطلب منا صاحب الغرفة أن نسكت، فقد يأتي البوليس لاعتقالنا.
في الصباح، قرر السي حسن التوجه إلى الحي الجامعي لاستقصاء الأخبار. في الطريق التقى طالبا عاريا. كان في الدوش. وعندما دخل البوليس الحي الجامعي لاذ بالفرار، واختبأ في مقبرة. كان يرتدي تبانا فقط. وكان البرد قارسا. كان السي حسن يضع على كتفيه سلهاما أسود. فأهداه إلى ذلك الطالب.
عندما اقترب من الحي الجامعي، نبهه سكان ليدو. الحي الجامعي محتل من طرف البوليس. وعدد كبير من الطلبة والطالبات جرى اعتقالهم من بينهم رحمة نظيف أتمنى لها الشفاء.
كانت ليلة استثنائية. وكان حسن يواجه الاستثناء بالضحك واللامبالاة.
لك واسع الرحمة أيها الصديق الذي لم تتبدل تبديلا. وبقيت محافظا على طبعك كما عرفتك في ثانوية مولاي يوسف في أواسط الستينيات...
منير الشرقي: مثقف وفقيه ومؤرخ ووطني حتى النخاع
هناك أكثر من رابط جمعني بالفقيد السي حسن غويرگات... الأمر يتجاوز عتبة الجوار، حيث بيت أسرتي يجاور بيت أسرته لمدة زمنية طويلة، وما رافق ذلك من تفاصيل طفولتي، التي ظلت ملتصقة بصداقات إخوته وأخواته، وما عشته عن قرب من حدب وعطف وسخاء الرجل على أسرته الصغيرة ... ارتباطي بالفقيد ازداد أكثر وهو على رأس إدارة ثانوية الإدريسي، حيث وجدت في الرجل خبرة المؤرخ ورصانة الفقيه الملم بالذاكرة والتراث...
ذات يوم قلت له مازحا: السي حسن بصراحة لقد أخذتك منا الإدارة، فأنت مثقف، فقيه، مؤرخ، ووطني حتى النخاع... بل وأكثر.. زاهد في الحياة.. وتلك خصال لا يتمتع بها إلا الأتقياء...
ضحك السي حسن، وقال بصفاء روحه المرحة: أنا موجود بعد التقاعد لنشتغل معا!!
اليوم وأنا أقف خاشعا أمام جنازته المهيبة... لا يسعني إلا أن أنحني إجلالا للمرأة الطيبة، التي أنجبت ابنا مخلصا لضميره ولوطنه ولأسرته الصغيرة... للحاجة حليمة والدة الفقيد صادق التعازي، ولدموعها السخية وقلبها المكلوم جميل الصبر والسلوان...
ولرفيقة حياته الأستاذة أمينة، المرأة الوفية، التي تقاسمت معه رحلة الحياة إلى آخر لحظة خالص المواساة...
ولبناته وأبنائه البررة فاطمة الزهراء وشيماء وإلياس وطه، ولشقيقاته وأشقائه نعيمة وخديجة وعائشة وآمال وسامية وعبد اللطيف ومبارك، ولصديقي يوسف... أقول: عزاؤنا مشترك في هذا المصاب الجلل...