الحسن الثاني للزعماء العرب: إذا لم نُرِد التفاوض مع إسرائيل للتعايش فلنهاجمها بجيش من 100 مليون فرد
الكاتب :
"الغد 24"
حسن عين الحياة
في كتابه "ذاكرة ملك" تطرق الملك الراحل الحسن الثاني إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتحدث عنه بالتفصيل، مع بسط تصوراته للحلول الممكنة. فهو يرى، في ما يخص معارضة القادة العرب الاعتراف بإسرائيل، أن الذين أساؤوا للقضية العربية كانوا هم العرب أنفسهم، "فهُم لو كانوا قد قبلوا التقسيم الأول لسنة 1947، لما كنا قد وصلنا أبدا إلى ما وصلنا إليه اليوم" يقول الملك الراحل.. ذلك أن إسرائيل الآن قد احتلت كامل الأراضي الفلسطينية عدا الضفة الغربية وقطاع غزة، كما استقوت داخل منطقة الشرق الأوسط، مما جعلها قوة اقتصادية وعسكرية صلبة جدا، ويبدو أن الحسن الثاني، كان يسعى أن يحُدَّ من هيمنة الصهاينة قبل أزيد من ستة عقود، لكن التعصب العربي كان يرى حد القدم، وليس بعيدا لوضع حد لهذا المشكل العصي الآن على الضبط.
لقد كان أغلب القادة العرب خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، يدفعون في اتجاه تدمير إسرائيل، ليس من منطلق مبدأ واضح، وإنما بضغط من شعوبهم التي كانت ترفع شعارات قوية آنذاك من قبيل رمي اليهود في البحر ومناهضة إسرائيل، في حين ظل الحسن الثاني متشبثا بموقفه.
وإذا ما عدنا إلى محاضر الجامعة العربية التي انعقدت بمدينة الدار البيضاء سنة 1965، سنجد موقفا جريئا للملك الراحل من إسرائيل، حيث دعا القادة العرب وقتها إلى الاختيار بين أمرين، إما التفاوض مع إسرائيل أو مهاجمتها ومحوها من الوجود.
في تلك القمة، كان حضور القادة العرب وازنا، فأمام عاهل السعودية الملك فيصل، وجمال عبد الناصر والرئيس العراقي عبد الرحمان عارف، والرئيس اليمني عبد الله السلال والرئيس السوري أمين الحافظ والسوداني إسماعيل الأزهري والهواري بومدين الممثل للجزائر وقتها وكذا العاهل الأردني الملك حسين، قال الحسن الثاني بجرأة نادرة حينما رأى هؤلاء القادة مترددين حول الموقف من إسرائيل، حيث أخذ الكلمة وقال "اسمعوا، ليس هناك إلا حلا واحدا من حلين، فإما أن نتفاوض من أجل تعايش سلمي – ولا أخفي عليكم أنني أفضل هذا الخيار – وإما أن نستغل عدم وجود تفوق تكنولوجي كبير لفائدة إسرائيل ونهاجمها، فإذا نحن لم نرد التفاوض من أجل التعايش، فلا داعي لأن نضيع وقتا، فلنبادر إلى الهجوم بجيش قوامه 100 مليون فرد، حتى لو كان مسلحا بالعصي فقط". كانت كلمة الحسن الثاني بليغة جدا آنذاك، لكن كيف كان رد فعل القادة العرب وقتها؟ يجيب الحسن الثاني: "لم تكن قد مضت آنذاك على اعتلائي العرش سوى أربع سنوات، وكنت بمثابة ذلك الشخص الذي يُنسب إليه أنه يقض مضجع الآخرين، لقد أصغوا إلي، ولكنهم لم يأخذوا برأيي".