الصحراء الغربية المغربية من الاحتلال إلى الاستقلال
الكاتب :
"الغد 24"
عزيز إدمين
أربع ملاحظات قبل ما ندخلوا في الموضوع:
أولا، مصطلح الصحراء الغربية، هو مصطلح جغرافي وقانوني، وليس له أي أبعاد سياسية، كتكون عندو أبعاد سياسية ملي كتكون كتميل لجهة ما، فمثلا أنا شخصيا أؤمن بأن الصحراء الغربية هي صحراء مغربية. وبالمحصلة سميناها الأقاليم الجنوبية للمملكة أو سميناها الصحراء الغربية المغربية فهما سيان.
ثانيا، ملي كنهضروا في التاريخ، لا يعني إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، يعني غير مقبول وغير واقعي الواحد يقول موريتانيا خاصها ترجع للمغرب مثلا.
ثالثا: ملي كنسردوا بعض الوقائع، ليس بالضرورة نحن متفقين معها، قد تكون بعض الأخطاء أو الاتفاقيات أو المعاهدات غالطة، ولكنها لا تنقص من إيمانا بقضيتنا، وخاص نميزوا بين القضية والتدبير ديالها..
رابعا: ملي كنهضروا على الدولة في القرن 19 راه ماشي هي نفس مفهوم الدولة اليعقوبية أو الإدارية أو المركزية ديال القرن 20، خاص نميز مفهوم الدول والحدود حسب سياقاتها التاريخية.
♦♦♦
التاريخ الرسمي، كيحاول يبيّن لينا أن استعمار المغرب ابتدأ من 1912، أي مع توقيع عقد الحماية، في حين أنه أبعد من ذلك بكثير.
وطبيعي جدا، ملي كتقرا تاريخ المغرب، كيأكد فيه أن المغرب كان مقسّم ْبين بلاد المخزن وبلاد السيبة، هاذ الأخيرة هي حركة مد وجزر بين السلطة المركزية وبعض القبائل واللي كان أساسها هي جباية الضرائب، ولكن أغلبها، رغم تمردها أو رفضها، كانت دائما تعتبر نفسها جزءا من "الأيالة الشريفة" كما كان يسمى المغرب آنذاك.
لهذا عندما استعمرت فرنسا وسط المغرب، أي بلاد المخزن اعتبر هو التاريخ الرسمي للمملكة، في حين أن استعمار عدد من المناطق تنتمي لبلاد السيبة لم يُسلط عليه الضوء بشكل كبير في التاريخ المغربي.
كان دخول المستعمر الإسباني للمغرب سنة 1884، فيها تم احتلال جزء كبير من الصحراء اللي هي الصحراء الغربية المقابلة للصحراء الشرقية.
ولكن قبل ذلك، خاص نرجعوا شي شوية لاحتلال فرنسا للجزائر سنة 1830.
عند احتلال فرنسا للجزائر كان جزء كبير من أراضي الجزائر الحالية، خاصة الصحراء الشرقية اللي هي تندوف وتلمسان وبشار وﯕورارة وسيدي كلت وكلوم، وحتى موريتانيا، كانت كلها جزء من التراب المغربي.
في هاذ الفترة، كان المغرب يساعد المقاومة الجزائرية، وخاصة الأمير عبد القادر، هذا الأخير، بعد انهزامه في معركة زمالة سنة 1843، لجأ للمغرب لجمع الشتات ومهاجمة المستعمر، بدعم من القوات المغربية، حيث وقعت معركة واد إسلي سنة 1844، وانهزم فيها المغرب هزيمة خايبة بزاااف، هزيمة محات أسطورة الجيش المغربي في معركة واد المخازن، وبالتالي، كيف ما كل الحروب، فرضات فرنسا على المغرب شروط كثيرة، وهي معاهدة لالة مغنية سنة 1845، وهي الشروط اللي قبلها السلطان المغربي أبو الفضل عبد الرحمن بن هشام (كاينة روايات كثيرة حول سبب قبول هذه الشروط، ومنها تلقي مفوض المغرب لرشاوي، ومنها حنكة ودهاء المفاوض الفرنسي، ومنها الضغوط الكثيرة اللي تعرض لها السلطان مثل القصف الشديد للقوات الفرنسية للمدن الساحلية المغربية واللي أدى إلى قتل الآلاف من المغاربة، ومنها أن السلطان قبل بيها وذلك بعد حذف للشرط السادس وإبقاء الاتفاقية على ستة بنود فقط عوض سبعة...). وحسب المصادر التاريخية فقد وقع المعاهدة عن الجانب المغربي عامل وجدة احميدة بن علي الشجعي وعن الجانب الفرنسي الجنرال الكونت دو لا ري (Le général Conte De La Rue).
معاهدة لالة مغنية، فيها ستة أو سبعة الشروط حسب كل مؤرخ، ولكن اللي ثابت وغادي نوقفو عليه جوج فقط، الشرط الاول امتناع المغرب عن مساعدة المقاومين والمجاهدين الجزائريين، الشرط الثاني هي رسم الحدود بين الجزائر الفرنسية والمغرب، حيث تم رسم الحدود إلى غاية الجنوب حيث توجد الصحراء الشرقية وتركت مفتوحة، فرنسا قدمت ذريعة أنها أرض خلاء ولا تحتاج للرسم وأنها صحراء مترامية الأطراف التي يصعب تحديدها.
وبسبب هذه المعاهدة، استعملت فرنسا كل الوسائل منها العسكرية ومنها المناورة والتحايل ومنها التفسير المنحرف لبنودها، وتحت ذريعة أيضا دعم المجاهدين الجزائريين، لتستعمر منطقة الصحراء الشرقية على مراحل متفرقة إلى غاية سنة 1925 حيث تم استعمار تندوف، حيث كانت المدينة خاوية بعد فرار سكانها.
في هاذ الفترة اللي هضرنا فيها على الجزائر والمغرب، كانت أيضا موريتانيا محط أطماع فرنسا، حيث من المؤرخين من يبدأ مرحلة الاستهداف سنة 1881 حيث بدأت فرنسا تبرم اتفاقات مع بعض القبائل، وبدأت المرحلة الاولى للاستعمار بالإخضاع السلمي سنة 1900، وابتداء من 1905 إلى غاية 1934 الإخضاع الإجباري والعسكري واحتلال كل أجزاء موريتانيا.
وأهم قرار استعماري قامت به فرنسا بعد استعمارها هي قطع العلاقة بين موريتانيا والمغرب وساعدها في ذلك الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية، وربطها بالسينغال تجارة وعلاقات إفريقية.
في هاذ المرحلة كانت مقاومات وجيش التحرير ومجاهدين في كل المناطق المستعمرة والغاية هي تحرير البلاد من المستعمر...
♦♦♦
المغرب، أول بلد حصل على الاستقلال ديالو سنة 1956، ولكن بقات أجزاء مستعمرة، وسنة 1957 طالبت السلطات الفرنسية من المغرب حل مشكل الصحراء الشرقية على أساس وقف دعم مقاومة وجيش تحرير الجزائر، إلا أن محمد الخامس رفض، وسجل أن مشكل الحدود الصحراوي سوف يتم حسمه مع السلطات الجزائرية بعد استقلالها، واللي كيأكد هذا الكلام هو أحمد بن بلة في حواره شاهد على العصر على قناة الجزيرة قال "باش يعزلوا الجزائر (كيهضر على فرنسا) عرضوا على الملك (أي محمد الخامس)، الاستقلال التام، وطلب الملك يشوفني في مدريد... وقال لي: أنا أتعهد لكم أن أكون معكم في السراء والضراء... سرد علي بعض المساعدات هذي وهذي وهذي، وأنا كانت عندي ورقة فيها لائحة عشرين طلب، وملي سمعت أش قال، ما قدمش لو اللائحة لأنه قدم لي أكثر وضعف الطلبات ديالنا". وأَضاف "وهكذا كان، أوفى بكل الشروط التي اتفقنا عليها".
وفي سنة 1961 وقع اتفاق بين المغرب وفرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية على أساس حل مشكل حدود الصحراء الشرقية بمجرد الحصول على الاستقلال، وأنه سوف يتم إلغاء الاتفاقات الحدودية بين المغرب وفرنسا عندما كانت مستعمرة للجزائر.
وبعد استقلال الجزائر سنة 1962 وبعد زيارة الحسن الثاني حيث التقى أول رئيس جزائري بعد الاستقلال اللي هو أحمد بن بلة، طلب بن بلة تأجيل النقاش إلى ما بعد.
أش كيقول بن بلة في حوارو مع الجزيرة (الجزء 09)، فبعد سؤال الصحافي هل تعهدت للحسن الثاني أن تمنحه منطقة تندوف، أجاب "كان هناك اتفاق مع الحكومة المؤقتة قبل الاستقلال وهو اتفاق غير معلن، لكي تجرى محادثات بين البلدين ما بعد الاستقلال بخصوص الحدود... كانت تعهدات بين الحكومة المؤقتة ومحمد الخامس بخصوص منطقة تندوف، وفتح ملف الحدود".
للإشارة، سنة 1963 اللي اندلعت فيها حرب الرمال، حيث سحق الجيش المغربي الجيش الجزائري، وبعد تدخل منظمة الوحدة الإفريقية والجامعة العربية، تراجع المغرب.
♦♦♦
مسألة ترسيم الحدود نقدوا نقولوا أنها حسمت مع المنظمة الإفريقية اللي تأسست سنة 1963 ووفق القانون الدولي وهو "مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار"، وتسمى Uti possidetis، داك الشي اللي عندك هو اللي عندك، والهدف منو هو "حتمية تطبيق مبدأ استقرار الحدود".
إذا كانت الجزائر وموريتانيا حصلو على الاستقلال على التوالي 1962، 1960، المغرب مازال عندو مناطق مستعمرة من طرف إسبانيا.
هنا المغرب سيقدم طلب إلى الأمم المتحدة، سنة 1963، بتصفية الصحراء الغربية من الاستعمار الإسباني، نفس الشيء قامت به موريتانيا، لهذا الآن توجد منطقة الصحراء في إطار تصفية الاستعمار، بطلب مغربي وموريتاني.
نفتح قوس، إسبانيا في مناورة استعمارية لها قدمت لائحة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب فيها بقبولها لتقرير الشعب الصحراوي لمصيره، وذلك في نفس السنة، أي 1963، وفي سنة 1967 ستصدر مرسوما ينص على إنشاء الجماعة الصحراوية، التي يناط بها عمل تمثيل سكان الصحراء الغربية، مع الإشارة إلى أننا دائما أمام قوة استعمارية.
في يونيو 1972، غادي يوقع المغرب مع الجزائر معاهدة، بعد اتفاق جزئي بإفران سنة 1969 بين الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين، نصّت المعاهدة على جوج نقاط جوهرية، أولا ضم الجزائر لتندوف، واعتراف الجزائر بمغربية الصحراء الغربية، مباشرة بعد ذلك ستنشر الجزائر الاتفاقية في 25 يونيو 1973، وتضم بشكل نهائي وقطعي لتندوف لأراضيها (المغرب لم ينشره إلا سنة 1992)، في سنة 1974، هواري بومدين أمام قمة الجامعة العربية بالرباط، غادي يقول أنا ماشي شغلي، وأن مشكل الصحراء الغربية يجب حله بين المغرب وموريتانيا.
♦♦♦
خلال هذه الأحداث، ن 1964 إلى 1970، ستحاول أيضا إسبانيا أن تناور وتساعد أو تدعم تأسيس عدد من الأحزاب بالمنطقة نذكر منها:
- "حركة المقاومة لتحرير الأقاليم الواقعة تحت السيطرة الإسبانية" وكانت تنشط انطلاقا من بلجيكا إلى غاية 1975، حيث سوف تدخل للمغرب من أجل توحيد الصحراء مع المغرب.
- "حزب الإسلام" تأسس سنة 1965، من أجل حمل السلاح لطرد المستعمر، والتفاوض مع المغرب للانضمام إليه وفق شروط محددة، تعطي للشعب الصحراوي مجموعة من الحقوق والامتيازات.
- "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء" تأسست سنة 1966، كبؤرة ثورية تعمل على تكوين إدارة صحراوية قادرة على تسيير البلاد ودفع الاستعمار الإسباني إلى الانسحاب وفق جدول زمني وحل الجمعية العامة الصحراوية (لاسمبليا) التي كانت بمثابة برلمان الصحراء في المنطقة المستعمرة من قبل إسبانيا، وإجراء انتخابات مبكرة لتشكيل جمعية جديدة وفق شروط النزاهة والشفافية مع الحد من نزوح الإسبان للمنطقة.
- "الجماعة الصحراوية"، تأسست سنة 1967، انطلاقا من زعماء العشائر والقبائل الصحراوية، وتعمل أساسا على تمثيل السكان في شؤونهم الإدارية مع الاستعمار الإسباني والقدرة على التأثير والتوجيه على البينة القبلية. لذا اعتبرت هذه الجماعة أصلها من تأسيس الإدارة الإسبانية لتسهيل علاقاتها مع السكان وتوفير الشرعية القانونية لوجود الإسبان بالمنطقة بالسيطرة على كل التيارات والزعماء الموجودين داخل الجماعة.
- "الحركة الطليعية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب"، تأسست سنة 1970، رغم أنها كانت موجودة قبل ذلك ولكن ظهورها ارتبط أساسا بانتفاضة 17 يونيو 1970، وهي شباب مثقف وخريج الجامعات المغربية والمصرية، وكان مؤسسها هو محمد سيدي إبراهيم عن سن 26 سنة، حيث استغلت الحركة الانتفاضة لإعلان رفض السكان الصحراويين للاحتلال الإسباني من خلال رفع مذكرة باسم الشعب الصحراوي للمطالبة باستقلال الصحراء عن الحكم الاستعماري، تم اعتقال الكثيرين منهم وسحقت الحركة، واختُطفت قيادتهم وخاصة مؤسسها الذي يُجهل مصيره للآن.
- منظمة "موريهوب"، أي "الرجال الزرق"، تأسست سنة 1970، كمنظمة سرية نتيجة القمع والاغتيالات التي كانت بالمنطقة، بزعامة "إدوارد موحا" وكانت تنتمي إيديولوجيا لليسار، وكانت مدعومة من قبل الحزب الشيوعي الإسباني، وقد كان الهدف من التأسيس الاستقلال التام للصحراء الغربية وقطع كل العلاقات مع إسبانيا والمغرب.
- "حزب جبهة التحرير والوحدة"، تأسس سنة 1974 وبدأ مباشرة بشن هجومات عسكرية من أجل طرد الإسبان والالتحاق بالمغرب إلا أنه تم حله سنة 1976.
- "حزب الاتحاد الوطني الصحراوي" والمعرف اختصارا "البونس"، تأسس سنة 1974، وقد حاول الإسبان جعل هذا الحزب يفرض نفسه على كل المناطق الصحراء الغربية من أجل تحضيره لأن يتولى السلطة بعد انسحابها، وبالتالي تبقى عضويا مرتبطة بها، ومادامت "الجماعة الصحراوية " هي من صنيعة الإسبان فقد التحق أفرادها أو جلهم بهذا الحزب، الذي مني بالفشل مما اضطر الإدارة الإسبانية إلى حله.
للإشارة، فإن أغلب مؤسسي أو أعضاء هذه الأحزاب ممن باقون في الحياة هم أعضاء الكوركاس أو من أعيان الصحراء أو في مناصب "مسؤوليات".
♦♦♦
داخل هذا الحركية، سيؤسس شباب من طلبة الرباط ومراكش، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، البوليزاريو، سنة 1973 بالزويرات، بقيادة المصطفى الوالي السيد، الذي كان همه الأساسي طرد المستعمر الإسباني، لهذا ذهب لحشد الدعم من الأحزاب السياسية المغربية، التي صدته ورفضت فكرته، بل قيل له "خلي عليك السياسة للكبار"... حينها سيغير الوجهة وسيتلقى الدعم العسكري أولا من معمر القذافي الذي كان يسعى للتدخل في المنطقة، إلا أن هواري بومدين سيسد هذه الطريق وسيقدم كل الدعم للجبهة المالي والعسكري والتدريب... وذلك في شهادة السالك المحجوب منسق تيار خط الشهيد على قناة فرانس 24 في برنامج ضيف ومسيرة.
♦♦♦
1975، سوف يتم تنظيم المسيرة الخضراء وفي نفس السنة سوف يتم توقيع المعاهدة الثلاثية بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا، تتعلق بانسحاب إسبانيا من المنطقة وتقسيم الصحراء إلى جزئين الشمالي للمغرب، والجنوبي لموريتانيا، وسنة 1979، تخلت موريتانيا عن جزئها الجنوبي ليضمه المغرب (وسيبقى من "مخلفات" هذه الاتفاقية مدينة "الكويرات").
♦♦♦
ويبقى في الختام أمام كل هاذ الزخم التاريخي، أين كانت وأين هي البوليزاريو المُنشأة سنة 1973؟؟؟
♦♦♦
س:
الوثيقة المرفقة إلى جانب رسم لخريطة معاهدة لالة مغنية هي وثيقة من الأرشيف الفرنسي والتي هي عبارة عن مراسلة يرجع تاريخها إلى شهر ماي من سنة 1962 وكانت موجهة إلى السلطات الفرنسية بالعاصمة باريس تفيد أن سكان منطقة تندوف يعتبرون أنفسهم مغاربة، ويرفضون مطلقا المشاركة في الاستفتاء الذي أدى إلى استقلال الجزائر لاحقا.