كلنا خارجات وخارجون عن القانون.. مرور سنة على المبادرة المغربية للدفاع عن الحريات الفردية
الكاتب :
"الغد 24"
مرت، حاليا، سنة كاملة على مبادرة "خارجة عن القانون"، التي أطلقت عريضة للدفاع عن الحريات الفردية، والتي كانت تزامنت مع قضية الصحافية هاجر الريسوني، التي كان صدر ضدها حُكم بالسجن لمدة عام بتهمتي "الإجهاض" و"إقامة علاقة خارج إطار الزواج"، قبل أن يتم الإفراج عنها بعفو ملكي.
وجاءت مبادرة إطلاق العريضة بناء على الفصل 15 من الدستور المغربي، الذي يتيح تقديم عرائض للسلطات العمومية لإجراء تعديل على القوانين، وضمن هذه القوانين المستهدفة هناك الفصل 490 من القانون الجنائي، الذي يجرّم العلاقات الجنسية الرضائية بعقوبة سجنية من شهر إلى سنة...
وحظيت هذه المبادرة المغربية باعتراف دولي، من خلال تتويجها بجائزة سيمون دي بوفوار لحرية المرأة لسنة 2020، وسيجري تقديم الجائزة من طرف مؤسسة "سيمون دي بوفوار"، من خلال سيلفي، وهي ابنة الكاتبة الفرنسية الكبيرة سيمون دي بوفوار، في حين ستكون مبادرة "خارجة عن القانون" ممثلة بكل من ليلى السليماني وصونيا التراب وكريمة نادر، وسينظم الحفل يوم 9 يناير بمقر المركز الثقافي "دار أمريكا اللاتينية" في باريس.
وبمناسبة مرور سنة على مبادرة "خارجة عن القانون"، تسعى منسقات المبادرة إلى استئناف توقيع العريضة، التي وصل عدد الموقعات والموقعين عليها إلى 3 آلاف توقيع، في حين يحدد القانون التنظيمي للعرائض رقم 5 آلاف توقيع ليُتاح للمنظمين تقديم العريضة إلى السلطات العمومية...
استئناف المبادرة يأتي، حسب البيان الصادر بالمناسبة، من أجل وضع حد لتجريم حرية الجسد، الذي قالت المنسقات إنه قد يشكل أضرارا نفسية واجتماعية جد مدمرة، وعواقبه مروعة، من اغتصاب وبيدوفيليا وتحرش وقتل وانتحار، وتزايد صارخ لعدد الأطفال المتخلى عنهم في مكبات النفايات وعلى الأرصفة وفي العراء!
وشددت المنسقات، في البيان ذاته، على أن رفع التجريم عن الحريات الفردية سيساهم في التخلص من هذه الظواهر التي تقصم ظهر المجتمع وتعيق أية مساع للتنمية.
وفي ما يلي نص البيان:
مرت سنة كاملة!
منذ سنة مرت، كنا أزيد من 15 ألف موقعة وموقعا على مانفيستو "خارجة على القانون" عقب اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، والذي افتتحناه بعبارات: "نحن مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف أننا خارجات وخارجون عن القانون". وقد كان العفو الملكي، الذي استفادت منه هاجر بمثابة مؤشر مطمئن، بالرغم من هذا الاطمئنان كان لحظيا.
فالمغرب يغص بمئات، بل آلاف الضحايا الأخريات، والضحايا الآخرين، بشكل مباشر أو غير مباشر، لتجريم الحريات الفردية. يكتبن ويكتبون لنا جميعا كل يوم، لكي يمدونا بشهادات عن حيواتهم وأحلامهم التي تغتالها هذه القوانين، لكي يشكرونا على حمل أصواتهم، أو لطلب أو لعرض المساعدة.
لقد أدركنا بأن عملنا أثار موجة من الأمل وقررنا مواصلتها بشعار واحد: "كلنا خارجات وخارجون عن القانون حتى يتغيّر القانون".
لقد كانت أول خطوة إجرائية سلكناها هي استعمال إحدى الوسائل التي يتيحها الدستور المغربي 2011 للإسهام في تشجيع المواطنين على الانخراط والمشاركة المباشرة في تدبير الشأن العام، فأطلقنا عريضة برلمانية من أجل الدفاع عن الحريات الفردية والمطالبة بإلغاء القوانين المجرمة لها. وقد تمكنا بمساعدتكن ومساعدتكم من جمع ما يقارب 3000 آلاف توقيع أي أكثر من نصف العدد المطلوب، لولا أن ظروف جائحة كورونا فرضت تعليق جميع التحركات الممكنة. وخلال هذه التجربة واجهنا واقعا يشهد جليا على ضعف بل شبه انعدام الثقة لدى فئة واسعة من الشباب إزاء الأحزاب السياسية والعملية الانتخابية، جلهن وجلهم غير مسجلين في القوائم الانتخابية ولا يريدون ذلك، فهم لا يشعرون بأنهم ينتمون إلى هذا المغرب.
لقد كان انخراطكن وانخراطكم في حملتنا دعما ثمينا مكننا من تحصيل جائزة سيمون دو بوفوار للدفاع عن حرية النساء، إنها جائزتنا جميعا، وهذا الاعتراف يملأنا بالعزيمة لنستمر في هذا الدرب معكن ومعكم!
نحن متعطشون لنستأنف جمع التوقيعات على العريضة، لنلتقي بأشخاص يعلموننا الكثير.
شبابنا الذي يغيرنا. نشعر بالتواضع أمامهم، شباب ذكي ومثابر، متعطش للحرية والرغبة في تغيير العالم. نستمع لأحلامهم وغضبهم وموسيقاهم... ونستلهم منهن ومنهم كل يوم كيف نحمل صوت الحرية.
إن ظهور وباء كوفيد-19 جعلنا نعود إلى قاعدتنا الرقمية وهي مكون قوي في هويتنا: الشباب على الشبكات الاجتماعية. ومع أن التحركات في الميدان ممنوعة، إلا أن حملات الإنترنت لها تأثيرها، الذي لا يقل أهمية في ظروف كظروف الجائحة، فكنا في طليعة المتحركين لدعم الأشخاص الذين تعرضوا للتشهير، مثل ما حدث في فضيحة صوفيا تالوني، وآلاف الأشخاص من مجتمع +LGBTQ (يُستعمل هذا المصطلح لوصف الهوية الجنسية للشخص، وهو اختصار للمثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحوّلين جنسيا. محرر "الغد 24").
لقد اكتشفنا، من خلال الآلاف من الشهادات التي توصلنا بها، قبل وخصوصا خلال فترة الحجر بأن الكثير من المراهقات والمراهقين والشابات والشباب يعانون من أفكار انتحارية، نحاول أن نستمع لهم قدر الإمكان، أن نقدم لهم بدائل.. لكن يجب أن نكون قادرين على تقديم المزيد، ونحن نتطلع لذلك!
إن تجريم حرية الجسد قد يشكل أضرارا نفسية واجتماعية جد مدمرة، وعواقبه مروعة: من اغتصاب وبيدوفيليا وتحرش وقتل وانتحار، وتزايد صارخ لعدد الأطفال المتخلى عنهم في مكبات النفايات وعلى الأرصفة وفي العراء!
لقد صرخنا وسنصرخ إلى أن يسمعها المسؤولون وأصحاب القرار: إن رفع التجريم عن الحريات الفردية سيساهم في التخلص من هذه الظواهر التي تقصم ظهر المجتمع وتعيق أية مساع للتنمية.
مرت سنة، حالفنا الحظ خلالها بلقاءات رائعة، مفعمة بالحماس والعزيمة والآمال في مغرب أفضل، مغرب يضمن للحريات مكانتها ويحرص على حمايتها.
لكنها فقط بداية مغامرة كبيرة سنعيشها معكن ومعكم جميعا، من خلال حضور وعمل ميداني مثابر وحملات وأشكال نضالية مبتكرة تقترب أكثر مما نستلهمه منكن ومنكم.
الآن وأكثر من أي وقت مضى، سنسعى بجهد لنحرر الكلمة كلمتكن وكلمتكم، ونطرق الأبواب كلها من أجل إلغاء القوانين السالبة للحريات. فقد خلقنا باسمها على أفواهنا قبل أن نتعلم الكلمة حتى: الحرية.
ما زلنا على العهد: كلنا خارجات وخارجون عن القانون حتى يتغيّر القانون.